لا تبتسم الحياة لكثير من اللاجئين السوريين في تركيا. يعاني هؤلاء الأمرّين لإيجاد عمل، وغالباً ما يُضطرون إلى العمل في مهن ربما يكتشفونها للمرة الأولى
على الرغم من أن تركيا تعدّ إحدى أفضل دول الجوار في ما يتعلق بالتعامل مع اللاجئين السوريين، إلا أن الحصول على فرصة عمل مناسبة تبقى مشكلة يواجهها السوريون في البلاد. وإذا ابتسم الحظ في وجه أحدهم، تبقى عليه مواجهة مشاكل كبيرة لتأمين تكاليف الحياة اليومية، خصوصاً أن تشغيل السوريين يحصل بشكل غير رسمي وبأجور منخفضة، علماً أن معظم السوريين لا يملكون أذون عمل نظامية.
القانون التركي يضع كثيراً من القيود على تشغيل الأجانب، بحسب ما يقول رئيس جمعية حقوق اللاجئين الدولية أوغور يلدرم الذي يلفت إلى أن الأمر لا يجب أن يشمل اللاجئين السوريين، بل لا بد من العمل على تسهيل عمل هؤلاء. يضيف أن بحسب الأرقام التي حصل عليها من أحد المسؤولين في وزارة العمل، فإن أذون العمل التي منحت للاجئين السوريين في العام الماضي، وصلت إلى نحو 3700 إذن، وهو رقم ضئيل في ظل وجود مليوني لاجئ.
ويوضح يلدرم أن الصعوبات التي يواجهها السوريون ترتبط بثلاثة عوامل، وهي قصور القوانين التركية عن مواكبة تدفق مليوني لاجئ سوري، وعدم اعتياد المواطن التركي على تشغيل الأجانب، ما يدفع أصحاب العمل إلى استغلال حاجة السوريين وتشغيلهم بأجور زهيدة ومن دون تأمينات، بالإضافة إلى افتقاد كثير من السوريين للأوراق الثبوتية اللازمة في الوقت الذي تتعمّد وزارة التعليم السورية عدم الرد على طلبات هيئة التعليم التركية بالتحقق من صحة الشهادات المقدّمة لها.
في هذا السياق، يخبر الطبيب أحمد (45 عاماً) المتخصّص في الأمراض الداخلية وأمراض المفاصل والروماتيزم، أنه جاء إلى تركيا قبل عام برفقة والده وزوجته وطفليه. يقول: "قبل الحرب، كانت لدي عيادتي الخاصة، وكنت أعمل في أحد المستشفيات الحكومية. وبسبب ندرة اختصاصي، كان يقصدني عدد كبير من المرضى وكانت أحوالي المادية جيدة. وبعدما ساءت الأوضاع بشكل كبير، قررت المغادرة إلى تركيا والعمل في أحد المراكز الطبية. لكن حتى ولو تعلّمت اللغة التركية، فقد أوقفت إدارة التعليم تعديل شهادات السوريين، ما اضطرني إلى العمل مع السوريين في مركز طبي خيري". يتابع أنه يتقاضى ما بين 400 و800 دولار أميركي شهرياً، بحسب عدد المرضى، علماً أن المبلغ يبدو تافهاً بالمقارنة مع ما يجنيه زملاؤه الأتراك. وهو ما دفعه إلى التوجه إلى اليونان في وقت لاحق، أملاً في الوصول إلى ألمانيا واستئناف مهنته.
من جهته، يعمل المحامي عبد القادر (37 عاماً) في أحد معامل حياكة الألبسة الجاهزة مذ وصل إلى تركيا برفقة ولديه وزوجته قبل عامين. في حلب، كان قد عمل في مجال المحاماة لمدة عشرة أعوام. لكن بعد الحرب، خسر عمله بسبب الانهيار شبه الكامل للدولة والمحاكم الرسمية، ولجوء المواطنين إلى الشخصيات الاعتبارية المحلية وقيادات الفصائل المقاتلة وضباط النظام لحل مشاكلهم.
يقول عبد القادر: "حاولت البحث عن عمل في مجالي في المنظمات السورية في تركيا، أو تلك الحكومية السورية التابعة للمعارضة. لكن بسبب المحسوبيات، لم أحصل على أي وظيفة. وبعد أشهر من البحث، كان لا بد لي من إيجاد عمل، مهما كان". يضيف: "عملت لأكثر من عام في معمل لصناعة الملابس الجاهزة. كانت ظروف العمل صعبة للغاية. وبما أنني لا أجيد الخياطة، عملت في كل شيء بدءاً من ترتيب الثياب وتنظيفها من الشوائب وفحصها وكيّها. وكان كل من يعلم أنني محام يحزن على حالي. وكنت أضطر إلى السير من منزلي إلى العمل يومياً لأنني لم أكن قادراً على استخدام وسائل النقل". يتابع: "بعد عام، أصبت بآلام شديدة في ظهري وركبتي، وطلب مني الطبيب الاستراحة في المنزل لتعمل زوجتي مكاني. عكفت على تعلم اللغة التركية. وبمساعدة جيراني، حصلت على عمل في مكتب أحد المحامين، ولكن ليس كمحام، بل كمترجم لأنه لا يحق للسوريين تعديل شهاداتهم في الحقوق في تركيا، كما لا يمكننا الحصول على إذن عمل نظامي".
بدوره، يشير محمد علي (25 عاماً) إلى أنه تخرّج من كليّة الصيدلة على الرغم من الصعوبات الكبيرة التي واجهها مع بدء الحرب في سورية. وعلى الرغم من عمله لوقت قصير في إحدى الصيدليات في سورية، قرر ترك البلاد بسبب تردّي الأوضاع أخيراً، ليأتي وزوجته إلى إسطنبول. في البلد الجديد، بدأ العمل في إحدى الصيدليات التابعة لأحد المراكز الطبية التي تقدم الخدمات للسوريين فقط. يقول: "أشعر بأنني محظوظ. على الأقل، ما زلت أعمل في مجال دراستي على الرغم من أن القوانين التركية لا تسمح للأجانب بالعمل في مجال الصيدلة". يضيف: "حلمت أن تكون لي صيدلية في سورية. لكن الحرب قضت على هذا الحلم لأجد نفسي في إسطنبول. أما زوجتي، فما زالت من دون عمل، وبالكاد يكفي راتبي لتغطية بدل إيجار المنزل والمستلزمات الضرورية". حالُ علي لا يختلف عن حال فيصل (38 عاماً)، وهو صيدلي يعمل مشرفاً في أحد أفران الخبز السوري في إسطنبول، وقد وصل تركيا قبل نحو عام ونصف العام برفقة زوجته وأطفاله الثلاثة. يقول: "عملت في مجال الصيدلة لمدة 12 عاماً، وكانت أملك صيدلية في إدلب. لكن كل شيء ذهب مع الحرب. أردت العمل في مهنتي هنا، لكن بدا الأمر مستحيلاً ليس فقط لأنه علي تعلم اللغة التركية، وإنما لأن قانون العمل التركي لا يسمح لغير المواطنين الأتراك بالعمل في هذه المهنة. وبعد ثلاثة أشهر من دون عمل، كان لا بد لي من إيجاد أي شيء لإطعام أطفالي وتعليمهم". يتابع: "أشتاق إلى حياتي السابقة، ولولا خوفي على أطفالي لعدت إلى سورية. لو كنت أملك المال، لما ترددت بالسفر إلى أوروبا".
لا تتوقّف صعوبات إيجاد عمل مناسب على السوريّين الذين لا يملكون الجنسية التركية فقط. يوسف (37 عاماً) وهو أستاذ لغة عربية سابق في إحدى ثانويات دمشق، غادر سورية بعد اندلاع الحرب وتوجه إلى تركيا، ظناً منه أن امتلاكه الجنسية التركية قد يسهل عليه إيجاد فرصة عمل وإعادة بناء حياته. إلا أن ذلك لم يحصل. يضيف: "لا يعترفون بشهادتي هنا وهي بحاجة إلى تعديل، لكن لم يعد تعديل شهادات الجماعات السورية ممكناً، إذ إن وزارة التعليم السورية تعاقب المواطنين مرة أخرى بعدم التجاوب مع إدارة التعليم العالي التركية".
اقرأ أيضاً: لاجئون سوريون عازمون على بدء حياة جديدة في تركيا
على الرغم من أن تركيا تعدّ إحدى أفضل دول الجوار في ما يتعلق بالتعامل مع اللاجئين السوريين، إلا أن الحصول على فرصة عمل مناسبة تبقى مشكلة يواجهها السوريون في البلاد. وإذا ابتسم الحظ في وجه أحدهم، تبقى عليه مواجهة مشاكل كبيرة لتأمين تكاليف الحياة اليومية، خصوصاً أن تشغيل السوريين يحصل بشكل غير رسمي وبأجور منخفضة، علماً أن معظم السوريين لا يملكون أذون عمل نظامية.
القانون التركي يضع كثيراً من القيود على تشغيل الأجانب، بحسب ما يقول رئيس جمعية حقوق اللاجئين الدولية أوغور يلدرم الذي يلفت إلى أن الأمر لا يجب أن يشمل اللاجئين السوريين، بل لا بد من العمل على تسهيل عمل هؤلاء. يضيف أن بحسب الأرقام التي حصل عليها من أحد المسؤولين في وزارة العمل، فإن أذون العمل التي منحت للاجئين السوريين في العام الماضي، وصلت إلى نحو 3700 إذن، وهو رقم ضئيل في ظل وجود مليوني لاجئ.
ويوضح يلدرم أن الصعوبات التي يواجهها السوريون ترتبط بثلاثة عوامل، وهي قصور القوانين التركية عن مواكبة تدفق مليوني لاجئ سوري، وعدم اعتياد المواطن التركي على تشغيل الأجانب، ما يدفع أصحاب العمل إلى استغلال حاجة السوريين وتشغيلهم بأجور زهيدة ومن دون تأمينات، بالإضافة إلى افتقاد كثير من السوريين للأوراق الثبوتية اللازمة في الوقت الذي تتعمّد وزارة التعليم السورية عدم الرد على طلبات هيئة التعليم التركية بالتحقق من صحة الشهادات المقدّمة لها.
في هذا السياق، يخبر الطبيب أحمد (45 عاماً) المتخصّص في الأمراض الداخلية وأمراض المفاصل والروماتيزم، أنه جاء إلى تركيا قبل عام برفقة والده وزوجته وطفليه. يقول: "قبل الحرب، كانت لدي عيادتي الخاصة، وكنت أعمل في أحد المستشفيات الحكومية. وبسبب ندرة اختصاصي، كان يقصدني عدد كبير من المرضى وكانت أحوالي المادية جيدة. وبعدما ساءت الأوضاع بشكل كبير، قررت المغادرة إلى تركيا والعمل في أحد المراكز الطبية. لكن حتى ولو تعلّمت اللغة التركية، فقد أوقفت إدارة التعليم تعديل شهادات السوريين، ما اضطرني إلى العمل مع السوريين في مركز طبي خيري". يتابع أنه يتقاضى ما بين 400 و800 دولار أميركي شهرياً، بحسب عدد المرضى، علماً أن المبلغ يبدو تافهاً بالمقارنة مع ما يجنيه زملاؤه الأتراك. وهو ما دفعه إلى التوجه إلى اليونان في وقت لاحق، أملاً في الوصول إلى ألمانيا واستئناف مهنته.
من جهته، يعمل المحامي عبد القادر (37 عاماً) في أحد معامل حياكة الألبسة الجاهزة مذ وصل إلى تركيا برفقة ولديه وزوجته قبل عامين. في حلب، كان قد عمل في مجال المحاماة لمدة عشرة أعوام. لكن بعد الحرب، خسر عمله بسبب الانهيار شبه الكامل للدولة والمحاكم الرسمية، ولجوء المواطنين إلى الشخصيات الاعتبارية المحلية وقيادات الفصائل المقاتلة وضباط النظام لحل مشاكلهم.
يقول عبد القادر: "حاولت البحث عن عمل في مجالي في المنظمات السورية في تركيا، أو تلك الحكومية السورية التابعة للمعارضة. لكن بسبب المحسوبيات، لم أحصل على أي وظيفة. وبعد أشهر من البحث، كان لا بد لي من إيجاد عمل، مهما كان". يضيف: "عملت لأكثر من عام في معمل لصناعة الملابس الجاهزة. كانت ظروف العمل صعبة للغاية. وبما أنني لا أجيد الخياطة، عملت في كل شيء بدءاً من ترتيب الثياب وتنظيفها من الشوائب وفحصها وكيّها. وكان كل من يعلم أنني محام يحزن على حالي. وكنت أضطر إلى السير من منزلي إلى العمل يومياً لأنني لم أكن قادراً على استخدام وسائل النقل". يتابع: "بعد عام، أصبت بآلام شديدة في ظهري وركبتي، وطلب مني الطبيب الاستراحة في المنزل لتعمل زوجتي مكاني. عكفت على تعلم اللغة التركية. وبمساعدة جيراني، حصلت على عمل في مكتب أحد المحامين، ولكن ليس كمحام، بل كمترجم لأنه لا يحق للسوريين تعديل شهاداتهم في الحقوق في تركيا، كما لا يمكننا الحصول على إذن عمل نظامي".
بدوره، يشير محمد علي (25 عاماً) إلى أنه تخرّج من كليّة الصيدلة على الرغم من الصعوبات الكبيرة التي واجهها مع بدء الحرب في سورية. وعلى الرغم من عمله لوقت قصير في إحدى الصيدليات في سورية، قرر ترك البلاد بسبب تردّي الأوضاع أخيراً، ليأتي وزوجته إلى إسطنبول. في البلد الجديد، بدأ العمل في إحدى الصيدليات التابعة لأحد المراكز الطبية التي تقدم الخدمات للسوريين فقط. يقول: "أشعر بأنني محظوظ. على الأقل، ما زلت أعمل في مجال دراستي على الرغم من أن القوانين التركية لا تسمح للأجانب بالعمل في مجال الصيدلة". يضيف: "حلمت أن تكون لي صيدلية في سورية. لكن الحرب قضت على هذا الحلم لأجد نفسي في إسطنبول. أما زوجتي، فما زالت من دون عمل، وبالكاد يكفي راتبي لتغطية بدل إيجار المنزل والمستلزمات الضرورية". حالُ علي لا يختلف عن حال فيصل (38 عاماً)، وهو صيدلي يعمل مشرفاً في أحد أفران الخبز السوري في إسطنبول، وقد وصل تركيا قبل نحو عام ونصف العام برفقة زوجته وأطفاله الثلاثة. يقول: "عملت في مجال الصيدلة لمدة 12 عاماً، وكانت أملك صيدلية في إدلب. لكن كل شيء ذهب مع الحرب. أردت العمل في مهنتي هنا، لكن بدا الأمر مستحيلاً ليس فقط لأنه علي تعلم اللغة التركية، وإنما لأن قانون العمل التركي لا يسمح لغير المواطنين الأتراك بالعمل في هذه المهنة. وبعد ثلاثة أشهر من دون عمل، كان لا بد لي من إيجاد أي شيء لإطعام أطفالي وتعليمهم". يتابع: "أشتاق إلى حياتي السابقة، ولولا خوفي على أطفالي لعدت إلى سورية. لو كنت أملك المال، لما ترددت بالسفر إلى أوروبا".
لا تتوقّف صعوبات إيجاد عمل مناسب على السوريّين الذين لا يملكون الجنسية التركية فقط. يوسف (37 عاماً) وهو أستاذ لغة عربية سابق في إحدى ثانويات دمشق، غادر سورية بعد اندلاع الحرب وتوجه إلى تركيا، ظناً منه أن امتلاكه الجنسية التركية قد يسهل عليه إيجاد فرصة عمل وإعادة بناء حياته. إلا أن ذلك لم يحصل. يضيف: "لا يعترفون بشهادتي هنا وهي بحاجة إلى تعديل، لكن لم يعد تعديل شهادات الجماعات السورية ممكناً، إذ إن وزارة التعليم السورية تعاقب المواطنين مرة أخرى بعدم التجاوب مع إدارة التعليم العالي التركية".
اقرأ أيضاً: لاجئون سوريون عازمون على بدء حياة جديدة في تركيا