واصلت قوات النظام والمليشيات المساندة لها عمليتها العسكرية في الريف الشرقي لمحافظة السويداء جنوب سورية، بهدف القضاء على تنظيم "داعش" في المنطقة، التي أحرزت فيها تلك القوات تقدماً بطيئاً خلال اليومين الماضيين، فيما هاجم التنظيم منذ ليلتين، نقطة متقدمة لمجموعة تتبع الحزب السوري القومي الاجتماعي، المُساند لقوات النظام في هذه المعارك، أسفرت عن مقتل وجرح عدد من عناصره.
في هذا السياق، تواصلت المعارك في ريف السويداء الشرقي طوال يوم أمس الثلاثاء، وأكدت وسائل إعلام النظام بأن "سلاحي الجو والمدفعية نفذا ضربات مركزة ودقيقة على تحركات وآليات لإرهابيي داعش في مناطق الوعر وأرض الكراع ومزاريع الخطيب وصنيم الغرز، وإلى الشرق من دياثة وخربة الحصن وتل رزين على عمق يتراوح بين 15 و30 كيلومتراً من قرى الريف الشرقي والشمالي الشرقي".
في موازاة ذلك، أكدت مصادر ميدانية في السويداء، مقتل عددٍ من قوات النظام ومجموعة تتبع الحزب السوري القومي، في هجومٍ نفذه انتحاري من "داعش" ليل الاثنين - الثلاثاء، على نقطةٍ متقدمة في خط المواجهة بين الجانبين. وقالت المصادر، إن "الانتحاري فجر نفسه في حاجزٍ يقع شرقي قرية دوما، الواقعة إلى الشرق من محافظة السويداء بنحو 24 كيلومتراً".
من جهته، ذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، أن "4 قتلى من الحزب السوري القومي الموالين لقوات النظام قُتلوا جراء الهجوم الانتحاري"، فيما "ارتفع إلى أكثر من 16 عدد قتلى التنظيم، بينهم انتحاري، ممن قُتلوا منذ بدء العمليات العسكرية لقوات النظام والمسلحين الموالين لها والمسلحين القرويين في باديتي السويداء الشرقية والشمالية الشرقية".
وبدا سياق معركة شرقي السويداء على غرار كل معارك النظام مع "داعش"، عاملة بوتيرة بطيئة جداً، مع إمكانية اختراق التنظيم بعمليات انتحارية لصفوف النظام، علماً أن النظام اتبع في كل معاركه مع فصائل المعارضة استخدام قوة نارية هائلة من سلاح الطيران واستخدام كل أنواع الأسلحة باتباع أسلوب التدمير الشامل للمنطقة، وارتكاب المجازر بحقّ المدنيين كنوع من الضغط على فصائل المعارضة. وقبل معركة شرقي السويداء كانت معركة السيطرة على المنطقة الجنوبية التي ضمّت فصائل من المعارضة وحوض اليرموك الذي ضمّ "داعش"، إذ اعتمد النظام بمؤازرة الطيران الروسي على حرق بعض القرى وتدميرها بشكل كامل مع تحذيرات للمعارضة بأن "مصير كل المدن سيكون مثلها في حال لم تقبل بالمصالحة"، فيما سارت معركته الثانية في حوض اليرموك بوتيرة أبطأ وكثافة نارية أقل انتهت بنقل عناصر التنظيم إلى مناطق سيطرتهم في البادية.
إلا أن معركة النظام في شرقي السويداء، وإن كانت تسير بنفس الوتيرة التي سارت فيها معركته في حوض اليرموك، لكنها تشبه بشكل أكثر معارك النظام مع التنظيم في منطقة شرق سلمية، التي ينتمي سكانها إلى الأقلية الإسماعيلية، والتي يحاول النظام من خلالها استثمار "داعش"، بالترويج دولياً إلى أنه "حامي الأقليات"، وبنفس الوقت توجيه رسائل لسكان المنطقة أن البديل عن النظام هو "داعش". ففي ريف حماة الشرقي بقي التنظيم متروكاً، من دون وجود قوات للنظام تحمي حدود مناطق الريف من هجمات محتملة، إلى أن حصلت هجمات عدة، كان أكبرها مجزرة المبعوجة التي قتل خلالها التنظيم عدداً من أبناء البلدة، فيما سرقت مليشيا الدفاع الوطني البلدة من دون تدخل من قوات النظام، التي استنفرت بعد المجزرة بأيام، وبعد أن أظهرت للعالم أن مناطق الأقليات مهددة بالإرهاب، وأنها تحمي الأقليات من هذا الإرهاب. وعاد ذات السيناريو للتكرار في محافظة السويداء، ولكن بشكل أكثر فظاعة إذ اقتحم عناصر من تنظيم "داعش" في 25 يوليو/تموز الماضي، تسع قرى في ريف السويداء الشرقي واستطاعوا الوصول إلى مركز المحافظة ونفذوا مذبحة مروعة بأهالي المنطقة وخطفوا 30 مواطناً منهم معظمهم من النساء والأطفال، لم تتحرك قوات النظام لنجدتهم إلا بعد 36 ساعة من حصول المجزرة.
وبدأت قوات النظام فعلياً منذ مساء الأحد الماضي، عملية عسكرية برية بهدف القضاء على التنظيم في ريف المحافظة الشرقي. وفي ريف اللاذقية الشمالي تعرضت مواقع عسكرية لقوات النظام السوري، لهجومٍ صباح أمس الثلاثاء، إذ أكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن "الهجوم مصدره (كتيبة أنصار الدين)، استهدف موقعاً عسكرياً للواء 144، بمحور الصراف في ريف اللاذقية الشمالي، وأدى لسقوط قتلى وجرحى". وقد أكدت وسائل إعلام النظام الهجوم لكن بعضها، قال إن "القوات التي تعرضت للهجوم أفشلته، من دون أن تتكبد خسائر بشرية، باستثناء سقوط جرحى"، في الوقت الذي نشرت فيه صفحات موالية للنظام على "فيسبوك" صوراً لبعض من قالت إنهم "عناصر النظام الذين قُتلوا في الهجوم".
وقصفت مدفعية النظام قبل ظهر أمس، مواقع عدة خارج سيطرتها، في جبلي الأكراد والتركمان، قريباً من محور الصراف الذي شهد الهجوم صباحاً. إلا أن هذا القصف لم يُعتبر رداً مباشراً على الهجوم، إذ أن قوات النظام تقصف منذ أسابيع بشكل شبه يومي هذه المناطق، في الوقت الذي ترشحت فيه معلوماتٌ، عن عزمها فتح عملية عسكرية، في جسر الشغور غربي إدلب، القريبة من ريف اللاذقية الشمالي. وفي الأسبوع الثاني من الشهر الماضي، قُتل ما لا يقل عن 27 عنصراً من قوات النظام خلال هجومٍ مماثل، تعرضت له مواقعهم، قرب منطقة عطيرة بريف اللاذقية الشمالي. وأشار "المرصد السوري" في حينها، إلى أن "أعداد الخسائر البشرية تواصل ارتفاعها نتيجة الهجوم العنيف الذي شهدته جبال اللاذقية الشمالية، إذ ارتفعت إلى 27 على الأقل ضمنهم 8 ضباط".
وأضاف أن الهجوم "تسبب بإصابة أكثر من 40 آخرين من عناصر قوات النظام وحلفائها، فيما لا تزال أعداد القتلى قابلة للازدياد لوجود جرحى بحالات خطرة، في حين تسببت الاشتباكات كذلك بسقوط خسائر بشرية في صفوف الفصائل المهاجمة المنطقةَ".
وكانت مصادر محلية أوضحت وقتها لـ"العربي الجديد"، أن "الهجوم نفذه مقاتلون، يرجح أنهم يتبعون كتيبة أنصار الإسلام، إذ شنوا عمليةً ليليةً ضد نقاطٍ لقوات النظام، في قرى الصراف والزيارة عند جبل التركمان".