27 أكتوبر 2024
مواجهة داعش... "العتمة السوسيولوجية"
بغض الطرف عمّا ستؤول إليه المعارك الحالية في الموصل، وعن مصير داعش بعد ذلك في الرقة وريف دير الزور، والمناطق التي يسيطر عليها في العراق وسورية، فإنّ المشكلة الجوهرية، في المقاربات العالمية والإقليمية والمحلية، في التعامل مع موضوع داعش تكمن في افتقارها إلى النظر العميق إلى البنية السوسيولوجية (المجتمعية)، التي ترتبط بصعود التنظيم، والاكتفاء بمعالجة الجانب العسكري والتنظيمي فقط.
السوسيولوجيا هي التي تمثّل الشروط والروافع الصلبة (المتغير المستقل الحقيقي) في تفسير صعود التنظيم وأخواته من الحركات الراديكالية، وفي قدرته على إعادة الهيكلة مرّة أخرى، مثلما حدث معه سابقاً في العراق 2007-2008، أو حتى حدث مع حركة طالبان في أفغانستان بعد الحرب الأفغانية 2002.
يتجاهل الجميع اليوم أسئلة ونقاشات وقضايا كبرى جوهرية، ارتبطت بصعود التنظيم وقدرته على التجنيد، وجاذبيته غير المسبوقة، في العالم بأسره، خصوصاً بين الشباب ذكوراً وإناثاً، من مختلف دول العالم، بدايةً من العراق وسورية، حيث تعانق وجوده بسيسيولوجيا الأزمة السنّية، مروراً بالعالم العربي السنّي مع سيسيولوجيا ما بعد الربيع العربي، وحالة الإحباط والاحتقان والثورات المضادة، وصولاً إلى أوروبا، حيث سيسيولوجيا الهوية في أوضح أزماتها. وهكذا، لو تأملنا أي جماعة أو ولاية أو خلايا أو ذئاب منفردة في العالم مرتبطة بالتنظيم، سنجد أنّ الجانب السيسيولوجي تحديداً يلعب دوراً مهماً وأساسياً في توفير التربة الخصبة والشروط المناسبة لصعود التنظيم وتفشّيه وانتشاره.
الأسئلة المطروحة حالياً في الدوائر الأمنية والعسكرية، وحتى الإعلامية، الغربية أولاً والعربية ثانياً، أصبحت تقفز مباشرة إلى النتائج العملية المباشرة، من دون أن تُطرح على المقدمات والشروط، فهذه الأسئلة تتمحور حول الطريقة المثلى لهزيمة التنظيم في الموصل؟ وأين سيتجه أبناؤه وأعضاؤه بعد الهزيمة في الموصل؟ وما هي حالته في الرقّة؟ هل هو متماسكٌ وقويٌّ أم ضعيف؟ وكيف سيتم التعامل مع العائدين من أبناء التنظيم إلى مجتمعاتهم ودولهم؟ فيما الأسئلة المهمة المفتاحية التي تمثل المقاربة الاستراتيجية بعيدة المدى شبه غائبة، أو مغيّبة عن التفكير لدى المسؤولين والدول، مثل السؤال عن الدوافع والأسباب التي تجعل لأيديولوجيا التنظيم تأثيراً كبيراً على نسبة كبيرة من الشباب المسلم في أوروبا؟ ما هي العوامل السيسيولوجية التي تعطي قوة وفعاليةً لدعاية التنظيم الدموية والكارثية؟ والحال نفسها بالنسبة للشباب العربي؟ لماذا نجح التنظيم في التأثير على هؤلاء الشباب النشيط، بينما فشلت المؤسسات الدينية الرسمية والمعتدلة في صناعة الأثر نفسه؟
كيف يمكن أن نفهم ظاهرة الشهادة في صورتها "الانتحارية الراهنة" في أوساط شباب داعش
والحركات الجهادية الأخرى؟ فالمسافة بين الحياة والموت قصيرة، وربما لحظات بالمعنى الفيزيائي الزمني، لكنّها، بالبعد الثقافي النفسي، كبيرة جداً، فكيف يقطع أبناء داعش من هؤلاء الشباب تلك المسافة النفسية الثقافية بسهولةٍ بسيطة؟ كيف حدث ذلك على الصعيد السيكولوجي (من هو الانتحاري؟) وعلى الصعيد الاجتماعي (ما هي بيئته الاجتماعية؟).
من يراقب مواقع تنظيم داعش يجد أنّ هنالك صوراً لعشرات الانتحاريين العرب خلال الأيام الأولى في معركة الموصل، وحديث عن مئاتٍ منهم ينتظرون؟ كيف وصل هؤلاء الشباب إلى هذه المرحلة؟
عاطلون عن العمل، غير متعلّمين، فقراء، محرومون. كل تلك العناوين أصبحت بمثابة "أسطوانة مشروخة" غير مقنعة، بل تشير أغلب الدراسات والأبحاث والإحصائيات بشأن الشباب القاعدي والداعشي في أوروبا وأميركا، وحتى في دول عربية كثيرة، إلى أنّهم متعلمون، من أبناء الطبقة الوسطى، بعضهم لامع في مجالات متعددة.
يشير فرهارد خسرو خافار في كتابه "شهداء الله الجدد: في سوسيولوجيا العمليات الانتحارية"، إلى دراساتٍ عدة تتحدث عن شبابٍ من نوعية مختلفة، مغايرة تماماً لهذه الصورة النمطية، يقول "المقابلات التي أجريت منذ شهر نيسان/ أبريل 2001، في سجون فرنسية مع خمسة عشر سجيناً اتهموا بتشكيل عصبة مجرمين، بغرض القيام بنشاطات إرهابية، كشفت عن صورة مقلقة لأتباع القاعدة. الأمر لا يتعلق بأشخاص يتمتعون بذهنية متخلفة وتقليدية، ولا بضحايا الحداثة. وسواء أكانوا فرنسيين لأنهم ولدوا على الأراضي الفرنسية أو تجنسوا لاحقاً، فهم مشبعون تماماً بما يسمى الثقافة الغربية. أحدهم يتقن ست لغات، اثنان منهم يجيدان خمس لغات، والرابع ثلاثاً، والآخرون يلمون بالإنكليزية والعربية، بالإضافة إلى الفرنسية. تابعت أغلبيتهم دراستها الجامعية في فرنسا، الشرق الأوسط، أو بلدان أخرى"، ويمضي المؤلف في استعراض السيرة الذاتية ليضعنا أمام عقولٍ علمية متميزة.
هل هم انطوائيون منعزلون عن المجتمع؟ تلك أيضاً ليست نظرية عامة، فكثيرون من هؤلاء الشباب مقبلون على الحياة، وكانوا من عاشقي أندية كرة القدم أو الرياضة، كما يرصد الأنثروبولوجي المتخصص، سكوت أتران، في كتابه "الحديث إلى العدو: الدين والأخوة وصناعة الإرهابيين وتفكيكهم"، إذ يفنّد في كتابه فرضياتٍ عديدة عن هؤلاء الشباب، أبناء التنظيمات الإرهابية والأصولية، ويتحدّث عن أهمية شبكة العلاقات الأولية، مثل القرابة العشائرية والصداقة والجيرة في التجنيد، لكنّ الأهم هو في تعريف الحوافز والطبيعة التي تسم أغلب هؤلاء الشباب، إذ يقول "لا يرتكب الإرهابيون الإرهاب لأنّهم منتقمون بشكل استثنائي، أو غير مكترثين وفقراء، أو غير متعلمين ومذلولون، أو ينقصهم الاحترام الذاتي، أو تم تدريسهم أطفالاً في دين متطرف، أو تم غسل أدمغتهم، أو ذوو عقولٍ تميل إلى الإجرام أو انتحاريون أو متعطشون لممارسة الجنس مع العذارى في السماء، ليس الإرهابيون، في أغلب الأحيان، عدميين، إنهم متطرفون أخلاقياً، وهم مؤثرون، مشدودون إلى أمل أحمق".
ماذا لو انتقلنا إلى المشهد العربي، إلى المصريين، مثلاً، الذين ذهبوا إلى داعش. في تقرير مطوّل "في الطريق من رابعة إلى سوريا: كيف يذهب شباب الإخوان إلى الجهاد؟ لكل من محمود العناني وأسامة الصياد، يرصدان فيه هجرة شباب من جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وأغلبهم ممن شاركوا في اعتصام ميدان رابعة العدوية إلى الرقة، أي من الاعتدال إلى التطرف والتشدّد والإرهاب، ماذا حدث لهم؟ وما هي طبيعة هذه الرحلة، ليس على الصعيد الجغرافي، بل النفسي والثقافي، هو سؤال تجيب عليه الأوضاع في مصر، غداة الانقلاب العسكري، وما حدث للإخوان وأنصارهم من تعذيب واعتقالات وقتل، وصولاً إلى تصفية مباشرة، ما دفع شباباً كثيرين إلى اليأس، والتخلي تماماً عن أي إيمانٍ بمصداقية الديمقراطية وشعار "سلميتنا أقوى من رصاصهم".
لو كانت هنالك دراسات شبيهة في الأردن، سنجد أنّ الظاهرة الداعشية تحمل، نسبياً، سماتٍ مشابهة، فنحن أمام شبابٍ من الطبقة الوسطى، ممن تركوا دراساتهم وكلياتهم، منهم اثنان من أبناء النواب الأردنيين يدرسان الطب، ومن العشائر، ذهبوا إلى داعش، وهنالك مجموعة من الشباب الذين شاركوا في الحراك السلمي الشعبي انتقلوا إلى جبهة النصرة وداعش.
في الأثناء، أعمل مع صديقي الباحث حسن أبو هنية على كتاب جديد عن "الداعشيات"، في
تنظيم داعش. المذهل في الكتاب حجم التأثير الكبير للتنظيم على النساء والفتيات في دولٍ كثيرة. لكن في الحالة السعودية تحديداً، تلعب عوامل متعدّدة أدواراً مهمة وأساسية، فلأغلب الداعشيات والقاعديات أزواج معتقلون، أو قتلوا مع القاعدة في السعودية، أو أشقاء، وعدد منهن تعرّضن للاعتقال، وهنالك شبكة علاقات اجتماعية أساسية بينهن، وتلعب الهوية أيضاً دوراً مهماً في التجنيد والتعبئة، في المجتمع السعودي الذي تسود فيه أجواء الدعوة السلفية الوهابية، وتبدو النساء كأنّهن جزء من مجتمع "داعشي"، أو "قاعدي"، أخذ يتشكّل في العالم العربي، يتجاوز الرجال إلى الأطفال والنساء والعائلات، ما يشكل واقعاً سوسيولوجياً جديداً، من المفترض أن نتعامل معه لاحقاً، بخاصة بعد تفكيك التنظيم في العراق وسورية، وعودة العائلات والأطفال والنساء والمراهقين إلى دولهم الأصلية.
في الخلاصة؛ يجري تعتيم هذه المنطقة المهمة والرئيسية في التعامل مع داعش، وفهم أسرار جاذبيته وصعوده، أي السوسيولوجيا، بينما في المقابل يتم التركيز على الجوانب الأخرى، وتحديداً العسكرية، مما يؤدي إلى ترحيل المشكلة وتدحرجها، لا التعامل معها بصورة عميقة ودقيقة.
السوسيولوجيا هي التي تمثّل الشروط والروافع الصلبة (المتغير المستقل الحقيقي) في تفسير صعود التنظيم وأخواته من الحركات الراديكالية، وفي قدرته على إعادة الهيكلة مرّة أخرى، مثلما حدث معه سابقاً في العراق 2007-2008، أو حتى حدث مع حركة طالبان في أفغانستان بعد الحرب الأفغانية 2002.
يتجاهل الجميع اليوم أسئلة ونقاشات وقضايا كبرى جوهرية، ارتبطت بصعود التنظيم وقدرته على التجنيد، وجاذبيته غير المسبوقة، في العالم بأسره، خصوصاً بين الشباب ذكوراً وإناثاً، من مختلف دول العالم، بدايةً من العراق وسورية، حيث تعانق وجوده بسيسيولوجيا الأزمة السنّية، مروراً بالعالم العربي السنّي مع سيسيولوجيا ما بعد الربيع العربي، وحالة الإحباط والاحتقان والثورات المضادة، وصولاً إلى أوروبا، حيث سيسيولوجيا الهوية في أوضح أزماتها. وهكذا، لو تأملنا أي جماعة أو ولاية أو خلايا أو ذئاب منفردة في العالم مرتبطة بالتنظيم، سنجد أنّ الجانب السيسيولوجي تحديداً يلعب دوراً مهماً وأساسياً في توفير التربة الخصبة والشروط المناسبة لصعود التنظيم وتفشّيه وانتشاره.
الأسئلة المطروحة حالياً في الدوائر الأمنية والعسكرية، وحتى الإعلامية، الغربية أولاً والعربية ثانياً، أصبحت تقفز مباشرة إلى النتائج العملية المباشرة، من دون أن تُطرح على المقدمات والشروط، فهذه الأسئلة تتمحور حول الطريقة المثلى لهزيمة التنظيم في الموصل؟ وأين سيتجه أبناؤه وأعضاؤه بعد الهزيمة في الموصل؟ وما هي حالته في الرقّة؟ هل هو متماسكٌ وقويٌّ أم ضعيف؟ وكيف سيتم التعامل مع العائدين من أبناء التنظيم إلى مجتمعاتهم ودولهم؟ فيما الأسئلة المهمة المفتاحية التي تمثل المقاربة الاستراتيجية بعيدة المدى شبه غائبة، أو مغيّبة عن التفكير لدى المسؤولين والدول، مثل السؤال عن الدوافع والأسباب التي تجعل لأيديولوجيا التنظيم تأثيراً كبيراً على نسبة كبيرة من الشباب المسلم في أوروبا؟ ما هي العوامل السيسيولوجية التي تعطي قوة وفعاليةً لدعاية التنظيم الدموية والكارثية؟ والحال نفسها بالنسبة للشباب العربي؟ لماذا نجح التنظيم في التأثير على هؤلاء الشباب النشيط، بينما فشلت المؤسسات الدينية الرسمية والمعتدلة في صناعة الأثر نفسه؟
كيف يمكن أن نفهم ظاهرة الشهادة في صورتها "الانتحارية الراهنة" في أوساط شباب داعش
من يراقب مواقع تنظيم داعش يجد أنّ هنالك صوراً لعشرات الانتحاريين العرب خلال الأيام الأولى في معركة الموصل، وحديث عن مئاتٍ منهم ينتظرون؟ كيف وصل هؤلاء الشباب إلى هذه المرحلة؟
عاطلون عن العمل، غير متعلّمين، فقراء، محرومون. كل تلك العناوين أصبحت بمثابة "أسطوانة مشروخة" غير مقنعة، بل تشير أغلب الدراسات والأبحاث والإحصائيات بشأن الشباب القاعدي والداعشي في أوروبا وأميركا، وحتى في دول عربية كثيرة، إلى أنّهم متعلمون، من أبناء الطبقة الوسطى، بعضهم لامع في مجالات متعددة.
يشير فرهارد خسرو خافار في كتابه "شهداء الله الجدد: في سوسيولوجيا العمليات الانتحارية"، إلى دراساتٍ عدة تتحدث عن شبابٍ من نوعية مختلفة، مغايرة تماماً لهذه الصورة النمطية، يقول "المقابلات التي أجريت منذ شهر نيسان/ أبريل 2001، في سجون فرنسية مع خمسة عشر سجيناً اتهموا بتشكيل عصبة مجرمين، بغرض القيام بنشاطات إرهابية، كشفت عن صورة مقلقة لأتباع القاعدة. الأمر لا يتعلق بأشخاص يتمتعون بذهنية متخلفة وتقليدية، ولا بضحايا الحداثة. وسواء أكانوا فرنسيين لأنهم ولدوا على الأراضي الفرنسية أو تجنسوا لاحقاً، فهم مشبعون تماماً بما يسمى الثقافة الغربية. أحدهم يتقن ست لغات، اثنان منهم يجيدان خمس لغات، والرابع ثلاثاً، والآخرون يلمون بالإنكليزية والعربية، بالإضافة إلى الفرنسية. تابعت أغلبيتهم دراستها الجامعية في فرنسا، الشرق الأوسط، أو بلدان أخرى"، ويمضي المؤلف في استعراض السيرة الذاتية ليضعنا أمام عقولٍ علمية متميزة.
هل هم انطوائيون منعزلون عن المجتمع؟ تلك أيضاً ليست نظرية عامة، فكثيرون من هؤلاء الشباب مقبلون على الحياة، وكانوا من عاشقي أندية كرة القدم أو الرياضة، كما يرصد الأنثروبولوجي المتخصص، سكوت أتران، في كتابه "الحديث إلى العدو: الدين والأخوة وصناعة الإرهابيين وتفكيكهم"، إذ يفنّد في كتابه فرضياتٍ عديدة عن هؤلاء الشباب، أبناء التنظيمات الإرهابية والأصولية، ويتحدّث عن أهمية شبكة العلاقات الأولية، مثل القرابة العشائرية والصداقة والجيرة في التجنيد، لكنّ الأهم هو في تعريف الحوافز والطبيعة التي تسم أغلب هؤلاء الشباب، إذ يقول "لا يرتكب الإرهابيون الإرهاب لأنّهم منتقمون بشكل استثنائي، أو غير مكترثين وفقراء، أو غير متعلمين ومذلولون، أو ينقصهم الاحترام الذاتي، أو تم تدريسهم أطفالاً في دين متطرف، أو تم غسل أدمغتهم، أو ذوو عقولٍ تميل إلى الإجرام أو انتحاريون أو متعطشون لممارسة الجنس مع العذارى في السماء، ليس الإرهابيون، في أغلب الأحيان، عدميين، إنهم متطرفون أخلاقياً، وهم مؤثرون، مشدودون إلى أمل أحمق".
ماذا لو انتقلنا إلى المشهد العربي، إلى المصريين، مثلاً، الذين ذهبوا إلى داعش. في تقرير مطوّل "في الطريق من رابعة إلى سوريا: كيف يذهب شباب الإخوان إلى الجهاد؟ لكل من محمود العناني وأسامة الصياد، يرصدان فيه هجرة شباب من جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وأغلبهم ممن شاركوا في اعتصام ميدان رابعة العدوية إلى الرقة، أي من الاعتدال إلى التطرف والتشدّد والإرهاب، ماذا حدث لهم؟ وما هي طبيعة هذه الرحلة، ليس على الصعيد الجغرافي، بل النفسي والثقافي، هو سؤال تجيب عليه الأوضاع في مصر، غداة الانقلاب العسكري، وما حدث للإخوان وأنصارهم من تعذيب واعتقالات وقتل، وصولاً إلى تصفية مباشرة، ما دفع شباباً كثيرين إلى اليأس، والتخلي تماماً عن أي إيمانٍ بمصداقية الديمقراطية وشعار "سلميتنا أقوى من رصاصهم".
لو كانت هنالك دراسات شبيهة في الأردن، سنجد أنّ الظاهرة الداعشية تحمل، نسبياً، سماتٍ مشابهة، فنحن أمام شبابٍ من الطبقة الوسطى، ممن تركوا دراساتهم وكلياتهم، منهم اثنان من أبناء النواب الأردنيين يدرسان الطب، ومن العشائر، ذهبوا إلى داعش، وهنالك مجموعة من الشباب الذين شاركوا في الحراك السلمي الشعبي انتقلوا إلى جبهة النصرة وداعش.
في الأثناء، أعمل مع صديقي الباحث حسن أبو هنية على كتاب جديد عن "الداعشيات"، في
في الخلاصة؛ يجري تعتيم هذه المنطقة المهمة والرئيسية في التعامل مع داعش، وفهم أسرار جاذبيته وصعوده، أي السوسيولوجيا، بينما في المقابل يتم التركيز على الجوانب الأخرى، وتحديداً العسكرية، مما يؤدي إلى ترحيل المشكلة وتدحرجها، لا التعامل معها بصورة عميقة ودقيقة.