"الخادمة قتلت الطفلة"، انتهى البيان. اعترفت الشابة الإثيوبية بجريمتها، هكذا قالوا لنا. ثمّ أطلّ علينا طوني خليفة مع والدي الطفلة/الضحية سيلين ركان، ليعرضوا في "فقرة حصرية وللمرة الأولى الفيديو الذي يثبت قتل العاملة الإثيوبية للطفلة". وانتظرنا. عرضت الصور التي صوّرتها الكاميرا الموجودة في البيت. الصور تقريباً غير مفهومة... لكن كل ذلك غير مهم: "الخادمة قتلت الطفلة" ردّد علينا الإعلام، القسم الأكبر منه، مستندين إلى اعترفاتها.
كان يفترض أن تنتهي القضية هنا. تدخل العاملة السجن، وتهاجر العائلة إلى كندا. لكن ذلك لم يحصل. في البداية وقبل حلقة طوني خليفة، عرضت الزميلة دلال معوّض في نشرة أخبار LBCI تقريراً طرحت فيه مجموعة كبيرة من علامات الاستفهام مشككة بالرواية الرسمية التي تتهم العاملة المنزلية، ليعلن وزير العدل أشرف ريفي بعده عن إعادة فتح التحقيق "وتشريح جثة الفتاة إن لزم الأمر"! أما بعد حلقة طوني خليفة على شاشة MTV، فإنّ علامات الاستفهام زادت بشكل أكبر.
موقع "المحرر" شرّح الفيديو، ليؤكد أن الألغاز وحدها هي التي تحيط بجريمة القتل هذه. الجريمة التي تحوّلت إلى قضية رأي عام. لماذا؟ أولاً لأن الوالد وفور مقتل طفلته سيلين قال إنها ماتت بسبب طعم تلقته عند طبيبها قبل يوم. ثمّ فجأة انسحبت هذه التهمة، لتلصق بالشابة الإثيوبية، بطريقة غير مفهومة. وفي بلد تنتشر فيه العاملات المنزليات بكثرة، خلقت حالة هلع، أعادت إلى الواجهة مرة جديدة العنصرية ضد هؤلاء.
"كيف ماتت سيلين؟" يتساءل اللبنانيون. منهم من استسهل رواية "الخادمة قتلت الطفلة"، هي الرواية الأكثر اطمئناناً بالنسبة إليهم "الخادمة السمراء الشريرة تقتل الطفلة البريئة الباسمة".
ومنهم من قرر عدم الانجرار إلى الرواية. لكن بين هذا وذاك، لم نفهم بعد كيف سمح القضاء بعرض صور الفيديو مباشرة على الهواء في برنامج تلفزيوني؟ ماذا عن سرية التحقيق. لماذا انتهكت خصوصية هذه العائلة بهذا الشكل المقزز؟ لماذا سمح بالدخول إلى غرفة الطفلة والتصوير فيها في تقارير تلفزيونية والتحقيق لم ينته بعد؟ ألا يفترض أن الغرفة مسرح جريمة؟ لماذا يسعى بعض الإعلام إلى لفلفة القضية وإقفالها نهائياً؟ ولماذا أساساً سمحت العائلة للإعلام بكل هذا التدخّل في القضية؟
ماتت سيلين، ماتت ابنة الخمس سنوات، قد تبدو كل هذه الأسئلة سخيفةً... لكن فعلاً "كيف ماتت سيلين؟".