يجتمع المتسولون في شهر رمضان أمام بوابات المساجد في انتظار خروج المصلين، وينتشرون في الأسواق لجمع عطايا التجار والمتبضعين على حد سواء، وفي الإشارات المرورية يحرجون السائقين بالتشبت بزجاج نوافذ السيارات ورفض إفساح الطريق قبل التصدق عليهم، وأحيانا كثيرة يشترطون أوراقا نقدية بدل القطع التي يمدهم بها من رقّ لحالهم.
ويسارع المتسولون لتغطية جميع المواقع "الاستراتيجية" في شهر رمضان، فهو أوج هذه "الحرفة" التي يمتهنها الكثيرون، ويقبل آخرون عليها فقط في هذا الشهر للفوز بأموال الزكاة والصدقة، حيث تستقبل المدن المزدحمة أفواجاً من المتسولين الذين ينتقلون بشكل جماعي في عائلات ممتدة، عادة ما تتكون من أزواج وأطفال يشتركون في إدارة هذه التجارة التي تدر أموالا كثيرة.
ويشكل الأطفال العمود الفقري في "تجارة التسول" وخاصة المعاقين منهم، حيث يقوم بعض المتسولين بكراء الأطفال مقابل مبلغ مالي يومي لتزيد غلتهم من أموال المتصدقين، وتقبل بعض الأسر المعوزة كراء أطفالها رغم ما يتعرضون له من مخاطر أثناء التسول كالبقاء بدون طعام والتعنيف والتجول بهم في تقاطعات الطرق.
ويقول بمبا ولد العروسي (32 عاما) الذي يتسول منذ 11 سنة، إنّ التسول مهنة تحتاج إلى التمرس على أساليب الاستجداء واستعطاف المارة، فالحاجة لا تكفي للحصول على قوت يومي من التسول خاصة مع دخول اعداد من المدعين ميدان التسول، ويؤكد أنه بحكم خبرته في الاستجداء فإن "البراءة" ما زالت تفعل فعلها السحري في الناس الذين يصدقون دعوات طلب العون ومد يد المساعدة.
ويضيف بمبا الذي يعاني من إعاقة جسدية إنّ ما يحصل عليه عادة بعد يوم من التسول يتضاعف في شهر رمضان، حيث يقبل الناس على التصدق ومساعدة المحتاجين، ويأمل بمبا في حديثه لـ "العربي الجديد" أن تنجح السلطات في وقف كل من يدعي الحاجة لأموال التسول وهو قادر على العمل.
وتحاول الجمعيات مساعدة هذه الفئة الاجتماعية التي تؤكد الإحصائيات والدراسات أنها في تزايد مخيف، بتشجيعهم على العمل وتوزيع ماكينات خياطة ورخص البيع في الأكشاك لمساعدتهم على الخروج من دائرة الفقر وتحسين مستوى معيشتهم.