موسكو تتهم واشنطن بالإعداد لحرب بيولوجية على حدودها الجنوبية

05 أكتوبر 2018
البنتاغون: ادعاءات روسيا مختلقة (ميخاييل بوشييف/Getty)
+ الخط -

قالت وزارة الدفاع الروسية، أمس الخميس، إن الولايات المتحدة تدير برنامج أسلحة بيولوجية سريا في دولة جورجيا على حدودها الجنوبية، متهمة واشنطن بـ"تجاهل الأعراف الدولية وتشكيل خطر مباشر على روسيا". 

وتأتي هذه المزاعم الاستثنائية من قبل موسكو في اليوم ذاته الذي أعلنت فيه عدة دول غربية عن إلقاء القبض على شبكة تجسس تابعة للاستخبارات العسكرية الروسية في هولندا، إضافة إلى توجيه بريطانيا اتهامات لروسيا بالوقوف وراء العديد من الهجمات الإلكترونية التي شهدتها الدول الغربية في الأعوام القليلة الماضية. 

وقال قائد وحدة القوات الخاصة بالأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية في الجيش الروسي، اللواء إيغور كيريلوف، في موجز لوسائل الإعلام، إن المختبر في جورجيا التي تقع على حدود روسيا الجنوبية جزء من شبكة مختبرات تديرها الولايات المتحدة على حدود روسيا والصين. 

وتعتمد المزاعم الروسية بشكل رئيسي على مواد آتية من مركز ريتشارد لوغار لأبحاث الصحة العامة في العاصمة الجورجية تبليسي، والذي تموله الولايات المتحدة. 

ويزعم كيريلوف أن الوثائق التي كشف عنها وزير أمن الدولة الجورجي السابق، إيغور غيورغادزه، تدل على أن المؤسسة المشار إليها تمولها الولايات المتحدة كلياً، وما ملكيتها الجورجية إلا بهدف التغطية. 

 

ومن جانبه، نفى المتحدث باسم البنتاغون، إيريك باهون، مزاعم كيريلوف كلياً، واصفاً إياها بأنها "مختلقة من وحي حملة التضليل الروسية الكاذبة ضد الغرب"، وأنها "محاولة واضحة لتشتيت الانتباه عن تصرفات روسيا السيئة على العديد من الجبهات"، وأكد أن "الولايات المتحدة لا تطور أي أسلحة بيولوجية في مركز لوغار". 

وأضاف باهون أن المختبر هو مؤسسة صحة طبية عامة بشرية وحيوانية مشتركة، ويملكها ويديرها المركز الوطني الجورجي للوقاية من الأمراض والصحة العامة، وليس الولايات المتحدة. "إن مهمة مركز لوغار المساهمة في حماية المدنيين من المخاطر البيولوجية، وتحسين الصحة العامة والحيوانية، من خلال الكشف عن الأمراض المعدية، ومراقبة الأوبئة، وإجراء الأبحاث لصالح جورجيا، ومنطقة القوقاز، والمجتمع الدولي".

وتم افتتاح المركز عام 2013، وأطلق عليه اسم عضو مجلس الشيوخ الأميركي الراحل ريتشار لوغار من ولاية إنديانا الأميركية. 

وكان لوغار جزءاً من جهد أميركي للمساهمة في احتواء الترسانة النووية السوفياتية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل بعد انهيار الكتلة الشيوعية عام 1991. 

في المقابل، تزعم الوثائق التي كشف عنها كيريلوف، عن الوزير الجورجي، طبيعة أكثر خطورة للأنشطة التي يقوم بها المركز تحت عباءة الأبحاث المدنية. وأشار الجنرال الروسي إلى أن الوثائق الجورجية تقول بوفاة 73 متطوعا شاركوا في اختبار دواء في المركز عامي 2015-2016، واتهم المختبر باستخدام المدنيين كفئران تجارب لاختبار مادة سامة جديدة.

وقال إن "الوفاة المتزامنة لعدد كبير من المتطوعين يعطينا سبباً للشك في أن مركز لوغار يقوم بأبحاث عن مادة كيميائية أو عنصر بيولوجي شديد السمية"، مشيرا إلى أن انتشار عدد من الأمراض الفيروسية في الجانب الروسي قد يعود إلى أنشطة المركز الجورجي، حيث يزعم أن انتشار حمى الخنزير الأفريقية، والذي تسبب بخسائر كبيرة للقطاع الزراعي الروسي منذ عام 2007، قد قدم من جورجيا. 

وأضاف "إنه من الممكن جداً أن تكون الولايات المتحدة في طور بناء قدرات بيولوجية تحت غطاء دراسات وقائية وإجراء بحوث سلمية أخرى، في خرق للاتفاقيات الدولية". 

وتشمل الوثائق التي سربها غيورغادزه نموذجا لطائرة مسيرة عن بعد طورها الأميركيون لنشر الحشرات الحاملة للأمراض، إضافة إلى عدد من نماذج الصواريخ الحاملة للأسلحة الكيميائية والبيولوجية.

وتابع: "لا يتوافق هذا البحث مع التزامات واشنطن الدولية حول حظر الأسلحة البيولوجية والسامة. والسؤال الحقيقي لم يتم تخزين هذه الوثائق في مركز لوغار لأبحاث الصحة العامة. نأمل أن نحصل على أجوبة دقيقة من جورجيا والولايات المتحدة". 

وأعرب كيريلوف عن قلقه من قيام الجيش الأميركي بجمع عينات جينية عن سكان مختلف الأراضي الروسية، بما فيها شمالي القوقاز، لهدف لا يزال غامضاً. وأكد أن المختبر في جورجيا "جزء ضئيل من جهد عسكري متماد من البرنامج البيولوجي للولايات المتحدة"، مؤكداً بناء واشنطن لعدد من المراكز المماثلة على حدود روسيا الجنوبية التي تشكل "خطراً دائماً للتهديد البيولوجي" لروسيا والصين.

ويأتي هذا المؤتمر الصحافي الروسي، والذي امتنع عن تلقي الأسئلة الصحافية، بعد أن صعدت الدول الغربية اتهاماتها ضد موسكو، حيث كانت السلطات الهولندية، وبجهد مخابراتي بريطاني هولندي أميركي كندي، قد اعتقلت أربعة من عملاء جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي متلبسين بمحاولة للتجسس على مقر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، والمسؤولة عن التحقيق في اعتداء سالزبيري، الذي استخدمت فيه مادة نوفيتشوك السامة للأعصاب في محاولة لاغتيال العميل الروسي المزدوج السابق سيرغي سكريبال.  

كما كانت بريطانيا قد أصدرت تقريراً يتهم جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي بالوقوف وراء عدد من هجمات القرصنة الإلكترونية التي ضربت عدداً من المدن الأوروبية والأميركية. كما وصفت جهاز الاستخبارات بأنه ذراع الكرملين السرية لتحقيق أهدافه الجيوسياسية.