وكان مجلس الهيئة الوطنية للمحامين أعلن يوم السبت، الدخول في اضراب عام مفتوح، وتنظيم اجتماعات عامة بكل المحاكم اليوم الإثنين، للحشد والتعبئة، وتنظيم تجمّع أمام قصر العدالة في العاصمة غداً الثلاثاء. بالإضافة إلى التوجه في مسيرة إلى مقرّ رئاسة الحكومة بالقصبة، والدخول في اعتصامات مفتوحة وعدم تطبيق الأحكام الجبائية (أحكام ضرائبية) التي وصفها بـ"الجائرة وغير الدستورية". بدورهم، سيقرر الصيادلة اليوم الإثنين، كيفية تفعيل مبدأ الإضراب العام الذي تبنته هيئتهم، احتجاجاً أيضاً على الإجراءات الجبائية.
أما المدرسون، فقصتهم طويلة مع وزارة التربية، أو بالأحرى مع وزيرها ناجي جلول، بعد دخولهم معه في حرب طويلة. وتحوّلت المطالب النقابية، التي تبقى دائماً مشروعة، إلى حراك سياسي واضح يطالب برأس الوزير. وأعلنت نقابة التعليم الثانوي نيتها تنفيذ إضراب عام أيضاً، وربما ستتبعها نقابة التعليم الابتدائي، فيما ينتظر الجميع ما تم التفاهم حوله بين الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي والرئيس الباجي قائد السبسي، حول الإضراب العام المقرر بعد ثلاثة أيام.
ولئن يبدو موقف العباسي مبدئياً، بدفاعه عن ضرورة أن تحترم الدولة تعهداتها التي التزمت بها، فإن بقية المواقف تبقى قابلة للنقاش، بل وقابلة لطرح أسئلة عميقة. أسئلة حول علاقة المواطنين بالقوانين التي يتم استصدارها، وبمنطق الأغلبية والأقلية السياسية، أي الديمقراطية كممارسة برلمانية، وبكيفية مواجهة إجراءات لا تعجب المواطنين، وقد تكون ظالمة وفي غير محلها. لكن هل يكون الإضراب هو الحل الوحيد والأخير؟ وهل تعكس كل هذه الإضرابات المعلنة صَمَماً سياسياً ما في تونس، بفشل الحوار في التوصل إلى حلول وسط تخفف من التوتر العالي وتصل بالأطراف إلى وضعيات نسبية ومرحلية؟ كل ذلك جائز إلا إذا كانت هناك رغبة من هذا الطرف أو ذاك في عدم التوصل إلى حلّ بالفعل، وخلق أزمات مفتعلة تتجاوز مجرد الحوار إلى غايات أخرى، تتجاوز فهمنا، نحن الذين نسير في الشوارع.