يبدو أن نادين نسيب نجيم قد احتاجت إلى وقت طويل كي ترمي كل جمالها وراء ظهرها وتذهب لتمثيل شخصية سُتحسب في رصيدها. هي ملكة جمال لبنان عام 2004، مولودة من أب لبناني وأم تونسيّة. ثمة فارق زمني كبير بين أول دور لها في "خطوة حب" (2007)، إخراج فيليب أسمر وكتابة شكري أنيس فاخوري، وبين دورها الجديد في "طريق" (2018) لرشا شربتجي، المنقول عن رواية للروائي المصري الراحل نجيب محفوظ من عمله "الشريدة"، وسيناريو سلام كسيري.
ولو حسبنا المسافة والأعوام الفاصلة بين هذين العملين (وما بينهما من أعمال أخرى شاركت فيها)، سنجدها كبيرة بطبيعة الحال. لكن يبدو أنه لم يكن من مفر منها. هل يمكن تسمية هذا الأمر بالتوهان اللازم كي يجد الفنان نفسه؟ أم هو ضريبة الرغبة في الانتشار التي تتسامح معها أي فنّانة ناشئة وهي تضع خطوتها الأولى؟ الأمر الذي وقعت في فخه نادين نجيم في بداية مشوارها عندما صار محسوباً في تفكيرها بعد إعلان فوزها بلقب ملكة جمال لبنان أنها قد أخذت "حصانتها" التي ستحميها من النقد، ما جعلها ترضخ، ولو عن غير دراية منها، لآلية السوق، ليتم استثمار ما تملكه من جمال في أعمال تمثيلية لم تكن ملائمة لها على النحو الأمثل. هنا سرد لمفارقات قد تنبغي العودة إليها أو التذكير فيها:
اشتغلت نجيم مع المخرج سامر البرقاوي عام 2014 في مسلسل "لو". لقد كان نسخة رديئة للغاية من فيلم (Unfaithful 2002)، الشهير جماهيرياً، من إخراج إدريان لين وبطولة ريتشارد غير وديانا لين. نسخة متواضعة لأسباب كثيرة، ليس أقلها أن ظروف المجتمعين والشاشتين (الصغيرة والكبيرة) مختلفة تماماً، كما والرقابة التي لن تمسح بمرور ما كان في الفيلم الأجنبي في مسلسل عربي. لهذا، كان على من عمل على نقل هذا الفيلم لعمل درامي عربي أن يعرف تماماً بأنه يعمل على رهان خاسر، حيث سيكون المقص أكثر من المكتوب.
لكن يبدو من الوهلة الأولى أن سامر البرقاوي قد أراد استثمار جمال نادين نجيم على نحو يخصه، ولو كان هذا على حساب العمل. لقد راح سامر في مغامرة، هي خاسرة حتماً، وهو يعتقد أن الناس في البلاد العربية لا يشاهدون أفلاماً، محاولاً أن يجد حلاً سهلاً يليق بالرقابة العربية. هل هذا حل؟ وهل يكفي ممثل وسيم لكفاية الدور (عابد فهد)؟ لم ينل هذا العمل ربحاً ولا ترحيباً كثيراً، حيث لا تجني الأفلام المأخوذة من أصل أجنبي نجاحات كثيرة.
محاولة أُخرى
استمال سامر البرقاوي نادين مرة ثانية لعمل "الهيبة" مع تيم حسن. حصل العمل على ضجة كبيرة وصار الناس يحكون عن اسمه، ولا يحكون عن اسمها. صارت محلّات باسم "الهيبة" وتاتوهات تُرسم على أجساد الشباب. لم تظهر نادين نسيب نجيم كثيراً في العمل. تيم حسن، الوسيم، كان الأبرز. ولو على مستوى المساحة المطروحة لأجله في العمل، ولو حتى بالعبارة التي يقولها طوال العمل وصارت شعاراً "ما تهكليه للهم". لم تجد نجيم نفسها في "الهيبة" وانسحبت. لم تظهر في الجزء الثاني "الهيبة – العودة". لم تعد، وكأنه قرار من داخلها بأن تجد لذاتها الـ"هيبة" التي تخصها. وكان ذاك الظهور عبر "أميرة" بطلة "طريق"، ولو كان في المسألة عودة للشغل مع زميلها السابق عابد فهد. لكن يبدو أن الحظ نفعها كثيراً هنا، وهي سوف تعمل دوراً مُعاكساً لحالة العنف الذكورية التي انتشرت في غالبية أعمال الدراما الرمضانية.
جبروت أُنثى فقيرة
سنجد بداية حالة أميرة التي تمرّ هي وأمها وشقيقتها الصغرى بحالة من الفقر المدقع، وقد نجحت رغم حالتها هذه في أن تبني نفسها في "طريق" شغل المحاماة. وبالعودة إلى أصل قصة طويلة لنجيب محفوظ، سنجد أن عناوين عريضة قد أُخذت من النص لكن الاشتغال الجيد على النص قد ساعد في ظهور "طريق" على نحو فارق عن النص الأصلي والهروب إلى الصور النمطية التي جاءت عليها أشكال الدراما في تلك الفترة المرتبطة بكتابة محفوظ لعمله: فتاة فقيرة مثقفة ترتبط بتاجر ثري جاهل لا يعرف لا الكتابة ولا القراءة ومع الوقت وبعد الزواج يحصل الخلاف بينهما.
وعلى الرغم من جودة السيناريو والقدرة المختلفة الجديدة الذي أظهرها عابد فهد في دور جابر، إلا أن أميرة (نادين نجيم) استطاعت، بدرجة لافتة، أداء دور يُحسب لرصيدها. عملية التدرج في الأداء الذي أتى متصاعداً من حالة الفقر والحاجة التي كانت تُعاني منها عبوراً بنشوء قصة الحب بين الطرفين، إلى قصة الزواج وليس انتهاءً بقصة الفارق الثقافي الذي اكتشفته أميرة لاحقاً، وكأنها لم تكن تعرفه في السابق.
اقــرأ أيضاً
يبدو أنها المرة الأولى التي تقوم فيها ملكة جمال لبنان السابقة في دراسة شخصيتها إلى درجة أدت لظهور أصوات كثيرة للغاية على وسائل التواصل الاجتماعي وهي تندد بتلك "الوصولية" التي فعلتها أميرة كي تصل لما وصلت إليه. وعلى الرغم من قسوة تلك الآراء في حقها، إلا أنها في الحقيقة تُحسب لصالح صاحبة الدور، وقد نجحت في إيصال الصورة الشريرة لعين المتلقي. هذا من جهة، ومن جهة أُخرى، ظهرت أميرة، في دورها القاسي، وكأنها تنتقم من كل الذكور الذين أظهروا قسوتهم في حق الإناث في غالبية دراما شهر رمضان الماضية.
ولو حسبنا المسافة والأعوام الفاصلة بين هذين العملين (وما بينهما من أعمال أخرى شاركت فيها)، سنجدها كبيرة بطبيعة الحال. لكن يبدو أنه لم يكن من مفر منها. هل يمكن تسمية هذا الأمر بالتوهان اللازم كي يجد الفنان نفسه؟ أم هو ضريبة الرغبة في الانتشار التي تتسامح معها أي فنّانة ناشئة وهي تضع خطوتها الأولى؟ الأمر الذي وقعت في فخه نادين نجيم في بداية مشوارها عندما صار محسوباً في تفكيرها بعد إعلان فوزها بلقب ملكة جمال لبنان أنها قد أخذت "حصانتها" التي ستحميها من النقد، ما جعلها ترضخ، ولو عن غير دراية منها، لآلية السوق، ليتم استثمار ما تملكه من جمال في أعمال تمثيلية لم تكن ملائمة لها على النحو الأمثل. هنا سرد لمفارقات قد تنبغي العودة إليها أو التذكير فيها:
اشتغلت نجيم مع المخرج سامر البرقاوي عام 2014 في مسلسل "لو". لقد كان نسخة رديئة للغاية من فيلم (Unfaithful 2002)، الشهير جماهيرياً، من إخراج إدريان لين وبطولة ريتشارد غير وديانا لين. نسخة متواضعة لأسباب كثيرة، ليس أقلها أن ظروف المجتمعين والشاشتين (الصغيرة والكبيرة) مختلفة تماماً، كما والرقابة التي لن تمسح بمرور ما كان في الفيلم الأجنبي في مسلسل عربي. لهذا، كان على من عمل على نقل هذا الفيلم لعمل درامي عربي أن يعرف تماماً بأنه يعمل على رهان خاسر، حيث سيكون المقص أكثر من المكتوب.
لكن يبدو من الوهلة الأولى أن سامر البرقاوي قد أراد استثمار جمال نادين نجيم على نحو يخصه، ولو كان هذا على حساب العمل. لقد راح سامر في مغامرة، هي خاسرة حتماً، وهو يعتقد أن الناس في البلاد العربية لا يشاهدون أفلاماً، محاولاً أن يجد حلاً سهلاً يليق بالرقابة العربية. هل هذا حل؟ وهل يكفي ممثل وسيم لكفاية الدور (عابد فهد)؟ لم ينل هذا العمل ربحاً ولا ترحيباً كثيراً، حيث لا تجني الأفلام المأخوذة من أصل أجنبي نجاحات كثيرة.
محاولة أُخرى
استمال سامر البرقاوي نادين مرة ثانية لعمل "الهيبة" مع تيم حسن. حصل العمل على ضجة كبيرة وصار الناس يحكون عن اسمه، ولا يحكون عن اسمها. صارت محلّات باسم "الهيبة" وتاتوهات تُرسم على أجساد الشباب. لم تظهر نادين نسيب نجيم كثيراً في العمل. تيم حسن، الوسيم، كان الأبرز. ولو على مستوى المساحة المطروحة لأجله في العمل، ولو حتى بالعبارة التي يقولها طوال العمل وصارت شعاراً "ما تهكليه للهم". لم تجد نجيم نفسها في "الهيبة" وانسحبت. لم تظهر في الجزء الثاني "الهيبة – العودة". لم تعد، وكأنه قرار من داخلها بأن تجد لذاتها الـ"هيبة" التي تخصها. وكان ذاك الظهور عبر "أميرة" بطلة "طريق"، ولو كان في المسألة عودة للشغل مع زميلها السابق عابد فهد. لكن يبدو أن الحظ نفعها كثيراً هنا، وهي سوف تعمل دوراً مُعاكساً لحالة العنف الذكورية التي انتشرت في غالبية أعمال الدراما الرمضانية.
جبروت أُنثى فقيرة
سنجد بداية حالة أميرة التي تمرّ هي وأمها وشقيقتها الصغرى بحالة من الفقر المدقع، وقد نجحت رغم حالتها هذه في أن تبني نفسها في "طريق" شغل المحاماة. وبالعودة إلى أصل قصة طويلة لنجيب محفوظ، سنجد أن عناوين عريضة قد أُخذت من النص لكن الاشتغال الجيد على النص قد ساعد في ظهور "طريق" على نحو فارق عن النص الأصلي والهروب إلى الصور النمطية التي جاءت عليها أشكال الدراما في تلك الفترة المرتبطة بكتابة محفوظ لعمله: فتاة فقيرة مثقفة ترتبط بتاجر ثري جاهل لا يعرف لا الكتابة ولا القراءة ومع الوقت وبعد الزواج يحصل الخلاف بينهما.
وعلى الرغم من جودة السيناريو والقدرة المختلفة الجديدة الذي أظهرها عابد فهد في دور جابر، إلا أن أميرة (نادين نجيم) استطاعت، بدرجة لافتة، أداء دور يُحسب لرصيدها. عملية التدرج في الأداء الذي أتى متصاعداً من حالة الفقر والحاجة التي كانت تُعاني منها عبوراً بنشوء قصة الحب بين الطرفين، إلى قصة الزواج وليس انتهاءً بقصة الفارق الثقافي الذي اكتشفته أميرة لاحقاً، وكأنها لم تكن تعرفه في السابق.
يبدو أنها المرة الأولى التي تقوم فيها ملكة جمال لبنان السابقة في دراسة شخصيتها إلى درجة أدت لظهور أصوات كثيرة للغاية على وسائل التواصل الاجتماعي وهي تندد بتلك "الوصولية" التي فعلتها أميرة كي تصل لما وصلت إليه. وعلى الرغم من قسوة تلك الآراء في حقها، إلا أنها في الحقيقة تُحسب لصالح صاحبة الدور، وقد نجحت في إيصال الصورة الشريرة لعين المتلقي. هذا من جهة، ومن جهة أُخرى، ظهرت أميرة، في دورها القاسي، وكأنها تنتقم من كل الذكور الذين أظهروا قسوتهم في حق الإناث في غالبية دراما شهر رمضان الماضية.