وقالت مصادر ميدانية إن 45 شخصاً قتلوا، وجرح العشرات في قصف مدفعي طاول حي جب القبّة المجاور لحي باب الحديد، بعد قصف من مدفعية النظام المتمركزة في ثكنة هنانو، طاول تجمعاً لمدنيين نازحين، كانوا يحاولون الوصول إلى غربي المدينة التي تسيطر عليها قوات النظام.
وأظهرت صور نشرها الدفاع المدني في حلب جثثاً متفرقة على الأرض، وإلى جانبها حقائب تشير إلى أنها لسكان كانوا يحاولون مغادرة المنطقة.
وقال الدفاع المدني، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إن قوات النظام قصفت بالمدفعية مجموعة من المدنيين النازحين الذين كانوا يتجمعون قرب نقطة طبية في حي جب القبة، ما أسفر عن مقتل وجرح العشرات، معظمهم من النساء والأطفال.
وذكر ناشطون أن النازحين كانوا متجهين إلى حي الشعار في طريقهم إلى حي الصاخور، ومنه إلى هنانو، وصولاً إلى الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام.
وشهد حي باب النيرب، أمس الثلاثاء، مجزرة مماثلة، حين قصف الطيران الحربي تجمعاً للنازحين من الأحياء الشمالية، ما تسبب بوقوع 25 قتيلا على الأقل، جميعهم من المدنيين.
وتشهد الأحياء المحاصرة في مدينة حلب عمليات نزوح جماعية للمدنيين، نتيجة القصف العشوائي الذي تقوم به قوات النظام على تلك الأحياء، إذ تشير بعض المصادر إلى أن عدد الذين نزحوا بلغ 30 ألفاً حتى الآن.
ويأتي استهداف قوات النظام للنازحين في الأحياء المحاصرة، بعد ساعات من اتهام الأمم المتحدة لفصائل المعارضة بمنع المدنيين من مغادرة الأحياء المحاصرة إلى مناطق خاضعة لسيطرة النظام، الأمر الذي نفته كل من حركتَي أحرار الشام ونور الدين زنكي.
ورأى ناشطون أن الهدف الأساسي من عمليات القصف المكثف لقوات النظام على الأحياء المتبقية بيد قوات المعارضة، هو إجبار الأهالي على النزوح، خصوصاً في ظل الحصار المفروض عليهم، والنقص الشديد في كل مقوّمات الحياة، إذ تفترش عشرات العائلات الأرض ومداخل الأبنية السكنية.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن أكثر من خمسين ألفا نزحوا خلال الأيام الأربعة الماضية من مناطق سيطرة الفصائل بالقسم الشرقي من حلب، إلى مناطق سيطرة قوات النظام، إضافة إلى مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية، مشيرا إلى أن المئات منهم يتعرضون للاعتقال والاستجواب. وأُفرج عن بعضهم، فيما لا يزال مصير آخرين مجهولاً.
من جهته، وصف رئيس العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة، ستيفن أوبراين، الوضع في الشطر الذي تسيطر عليه الفصائل المعارضة في حلب، بأنه مقلق ومخيف، مشيرا، في بيان، إلى أنه "ليس هناك مستشفيات عاملة في المنطقة، ومخزون الطعام أوشك على النفاد، ومن المرجح أن يفر آلاف آخرون من منازلهم إذا استمر القتال في الأيام المقبلة".
أما المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، فقال إن أكثر من 56 ألف مدني، بينهم 2800 طفل، خرجوا خلال الأيام الأخيرة من المناطق التي يسيطر عليها المسلحون بمدينة حلب السورية، بمساعدة المركز الروسي للمصالحة.
وانتقد كوناشينكوف كلا من الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، والأمم المتحدة، لأنها "لم ترسل أي طلب لتقديم المساعدات الإنسانية إلى تسعين ألفا من سكان حلب، الذين تم تحريرهم من سيطرة المسلحين"، بحسب قوله.
في غضون ذلك، تجددت الاشتباكات بين قوات النظام وفصائل المعارضة على جبهتي باب الحديد والشعار، في محاولة جديدة من قبل قوات النظام للتقدم، إلا أن مقاتلي المعارضة تمكنوا من صدها.
وقال الناشط الإعلامي عبدو خضر لـ"العربي الجديد" إن اشتباكات عنيفة تدور على أطراف حي الصاخور، تترافق مع قصف بصواريخ الفيل على حي الشعار وطريق الباب. وأضاف أن قوات النظام تقصف بشدة، بالمدفعية والصواريخ، الأحياء الشرقية من مدينة حلب. بينما تدور اشتباكات عنيفة على جبهات الشرق والجنوب، خصوصاً في حي الشيخ سعيد ومساكن البحوث.
وفي الريف الحلبي، تدور اشتباكات عنيفة بين قوات المعارضة وعناصر حزب الله، على محاور قرية باشكوي بريف حلب الشمالي، وسط قصف مدفعي متبادل، بالتزامن مع اشتباكات مماثلة على محاور تل مصيبين، ومنطقة الملاح بالريف الشمالي.
وشنت مقاتلات حربية روسية، فجر اليوم، غارات عدّة بالقنابل العنقودية وبالصواريخ الفراغية، على الأحياء السكنية في مدينة دارة عزة وعلى بلدة قبتان الجبل بريف حلب الغربي، في حين قصفت قوات النظام بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ بلدة كفرحمرة بالريف الشمالي، ما أدى لمقتل شخص.
من جهتها، قالت وكالة الأنباء الرسمية "سانا" إن الفصائل المسلحة قصفت بالقذائف الصاروخية بلدة الزهراء الموالية للنظام في ريف حلب الشمالي.
كما نقلت الوكالة عن مصدر في قيادة شرطة محافظة حلب أن 8 أشخاص قتلوا نتيجة سقوط قذائف صاروخية، أطلقتها فصائل المعارضة على أحياء الأعظمية وسيف الدولة وحلب الجديدة والفرقان، في المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام غربي حلب.
سياسياً، تقدمت كل من مصر وإسبانيا ونيوزيلندا بمشروع قرار لمجلس الأمن حول الأوضاع في مدينة حلب. ويدعو المشروع إلى وقف إطلاق النار في المدينة لمدّة عشرة أيام متتالية على الأقل، وذلك للسماح بإدخال المساعدات، على ألا يشمل ذلك تنظيمي فتح الشام و"داعش". ويؤكد مشروع القرار أن الانتهاكات التي ترتكب في سورية يجب ألا تمر دون عقاب.
وقال المندوب الفرنسي في مجلس الأمن، فرانسوا ديلاتر، إن بعثة بلاده في الأمم المتحدة على تواصل مع الرئاسة السنغالية للمجلس، لتحديد موعد لجلسة طارئة تبحث الأوضاع في حلب.