وفياً لخطه الدعائي منذ خطواته الأولى في الساحة الحزبية في إسرائيل، أوائل التسعينيات، واصل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في كلمة ألقاها بمناسبة "عيد الأنوار اليهودي"، خطه المستخف بالشرطة الإسرائيلية، الذي بدأه العام الماضي. كرر نتنياهو مقولاته بأن توصيات الشرطة الإسرائيلية ضده وضد زوجته سارة، لا تملك أي مكانة قانونية، في محاولة متواصلة منه لتخفيف أثر وجود توصيات ضده في حال جرت الانتخابات الإسرائيلية خلال الأشهر القريبة، ولبثّ نوع من الثقة بالنفس، عبر تكرار عبارات "لن يكون شيء لأنه لم يكن شيء".
لكن الأهم في كلمة نتنياهو التي اختير جمهور مستمعيها بدقة من بين "عامة نشطاء حزب الليكود" والمؤيدين المعجبين حتى الثمالة بكل كلمة يقولها، هو تكريسه عمليات التحريض السافر والمعلن ضد اليسار وجهاز الشرطة، وحتى القضاء، باعتباره أمراً طبيعياً يلقى قبولاً لدى جمهور مستمعيه. والأهم من ذلك أنه بين صرخات الإعجاب التي صدرت بين حين وآخر، وجّه رسائل تحذير شديدة لكل خصومه، وبالأساس من داخل "الليكود"، من مغبة مجرد التفكير بانتقاده، فكيف بالحري التفكير بالترشح لزعامة "الليكود"، أو التفكير بالاستقالة، لأن ذلك سيجر على من يفكر بالأمر "تهمة" لا فكاك منها هي الخيانة وإسقاط اليمين.
وظّف نتنياهو مرة أخرى الخوف في العقل الباطني لجمهوره الليكودي، من البديل في حال خضع لليسار ومن يريدون الإساءة لحكومته، لأن الحرب التي يخوضها وتستهدفه هو وزوجته، "تستهدفنا جميعاً". ولم يعد الأمر في خطاب نتنياهو يتعلق بشخصه فقط، فهو اليمين واليمين هو نتنياهو، وبالتالي لا مجال أمام الآخرين إلا تصحيح المسار والاصطفاف وراء الزعيم.
عملياً، فإن نتنياهو الذي يجيد المناورة في سياسته الدولية، ينقلب داخلياً من "زعيم وسياسي دولي"، إلى ديماغوجي كاريزماتي لا يتورع عن اللجوء إلى أسوأ الأدوات ما دامت تخدم بقاءه في الحكم. فهو كان قد اتهم خصومه الداخليين أمثال مناحيم بيغن وقبله دان مريدور وروني ميلو، ممن حملوا في تسعينيات القرن الماضي تعبير "أمراء الليكود" لأن آباءهم كانوا من رعيل المؤسسين لحركة حيروت، بالتهاون والانحراف نحو اليسار. ووصل أخيراً إلى اتهام أحد أكثر أعضاء "الليكود" شعبية بعده، الوزير السابق، غدعون ساعر، وخصمه اللدود الرئيس الحالي، رؤبين ريفلين، بأنهما حاكا مؤامرة للانقلاب عليه، بعد الانتخابات، بالتخطيط لأن يكلف الرئيس الإسرائيلي، غدعون ساعر وليس نتنياهو بتشكيل الحكومة. وشنّ نتنياهو عبر أبواقه في حزب "الليكود"، وفي مقدمتهم وزيرة الثقافة، ميريت ريغيف، ورئيس الائتلاف دافيد امسالم، حملة شعواء على ريفلين وساعر، اضطرت الإثنين إلى إصدار بيانات نفي حازمة.
اقــرأ أيضاً
وعندما لم يعد أمام نتنياهو، في الواقع القائم حالياً، ما يخشاه من اليسار المنهار أصلاً، فقد كرس خطابه، مستفيداً من خطأ الشرطة في إعلان نتائج التحقيق وتوصياتها بتقديمه للمحاكمة في آخر يوم للمفتش العام للشرطة، لتحويل الشرطة إلى عدو الشعب. فوصف نفسه وأسرته ومعها "الليكود" واليمين ككل، كضحية لحملة اصطياد وملاحقة لم تتوقف، حتى في اختيار موعد مفضوح لتقديم التوصيات، التي استهل نتنياهو خطابه بوصفها أنها لم تكن مفاجئة من حيث المضمون، وأن ما يواجهه في الواقع هو "مباراة تم الاتفاق على نتائجها مسبقاً"، وهو ما اعتبر أيضاً تحريضاً مسبقاً ضد جهاز القضاء في حال تم تقديمه للمحاكمة بالتهم المنسوبة له، وهي تلقي الرشوة وخيانة الأمانة العامة وتشويش إجراءات التحقيق.
ويبيّن خطاب نتنياهو المشار إليه، أنه يخوض حربه الأخيرة لاستباق قرار المستشار القضائي للحكومة أفيخاي مندلبليت بشأن توصيات الشرطة، مع أن الأخير أعلن أمس أنه سيحسم قراره بشأن التوصيات في أقرب وقت ممكن من دون مماطلة. ويراهن نتنياهو عملياً على أمرين أساسيين، الأول هو تأييد القواعد الشعبية لـ"الليكود" وليس نخبه، والثاني هو حالة الانقسام والتشرذم التي يعيشها اليسار الإسرائيلي اليوم لدرجة أنه لا يملك فيها بديلاً يقدّمه ضد مرشح اليمين أياً كان، ولا سيما إذا كان مرشح اليمين هو نتنياهو نفسه.
نجح نتنياهو في السنوات الأخيرة، بتكريس رواية كونه ضحية عملية اصطياد متواصلة من الإعلام واليسار، وأخيراً من الشرطة، من أجل هدف واحد فقط، هو إسقاط حكم اليمين وليس إسقاطه كشخص مشتبه به بالفساد. وفي هذه المعركة على الوعي العام في إسرائيل، يبدو نتنياهو المنتصر حالياً، على الأقل في صفوف الشرائح الشعبية واليمينية الواسعة التي يجيد نتنياهو التلاعب بمشاعرها ومخاوفها الدفينة من عودة حكم اليسار الاستعلائي والعنصري (ضد الطوائف الشرقية).
وظّف نتنياهو مرة أخرى الخوف في العقل الباطني لجمهوره الليكودي، من البديل في حال خضع لليسار ومن يريدون الإساءة لحكومته، لأن الحرب التي يخوضها وتستهدفه هو وزوجته، "تستهدفنا جميعاً". ولم يعد الأمر في خطاب نتنياهو يتعلق بشخصه فقط، فهو اليمين واليمين هو نتنياهو، وبالتالي لا مجال أمام الآخرين إلا تصحيح المسار والاصطفاف وراء الزعيم.
عملياً، فإن نتنياهو الذي يجيد المناورة في سياسته الدولية، ينقلب داخلياً من "زعيم وسياسي دولي"، إلى ديماغوجي كاريزماتي لا يتورع عن اللجوء إلى أسوأ الأدوات ما دامت تخدم بقاءه في الحكم. فهو كان قد اتهم خصومه الداخليين أمثال مناحيم بيغن وقبله دان مريدور وروني ميلو، ممن حملوا في تسعينيات القرن الماضي تعبير "أمراء الليكود" لأن آباءهم كانوا من رعيل المؤسسين لحركة حيروت، بالتهاون والانحراف نحو اليسار. ووصل أخيراً إلى اتهام أحد أكثر أعضاء "الليكود" شعبية بعده، الوزير السابق، غدعون ساعر، وخصمه اللدود الرئيس الحالي، رؤبين ريفلين، بأنهما حاكا مؤامرة للانقلاب عليه، بعد الانتخابات، بالتخطيط لأن يكلف الرئيس الإسرائيلي، غدعون ساعر وليس نتنياهو بتشكيل الحكومة. وشنّ نتنياهو عبر أبواقه في حزب "الليكود"، وفي مقدمتهم وزيرة الثقافة، ميريت ريغيف، ورئيس الائتلاف دافيد امسالم، حملة شعواء على ريفلين وساعر، اضطرت الإثنين إلى إصدار بيانات نفي حازمة.
وعندما لم يعد أمام نتنياهو، في الواقع القائم حالياً، ما يخشاه من اليسار المنهار أصلاً، فقد كرس خطابه، مستفيداً من خطأ الشرطة في إعلان نتائج التحقيق وتوصياتها بتقديمه للمحاكمة في آخر يوم للمفتش العام للشرطة، لتحويل الشرطة إلى عدو الشعب. فوصف نفسه وأسرته ومعها "الليكود" واليمين ككل، كضحية لحملة اصطياد وملاحقة لم تتوقف، حتى في اختيار موعد مفضوح لتقديم التوصيات، التي استهل نتنياهو خطابه بوصفها أنها لم تكن مفاجئة من حيث المضمون، وأن ما يواجهه في الواقع هو "مباراة تم الاتفاق على نتائجها مسبقاً"، وهو ما اعتبر أيضاً تحريضاً مسبقاً ضد جهاز القضاء في حال تم تقديمه للمحاكمة بالتهم المنسوبة له، وهي تلقي الرشوة وخيانة الأمانة العامة وتشويش إجراءات التحقيق.
نجح نتنياهو في السنوات الأخيرة، بتكريس رواية كونه ضحية عملية اصطياد متواصلة من الإعلام واليسار، وأخيراً من الشرطة، من أجل هدف واحد فقط، هو إسقاط حكم اليمين وليس إسقاطه كشخص مشتبه به بالفساد. وفي هذه المعركة على الوعي العام في إسرائيل، يبدو نتنياهو المنتصر حالياً، على الأقل في صفوف الشرائح الشعبية واليمينية الواسعة التي يجيد نتنياهو التلاعب بمشاعرها ومخاوفها الدفينة من عودة حكم اليسار الاستعلائي والعنصري (ضد الطوائف الشرقية).