سجل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الأربعاء، انتصاراً، هو الأول من نوعه منذ عامين، على معارضيه داخل مؤتمر حزب "الليكود"، عندما تمكّن من استصدار أمر من محكمة الحزب الداخلية بعدم التصويت على اقتراح داني دانون (نائب وزير الأمن الإسرائيلي، وأحد أشد معارضي نتنياهو في الحزب) بوقف الشراكة مع حزب "يسرائيل بيتينو"، الذي يتزعمه أفيغدور ليبرمان، وتأجيل البت في هذا الأمر إلى المؤتمر المقبل.
وشكل انتصار نتنياهو هذا دفعة جديدة لاستعادته قوته داخل الحزب، التي بدا في الفترة الأخيرة أنها تراجعت، تحت التصريحات المتكررة لمعارضيه داخل الحزب، سواء على صعيد الوحدة مع حزب ليبرمان، حيث يخشى المعارضون أن يمضي نتنياهو قدماً نحو انخراط حزب ليبرمان في الليكود، ما يشكل، باعتقادهم، خطوة أولى نحو سيطرة "يسرائيل بيتينو" في الانتخابات المقبلة، على حزب "الليكود"، بشكل يتيح له، في فترة ما بعد نتنياهو، الترشح لرئاسة الحكومة باسم "الليكود" والإطاحة بمن يعدون أنفسهم لهذا المنصب.
كذلك تمكّن نتنياهو من حلّ فتيل المعارضة الشديدة في أوساط الحزب، والتي يترأسها دانون ولفين، ونائب الوزير، أوفير أكونيس، وميريت ريجف، بخصوص قبول حل الدولتين والعمل من أجل إقامة دولة فلسطينية. فقد تعهد نتنياهو بأنه سيعرض أي اتفاق مستقبلي مع الفلسطينيين على الكنيست، للحصول على موافقتها عليه، والأهم من ذلك طرح الاتفاق للاستفتاء العام.
وفي رسالة واضحة إلى معارضيه، قلل نتنياهو، في خطابه أمام المؤتمر، من فرص التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، ما يبقي عملياً على العملية التفاوضية كستار يمكّن الحكومة الإسرائيلية من مواصلة مشروعها الاستيطاني في الضفة الغربية، من دون أن تضطر إلى الحسم في شأن "حل الدولتين".
وعلى صعيد الائتلاف الحكومي القائم، فقد سجل نتنياهو، أيضاً، نصراً آخر عندما ألزم حزب "ييش عتيد"، بقيادة يئير لبيد، إلى سحب اقتراح القانون الذي يدعو إلى مساواة المثلين جنسيا والاعتراف بزواجهم، مع ما يترتب على ذلك من استحقاقات ضريبية، وهو اقتراح أثار حفيظة حزب البيت اليهودي، وكاد يؤدي أزمة في الائتلاف، لولا تدخل نتنياهو.
واعتبر المراقبون أن تدخل نتنياهو ونجاحه في تأجيل التصويت على اقتراح القانون المذكور، أعاد له عمليا القدرة على المناورة بين مركبات الائتلاف الحكومي، بعدما عانى لغاية اليوم، من "سوط" الحلف بين "البيت اليهودي" و"يش عتيد"، الذي حظي في إسرائيل باسم "حلف الأخوين" في إشارة على التناغم والاتفاق شبه المطلق الذي ساد لغاية اليوم بين زعمي الحزبين ومكنهما من فرض إرادتهما على نتنياهو.
ومن المحتمل أن يشكل الانتصاران الذين أحرزهما نتنياهو أمس، نقطة تحول في مبنى القوى داخل الحكومة الإسرائيلية، قد يقود إلى تغيير في تشكيلتها، ويؤدي في نهاية المطاف، في حال مارست الإدارة الأميركية ضغوطا على نتنياهو، إلى استبعاد حزب البيت اليهودي وفتح الطريق أمام دخول حزب العمل، أو حتى عودة أحزاب الحريديم للحكومة، بدلا من حزب "البيت اليهودي" لإنقاذ "المسيرة السلمية" وتجنيب إسرائيل ضغطاً دولياً على خلفية تعثر المفاوضات.