هل النسبة 70 أم 80 في المائة؟ ليس هذا المهمّ. الأهمّ أنّ المياه تشكّل النسبة الكبرى من جسم الإنسان. ويؤكد مستشار العناية بالبيئة والتنمية المستدامة عيسى محمد عبد اللطيف أنّ كلّ إنسان بالغ يحتاج إلى لترين من المياه على الأقل يومياً. فهل يحظى سكان الدول الغنية بمياه خالية من الملوّثات؟
ربّما لن يصدّق البعض أنّ هناك ملوّثات غير مدرجة في قائمة القياسات المخبرية، علماً أنها قد تكون أكثر ضرراً على صحة الإنسان والحيوان. على سبيل المثل، إن المياه المعبّأة في القوارير البلاستيكية تكون مليئة بجزيئيّات الميكروبلاستيك الدقيقة (من 20 إلى 110 ميكروناً)، وتمتصها المعدة. بعضها يدخل مجرى الدم مباشرة ويستقر في الكبد والكليتين، ما يؤدي إلى تسمّم تراكمي. وتفيد إحدى الدراسات بأن جزئيّات الميكروبلاستيك وُجدت في 60 في المائة من قوارير المياه المعبأة التي حلّلت مخبرياً. وخلصت دراسة أخرى أجريت في جامعة ولاية نيويورك، وشملت مختلف أنواع قوارير المياه في أميركا، إلى أنّ 93 في المائة من هذه القوارير تحتوي على جزيئات الميكروبلاستيك. كما أنّ قوارير البلاستيك نفسها صارت الآن أحد أكبر ملوثات البيئة في كل دول العالم.
هذا حال الدول الغنيّة. فماذا عن دول العالم الثالث؟
تشير الإحصائيات إلى أنّ ثلث دول العالم يعاني من ندرة المياه. وتعدّ دول جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا من أكثر الدول تضرراً من أزمة المياه، ويعاني الملايين بسبب عيشهم في أماكن يندر فيها وجود المياه. وبحلول عام 2030، يتوقع نزوح مئات الملايين من جرّاء ندرة المياه.
وعلى الرغم من بادرة الأمل التي أعلن عنها باحثون جيولوجيون بريطانيون، حين أكدوا أن لدى القارة مياهاً في باطن الأرض تزيد مائة مرة عمّا هو موجود على سطحها، ما يساعد نحو ثلاثمائة مليون أفريقي لا يمكنهم الوصول إلى مياه الشرب، تبقى هناك صعوبات بحسب برنامج الأمم المتحدة للبيئة في نيروبي.
مشكلة أخرى تتعلّق بالفساد في هذا القطاع الحيوي، ما يؤدي إلى حرمان الملايين من أهم مقومات الحياة. ويقول المدير الإقليمي للمناصرة في منظمة "ووتر ايد" غير الحكومية بيثليهم منجستو، إنّ "تأثير الفساد على قطاع المياه يتجلى في عدم وجود الإمداد المستدام للمياه، والاستثمار غير المنصف، والاستهداف الجائر للموارد، والمشاركة المحدودة للمجتمعات المتضررة في العمليات الإنمائية. وفي ظلّ ندرة وجوده، يكون عرضة للتلوّث والفساد".
(متخصص في شؤون البيئة)