تتجه دول الاتحاد الأوروبي نحو تطبيق استراتيجية للمساواة أكثر بين النساء والرجال خلال الفترة الممتدة بين العام الحالي 2020 وحتى 2025.
وبحسب المفوضية الأوروبية، فإن الهدف من الاستراتيجية التي أُعلنَت أول من أمس الخميس، قبل 3 أيام من يوم المرأة العالمي في الثامن من مارس/آذار الحالي، جعل أوروبا رائدة في مجال المساواة الجندرية، ورغم ذلك يتبين من الأرقام التي خرجت أمس أنه "رغم إحراز تقدم في المجال، فلا تزال الفوارق قائمة لناحية الأجور (الرواتب) بين الأكاديميات والرجال، بنسبة تصل في المتوسط إلى 16 في المائة عن شركائهن من الأكاديميين".
وإلى جانب مسائل المساواة في الرواتب، فإن التقرير الذي يعرض الاستراتيجية، يرى أن العنف بحق النساء في أوروبا لا يزال متفشياً في العقود الأخيرة، "فواحدة من كل ثلاث نساء تعرضت للعنف البدني والجنسي"، هذا إلى جانب إشارة المفوضية الأوروبية إلى بقاء الصورة النمطية حول النساء بين الذكور.
وفي السياق تذكّر الاستراتيجية الأوروبية للمساواة بأنه حتى الآن لم يحقق أي من بلدان الاتحاد الأوروبي المساواة التامة بين المرأة والرجل، ويتعلق غياب المساواة بالعديد من الأمور الحياتية في دول الاتحاد، ومن بينها الفروق في مجال التوظيف والرواتب والرعاية والمعاشات التقاعدية.
وتسعى أوروبا إلى سدّ هذه الفجوات "من خلال استغلال القدرات والإمكانات في مجالات تجارية وسياسية واجتماعية، وخصوصاً من خلال إجراءات تواجه العنف القائم على أساس الجنس والقوالب النمطية الجنسانية (الجندرية)، لضمان، أيضاً، مساواة في المشاركة وتكافؤ الفرص في سوق العمل، وعلى مستوى صنع القرار والسياسات".
عنف يطاولهن
وبحسب ما تبين الاستراتيجية الأوروبية، فإن 33 في المائة من نسوة أوروبا يتعرضن لعنف جسدي وجنسي، هذا بالإضافة إلى أن 55 في المائة يتعرضن لتحرشات جنسية. ولمواجهة هذا العنف اشتملت الخطة الخمسية حتى 2025 على ضرورة "اتخاذ تدابير قانونية لتجريم العنف ضد المرأة"، وتشير إلى أن اللجنة (في المفوضية الأوروبية)، المنوط بها تحقيق المساواة، ستوسع من عملها "لتحقيق مواءمة في جميع دول أوروبا لتوسيع تجريم أشكال محددة من العنف المنتهج ضد النساء، بما فيها الجرائم الجنسية والتحرش وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث (وهي إشارة إلى مواجهة انتشار ختان الإناث في بعض البيئات من أصول مهاجرة)".
وتوصي المفوضية الأوروبية أيضاً بتبني تشريعات في مجال مواجهة "الأنشطة غير المشروعة من خلال الخدمات الرقمية، بما في ذلك مكافحة العنف ضد المرأة على شبكة الإنترنت".
ولمواجهة الفوارق في رواتب النساء والرجال، يرى معدو الخطة الاستراتيجية أن القضية لا تتعلق فقط بأن راتب السيدات أقل بـ16 في المائة عن راتب الذكور، بل أيضاً في مصاعب تواجه المرأة للاحتفاظ بعملها، حيث إنها أكثر عرضة لصرفها من وظيفتها.
وترى الخطة أن "المساواة بين الجنسين شرط أساسي لاقتصاد أوروبي مبتكر وتنافسي ومزدهر"، وتجد أيضاً أن "التحديات الديموغرافية والتحول الأخضر (البيئي) والرقمي، يستدعيان دعم النساء اللائي يبحثن عن وظائف في القطاعات التي تنقصها المهارات، ولا سيما في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي"، ما سيكون له أثر إيجابي على الاقتصاد الأوروبي.
شفافية الأجور ومناصب عليا
وتزامناً مع إعلان استراتيجية مساواة الجنسين، لتمكينهما على قدم المساواة في المجالين المهني والشخصي، أطلقت المفوضية الأوروبية أول من أمس الخميس "جلسات استماع ومشاورات عامة بشأن شفافية الأجور، وستعلن تدابير ملزمة لمكافحة فارق الأجور بين الرجال والنساء بحلول نهاية العام الحالي 2020". ويلحظ معدو التقرير أن النساء الأوروبيات أقلّ تمثيلاً في المناصب العليا، بما في ذلك كبريات شركات الاتحاد الأوروبي، إذ لا يمثلن سوى 8 في المائة فيها فقط.
وترى المفوضية الأوروبية أنه يجب الضغط "لاعتماد مقترحات 2012 حول المساواة بين الجنسين في المناصب الإدارية الكبرى في مجال الأعمال التجارية"، وإلى جانب ذلك تمضي المفوضية للدفع بالمساواة بأنها "ستعمل على تعزيز المشاركة السياسية النسائية، بما في ذلك وبشكل عملي، في الانتخابات إلى البرلمان الأوروبي في 2024، حيث في نهاية ذلك العام يجب أن نكون قد وصلنا إلى المساواة التامة".
نصف المجتمع
وذكرت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، بالتزامن مع هذه الخطوات، وفقاً لموقع الاتحاد الأوروبي، أن "مسألة المساواة بين الجنسين مبدأ أساسي في الاتحاد الأوروبي، ولكنه لم يصبح حقيقة واقعة بعد"، وعددت فون دير لاين تلك الفوارق التي أشارت إليها الاستراتيجية، مع ملاحظة أنه "ليس مفيداً ولا كافياً لاستخدام كل إمكاناتنا وطاقاتنا إذا انحصر الأمر فقط بنصف السكان (أي بالرجال فحسب)، وبهذه الاستراتيجية للمساواة سنضغط أكثر لإحراز تقدم بشكل سريع لتعزيز المساواة بين الجنسين".
وفي ذات الاتجاه ذهبت نائبة فون دير لاين، ومفوضة القيم والشفافية في الاتحاد الأوروبي، فييرا يوروفا، بتأكيدها أن "أوروبا مكان جيد للعيش للمرأة، رغم كل العيوب، وبهذه الاستراتيجية يجب الوصول سريعاً إلى المساواة". أما مفوضة المساواة بين الجنسين، هيلينا دالي، فرأت أن "التمييز وغياب المساواة مكلفان للأشخاص وللمجتمعات، حيث يُفقداننا المواهب والابتكارات. وعلينا العمل لمساعدة المرأة، بحيث لا تكون مضطرة إلى بذل جهد مضاعف لتحقيق مكانتها والمساواة".