الواحات مناطق ساحرة الجمال وهادئته، تمنح العابرين السلام ذاته الذي تمنحه للمقيمين فيها، ويصف الكثيرون بساطة وجمال المقام فيها بقطعة من خيال. ألهمت فنانين وشعراء من كل الثقافات، ولم تخرج واحات المغرب عن هذا النطاق، في جنوب البلاد تحديداً، حيث الصحراء والنخيل ومنابع الماء والقصور الترابية رسم من الروعة المحتفية بالنقاء.
وتعد واحات المغرب إرثاً حضارياً ومجالاً معمارياً فريداً، يتمازج فيها الفن المعماري الأصيل بالطابع "الإيكولوجي" (البيئي)، هذا الأخير الذي يعكس التنوع الطبيعي الأصيل، ويميز واحات المغرب عن غيرها.
مع هذه المؤهلات يفترض أن تشكل الواحات رافعة تنموية اجتماعية واقتصادية وإيكولوجية، وهو ما استدعى بالضرورة توحيد الجهود في مجال التنمية المستدامة، من أجل حماية الواحات وتعزيز إمكاناتها السياحية والفلاحية للمساهمة في التنمية.
عصب التنمية
تلعب النساء في مناطق الواحات المغربية دوراً رئيسياً في صون ونقل المهارات الحرفية، وحفز الذاكرة الثقافية والتراثية للواحات، والقليلات منهن ملتزمات محلياً بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بفعل التمييز المرتبط بالوضع القبلي ووجود القرار في أيدي الذكور، وبالتالي كان التوجه نحو خلق تعاونيات ذات طابع نسائي.
لأجل ذلك ولتشجيع مقاربة النوع الاجتماعي، تم الاعتماد على أسس الاقتصاد الاجتماعي لتمكين المرأة من تطوير الأنشطة المدرة للدخل، وتثمين المنتجات المحلية، وأنشئت في هذا الإطار ثلاثة تجمعات ذات منفعة اقتصادية في قطاعات الكسكس المغربي والسلال المجدولة والتمور. تسمح أولا، بتعزيز التراث المحلي وعرضه ليكتشفه السياح، وثانيا، خلق مداخيل للسكان المحليين، الأمر الذي يساهم في تقليص هجرتهم الجماعية.
ونجحت التعاونيات التي تم إنشاؤها، مع مرور الوقت، في زرع روح تشاركية، تعزز قيم التضامن عبر الاقتسام الجماعي للمداخيل بين النساء، حيث أصبح دورهن أكثر فأكثر، معترفا به في المجتمع.
النخيل ثروة محلية
شجرة النخيل هي واحدة من أكثر الأشجار المثمرة التي تزرع في الواحات الصحراوية. وللتمور أهمية كبيرة في النظام الغذائي للبدو الرحل المرتبطين بالواحات لقيمتها الغذائية والطاقية، وسهولة تخزينها لفترات أطول.
ويستخدم سعفها لصناعة مختلف أنواع السلال، وهي بذلك واحدة من أهم الأنشطة الحرفية التي تمارسها نساء الواحات اللاتي يملكن خبرة محلية مهمة في حفظ وتحويل التمور إلى منتجات متنوعة. وهذا الاهتمام بالتمور لا يمكن أن يبتعد أيضا عن مكانتها داخل عادات سكان الواحات، فالتمر والحليب يقدمان في التقاليد المحلية، لاستقبال الضيوف والأقارب العائدين بعد سفر.
تعتبر شجرة النخيل المصدر الرئيسي للدخل، وتقدر نسبة مساهمة شجرة النخيل في مداخيل سكان المناطق الصحراوية، ما بين 20 في المائة إلى 60 في المائة على الصعيد الوطني. وتنخرط الجهود المبذولة اليوم لحماية هذا النظام عبر برنامج واحات الجنوب وشركائه، لا سيما من خلال تثمينه كتراث، في مقاربة متكاملة تشمل الجوانب المادية (الموارد الطبيعية، وتغير المناخ ..) مع الحوكمة المحلية وإدماج النوع الاجتماعي، وتعزيز التراث ودعم إنشاء "ميكرو مقاولات" يمكنها أن تساعد على استقرار السكان في بيئتهم وتثمين مهاراتهم. وهذه أفضل مقاربة لتثمين قيمة التراث، وكذلك تقليص تكاليف تكوين السكان المحليين للتمكن من التقنيات الجديدة.
سلال مجدولة
قطاع السلال المجدولة من سعف النخل والقصب جزء من الأنشطة الحرفية في الواحات الجنوبية. هذه المهارة المتوارثة تناقلتها النساء من جيل إلى آخر، فليس غريبا أن نرى النساء في واحة "تيغمرت" جنوبي المغرب، يتسلقن بشجاعة جذوع أشجار النخيل السامقة، لأجل قطع سعفها.
في الواقع فإن إنتاجاً ذا جودة يتطلب قطع سعف النخيل البيضاء حديثة النمو، لسهولة استعمالها وبالتالي مشقة أكبر من النساء. وتستمر اليوم، تعاونيات السلال المجدولة في إنتاج القطع التقليدية المطلوبة محليا، بما فيها أواني الطبخ والكسكس، كالصينية، والوعاء المبخّر للكسكس ووعاء الخبز واللوح الذي يوضع تحت آنية الطاجين بعد الطهو وأفرشة الحصير وإكسسوارات الديكور.
ويعتمد الوقت اللازم لصنع قطعة من السلال المجدولة على سرعة وقدرة كل امرأة، ووقتها المتاح. علاوة على ذلك، يتوقف الإنتاج في فصل الشتاء بسبب البرد، حيث يصعب فتل الألياف وتضطر النساء للعمل ساعات طوال، خاصة أن وقتهن مقسّم بين الأعمال المنزلية، والعمل في الحقول بالموازاة مع الاشتغال بالحرف اليدوية التقليدية. هذه المهارات المكتسبة من الأجداد، والمميزة لتراث الواحات الثقافي، ولكن المتعبة أيضا والمهددة بالتدهور والاندثار.
من ناحية أخرى، تساهم نساء الواحات في تطوير الموروث الحرفي المحلي، عبر إتقان أساليب إنتاج جديدة وتنويع إكسسوارات الديكور المنزلية، التي يمكن تسويقها على المستوى الوطني والدولي، في أفق مضاعفة الطلبيات القادمة من الخارج، وذلك بفضل خبرة المصممين التي تقدر المنتوجات المحلية للواحات حين تزاوج بين أصالة المنتوج المحلي وجماليات التصميم العصرية.
وتماما كما السلال المجدولة، تعتبر صناعة الخيام من الأنشطة العريقة التي تمتلك النساء مهاراتها وتقنيات إنتاجها. فإذا كان تسويق السلال المجدولة عادة قديمة مثل إنتاجه، فإن إنتاج الخيام متأخر بعض الشيء، لأن النساء ينتجنها لسد الاحتياجات الأسرية لا بغرض التصدير، فبالرغم من أن الخيمة الصحراوية التي تصنع من شعر الماعز والجمال، وهي من المواد التي تحمي من البرد أو الحرارة، بالرغم من أنها متجذرة في العادات والتقاليد الصحراوية إلا أنها مهددة بالزوال، لاعتبارات أهمها استقرار البدو الرحل الصحراويين في المدن، وتعويضها بالمنازل.
مع ذلك يبقى الحنين والمحافظة على الموروث الثقافي عاملين مهمين لإنتاج الخيام، فهي بيت يسهل نقله إلى أي وجهة نريد، كما أنها مكان وديّ تجتمع فيه النساء الصحراويات ويحتسين الشاي في طقوس خاصة بالمناطق الصحراوية، ويمارسن فيه ألعابهن الصحراوية الشعبية المفضلة.
وتعد واحات المغرب إرثاً حضارياً ومجالاً معمارياً فريداً، يتمازج فيها الفن المعماري الأصيل بالطابع "الإيكولوجي" (البيئي)، هذا الأخير الذي يعكس التنوع الطبيعي الأصيل، ويميز واحات المغرب عن غيرها.
مع هذه المؤهلات يفترض أن تشكل الواحات رافعة تنموية اجتماعية واقتصادية وإيكولوجية، وهو ما استدعى بالضرورة توحيد الجهود في مجال التنمية المستدامة، من أجل حماية الواحات وتعزيز إمكاناتها السياحية والفلاحية للمساهمة في التنمية.
عصب التنمية
تلعب النساء في مناطق الواحات المغربية دوراً رئيسياً في صون ونقل المهارات الحرفية، وحفز الذاكرة الثقافية والتراثية للواحات، والقليلات منهن ملتزمات محلياً بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بفعل التمييز المرتبط بالوضع القبلي ووجود القرار في أيدي الذكور، وبالتالي كان التوجه نحو خلق تعاونيات ذات طابع نسائي.
لأجل ذلك ولتشجيع مقاربة النوع الاجتماعي، تم الاعتماد على أسس الاقتصاد الاجتماعي لتمكين المرأة من تطوير الأنشطة المدرة للدخل، وتثمين المنتجات المحلية، وأنشئت في هذا الإطار ثلاثة تجمعات ذات منفعة اقتصادية في قطاعات الكسكس المغربي والسلال المجدولة والتمور. تسمح أولا، بتعزيز التراث المحلي وعرضه ليكتشفه السياح، وثانيا، خلق مداخيل للسكان المحليين، الأمر الذي يساهم في تقليص هجرتهم الجماعية.
ونجحت التعاونيات التي تم إنشاؤها، مع مرور الوقت، في زرع روح تشاركية، تعزز قيم التضامن عبر الاقتسام الجماعي للمداخيل بين النساء، حيث أصبح دورهن أكثر فأكثر، معترفا به في المجتمع.
النخيل ثروة محلية
شجرة النخيل هي واحدة من أكثر الأشجار المثمرة التي تزرع في الواحات الصحراوية. وللتمور أهمية كبيرة في النظام الغذائي للبدو الرحل المرتبطين بالواحات لقيمتها الغذائية والطاقية، وسهولة تخزينها لفترات أطول.
ويستخدم سعفها لصناعة مختلف أنواع السلال، وهي بذلك واحدة من أهم الأنشطة الحرفية التي تمارسها نساء الواحات اللاتي يملكن خبرة محلية مهمة في حفظ وتحويل التمور إلى منتجات متنوعة. وهذا الاهتمام بالتمور لا يمكن أن يبتعد أيضا عن مكانتها داخل عادات سكان الواحات، فالتمر والحليب يقدمان في التقاليد المحلية، لاستقبال الضيوف والأقارب العائدين بعد سفر.
تعتبر شجرة النخيل المصدر الرئيسي للدخل، وتقدر نسبة مساهمة شجرة النخيل في مداخيل سكان المناطق الصحراوية، ما بين 20 في المائة إلى 60 في المائة على الصعيد الوطني. وتنخرط الجهود المبذولة اليوم لحماية هذا النظام عبر برنامج واحات الجنوب وشركائه، لا سيما من خلال تثمينه كتراث، في مقاربة متكاملة تشمل الجوانب المادية (الموارد الطبيعية، وتغير المناخ ..) مع الحوكمة المحلية وإدماج النوع الاجتماعي، وتعزيز التراث ودعم إنشاء "ميكرو مقاولات" يمكنها أن تساعد على استقرار السكان في بيئتهم وتثمين مهاراتهم. وهذه أفضل مقاربة لتثمين قيمة التراث، وكذلك تقليص تكاليف تكوين السكان المحليين للتمكن من التقنيات الجديدة.
سلال مجدولة
قطاع السلال المجدولة من سعف النخل والقصب جزء من الأنشطة الحرفية في الواحات الجنوبية. هذه المهارة المتوارثة تناقلتها النساء من جيل إلى آخر، فليس غريبا أن نرى النساء في واحة "تيغمرت" جنوبي المغرب، يتسلقن بشجاعة جذوع أشجار النخيل السامقة، لأجل قطع سعفها.
في الواقع فإن إنتاجاً ذا جودة يتطلب قطع سعف النخيل البيضاء حديثة النمو، لسهولة استعمالها وبالتالي مشقة أكبر من النساء. وتستمر اليوم، تعاونيات السلال المجدولة في إنتاج القطع التقليدية المطلوبة محليا، بما فيها أواني الطبخ والكسكس، كالصينية، والوعاء المبخّر للكسكس ووعاء الخبز واللوح الذي يوضع تحت آنية الطاجين بعد الطهو وأفرشة الحصير وإكسسوارات الديكور.
ويعتمد الوقت اللازم لصنع قطعة من السلال المجدولة على سرعة وقدرة كل امرأة، ووقتها المتاح. علاوة على ذلك، يتوقف الإنتاج في فصل الشتاء بسبب البرد، حيث يصعب فتل الألياف وتضطر النساء للعمل ساعات طوال، خاصة أن وقتهن مقسّم بين الأعمال المنزلية، والعمل في الحقول بالموازاة مع الاشتغال بالحرف اليدوية التقليدية. هذه المهارات المكتسبة من الأجداد، والمميزة لتراث الواحات الثقافي، ولكن المتعبة أيضا والمهددة بالتدهور والاندثار.
من ناحية أخرى، تساهم نساء الواحات في تطوير الموروث الحرفي المحلي، عبر إتقان أساليب إنتاج جديدة وتنويع إكسسوارات الديكور المنزلية، التي يمكن تسويقها على المستوى الوطني والدولي، في أفق مضاعفة الطلبيات القادمة من الخارج، وذلك بفضل خبرة المصممين التي تقدر المنتوجات المحلية للواحات حين تزاوج بين أصالة المنتوج المحلي وجماليات التصميم العصرية.
وتماما كما السلال المجدولة، تعتبر صناعة الخيام من الأنشطة العريقة التي تمتلك النساء مهاراتها وتقنيات إنتاجها. فإذا كان تسويق السلال المجدولة عادة قديمة مثل إنتاجه، فإن إنتاج الخيام متأخر بعض الشيء، لأن النساء ينتجنها لسد الاحتياجات الأسرية لا بغرض التصدير، فبالرغم من أن الخيمة الصحراوية التي تصنع من شعر الماعز والجمال، وهي من المواد التي تحمي من البرد أو الحرارة، بالرغم من أنها متجذرة في العادات والتقاليد الصحراوية إلا أنها مهددة بالزوال، لاعتبارات أهمها استقرار البدو الرحل الصحراويين في المدن، وتعويضها بالمنازل.
مع ذلك يبقى الحنين والمحافظة على الموروث الثقافي عاملين مهمين لإنتاج الخيام، فهي بيت يسهل نقله إلى أي وجهة نريد، كما أنها مكان وديّ تجتمع فيه النساء الصحراويات ويحتسين الشاي في طقوس خاصة بالمناطق الصحراوية، ويمارسن فيه ألعابهن الصحراوية الشعبية المفضلة.