نظافة كابول برسم سكّانها والحكومة الأفغانيّة

23 مايو 2016
لا بدّ من تعاون المواطنين مع البلديّة (فرانس برس)
+ الخط -

خلال الأيام الماضية، كشف الرئيس الأفغاني أشرف غني أنّ حكومته تعتزم إبرام اتفاقية مع شركة أجنبيّة لحلّ قضية النظافة في العاصمة. لكنّ بعض المراقبين يرون أنّ الأزمة لن تُحلّ إذا لم يساهم المواطنون في ذلك.

تعرف العاصمة الأفغانية كابول التي يقطنها أكثر من ستة ملايين نسمة، ازدحاماً شديداً بالمقارنة مع الأقاليم. وهي تواجه ملفات اجتماعية ومعيشية كثيرة، لعلّ أبرزها قضية النظافة والنفايات المنزلية. وذلك على الرغم من تكلّل جهود الحكومة الأخيرة في هذا المجال، بالنجاح.

يؤكّد ناشطون وخبراء في هذا المجال أنّ الحكومة وعلى الرغم من كلّ سعيها، إلا أنّها لن تكون قادرة على التصدي للقضية إلا في حال تعاون المواطنون معها. ويوضح هؤلاء وكذلك مسؤولون في البلديّة، أنّ سكّان العاصمة لا يتعاونون مع البلدية في هذا الشأن. ويدعون الحكومة إلى الترويج لعادة "حشر" المحليّة التي تجمع الأفغان لإنجاز أعمال اجتماعية.

ويشير مسؤولون في البلدية إلى أنّ سكّان العاصمة لا يحترمون القوانين الموضوعة للحفاظ على نظافتها، كذلك لا يشاركون في الحملات التطوعية التي تطلقها البلدية بين الحين والآخر من أجل تنظيف المدينة، وذلك بعكس ما كان رائجاً في السابق، عندما كان السكّان يشاركون في تلك الحملات المعروفة محليا بـ "حشر" لتنظيف المدينة وغيرها من الشؤون الاجتماعية.

نثار أحمد غوري هو مسؤول الحملات التطوعية في بلدية كابول، يشير إلى أنّهم يدعون "المواطنين إلى المشاركة في الحملات خلال يومَي الخميس والجمعة من كلّ أسبوع، إلا أنّ عدداً ضئيلاً فقط يشارك فيها، في حين قد لا يشارك أحد في ذلك". ويشكو من "عدم اهتمام الحكومة ومما تواجهه البلدية من شحّ في وسائل نقل النفايات المنزلية وأعداد العمال"، مشدداً على "أننا في حاجة إلى الاهتمام بهذا القطاع. وتنظيف العاصمة غير ممكن إلا من خلال التعاون بين الحكومة وعامة المواطنين". ويطالب نثار سكّان العاصمة "بالتعاون مع البلدية من خلال إلقاء النفايات المنزلية في الأماكن المخصصة لها، بدلاً من الطرقات والأماكن العامة". كذلك يطالبهم بالمشاركة في الحملات التطوعية التي تطلقها الحكومة في هذا المجال.




من جهته، يقول عزيز صالح وهو مسؤول آخر في البلدية إنّ "المشكلة الرئيسية هي في عدد العاملين في البلدية بالمقارنة مع الكثافة السكانية في العاصمة"، موضحاً أنّ "نحو ستة ملايين شخص يعيشون في المدينة وأنّ عدد سكّانها يرتفع بشكل سريع بسبب الأوضاع الأمنية الصعبة في الأقاليم". يضيف إلى ذلك "عدم مراعاة تعليمات البلدية من قبل السكّان". وعلى سبيل المثال، يلفت إلى أنّ "نحو 650 ألف شخص يعيشون في الناحية الرابعة من العاصمة بينما عدد عمال التنظيف فيها 160 عاملاً فقط. بالتالي، العدد غير كاف لتأمين النظافة بالإضافة إلى نقص في الوسائل".

في المقابل، يدّعي بعض السكّان أنهم يبذلون الجهود للمحافظة على نظافة المدينة والمساهمة في المشاريع ذات الصلة. عبد القدير من سكّان منطقة خوشحال خان، يؤكد أنّهم يراعون كلّ القوانين التي وضعتها البلدية وأنّ ثمّة تنسيقاً في ما بين سكّان تلك الناحية حول هذا الشأن، "كذلك فإننا نساهم في حملات التنظيف. لكنّ المشكلة الرئيسية هي في الفساد المستشري الذي يطال كل دوائر الحكومة ومنها البلدية". على سبيل المثال، يشير إلى أنّ "سيارات نقل النفايات لا تعمل بحسب الخطة المرسومة، لأنّ المسؤولين يطمعون في الوقود ويسرقونه". ويرى عبد القدير أنّ "على الحكومة القضاء على الفساد الذي هو أساس كثير من المشاكل التي نواجهها". ويعبّر عن خشيته من "تسجيل عمّال وهميّين في البلدية، لا وجود لهم إلا على الورق، فيما تُصرف رواتبهم وتُوَجّه إلى جيوب المسؤولين، مثلما حدث في الشرطة وقطاع التعليم". وخشيته هذه تنطلق من أنّ مسؤولاً في البلدية أكّد له ذلك.

في السياق ذاته، يشير موظفون بلديون إلى تغيّر في تعامل المواطن الأفغاني عموماً وسكّان العاصمة خصوصاً مع الملفات الاجتماعية، لكنّ الأمر ما زال في حاجة إلى جهد أكبر. وهذا ما يؤكده مسؤول البلدية في الناحية 13 من العاصمة سيد رحمت الله سادات، إذ يقول إنّ "60% من سكّان الناحية يتعاونون مع البلدية، ونحن نعمل لبثّ الوعي لدى السكّان وتوجيههم إلى واجبهم في هذا المجال".

ويؤكّد جاويد فيضي من سكّان منطقة كوتي سنكي، أنّ "تعامل الناس مع الملفات الاجتماعية قد تغيّر إلى حدّ ما، وأنّهم بدأوا يهتمون بها، بما في ذلك شؤون البلدية وما يتعلق بنظافة المدينة". لكنّه يشدّد على أنّ القضية ما زالت بحاجة إلى عمل أكبر، وأنّ مساهمة المواطن واهتمام الحكومة معاً هو الحل.

تجدر الإشارة إلى أنّ شركات خاصة بدأت تساهم في تأمين نظافة المدينة. وبما أنّ عملها يقتصر على مناطق معيّنة، فإنّ أثرها ما زال ضئيلاً. يخبر حسن مرتضى وهو من سكّان منطقة دشتي برجي، "تعبنا من مشكلة النفايات إذ إنّ البلدية لم تكن قادرة على معالجتها بالشكل المطلوب، بالتالي اتفقنا مع شركة خاصة. يأتي طاقم كل يوم ويجمع النفايات من المنازل، في المقابل يدفع المواطنون للشركة مبلغاً معيناً كل شهر". ويرى أنّ "في إمكان الحكومة الاستعانة بمثل هذه الشركات".