تمتلئ أرصفة شوارع العاصمة اليمنية صنعاء والمدن الصغيرة المحيطة بها، بمخلفات متنوعة بعد توقف السلطات عن دفع رواتب عمال النظافة منذ أكثر من سبعة أشهر بسبب الحرب.
تساهم هذه الأزمة البيئية والصحية الخطيرة في تفشي أمراض الكوليرا وحمى الضنك والجرب والملاريا وغيرها. ويشكو أحمد السعواني، وهو من سكان منطقة مسيك، شرق مدينة صنعاء: "تسببت الأمطار في تحول شارعنا إلى مجرى لسيول النفايات المنزلية بعد تراكم أكياسها على جنبات شوارع كثيرة".
وكانت الأمطار التي بدأ موسمها في مارس/ آذار الماضي عاملاً مساهماً في غزو النفايات شوارع كثيرة، إذ عمد عدد من السكان المنزعجين من تلال النفايات إلى التخلص من بعضها عبر إلقائها في المجاري الرئيسية لسيول الأمطار، لتعزز من احتمالات تفشي الأمراض، خصوصاً بعد تلوث مصادر المياه الجوفية بها. ولم تبقَ النفايات في مجاري المياه بل تمددت في الشوارع لتصل إلى عتبات منازل السكان.
يقول أحمد الصالحي، وهو من سكان منطقة الصافية، إنّ أطفال الحيّ يفرحون بمياه الأمطار، فينزلون إلى الشوارع خلال أو عقب هطول المطر ليلعبوا بالمياه. وبذلك، يعرّضون أنفسهم للأمراض من دون أن تعير أسرهم ذلك أدنى اهتمام. يضيف: "أحاول توعية الأطفال وأهلهم بخطورة ذلك السلوك بعد تلوث المياه بالنفايات، لكنّهم يردون عليّ أن لا مشكلة فجريان المياه يجرف القمامة مع بداية السيول". يشير إلى أنّ أحد المخاطر الظاهرة لهذا الأمر أنّ مجموعات من الفقراء "تنثر محتويات أكياس القمامة قبل هطول الأمطار بحثاً عن القناني البلاستيكية لبيعها، أو بحثاً عن بقايا الغذاء والخضر لتغذية أغنامهم، فتهطل الأمطار وتنشر تلك المحتويات في مختلف أرجاء الحي".
أبرز من ينبشون النفايات هم عمال النظافة بالذات، بسبب فقرهم الشديد وعدم تلقيهم رواتبهم منذ شهور. يقول عامل النظافة سعيد محمد: "منذ نحو 4 أشهر نعاني من انقطاع الرواتب، بالرغم من أنّنا نقوم بعملنا على أكمل وجه حرصاً على سلامة العامة جراء أضرار تراكم النفايات. وأمام استمرار تجاهل السلطات حقوقنا ووضعنا المعيشي المزري، قررنا جميعاً التوقف عن العمل والإضراب الكلي في ريف صنعاء والمدينة، وهو ما تحقق". يضيف محمد أنّ السلطات تجاوبت بعد أيام من الإضراب بصرف راتب شهر واحد فقط لعمال المدينة مع وعد بصرف رواتب جميع العمال خلال الأيام المقبلة.
يؤكد محمد أنّ أسرته من أشد المتضررين من انتشار القمامة وتداعياتها المختلفة كون معظم عمال النظافة يسكنون في بيوت الصفيح بالقرب من مجاري السيول الرئيسية، أو أكبر بؤر تجميع القمامة في المدينة وخارجها. وفي ظل انقطاع الرواتب طويلاً والارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية، يقول محمد إنّ بعض عمال النظافة يلجؤون إلى اقتطاع أوقات من دوام عملهم لجمع عبوات البلاستيك وبيعها أو تلميع السيارات في الشوارع أو العمل في البناء: "بل إنّ البعض دفع بأطفاله إلى التسول، لكي يوفر لأسرته الحد الأدنى من الغذاء".
الناحية الجمالية من مظاهر تلك الأزمة أيضاً، إذ تشوه شكل الشوارع الكبيرة وانتشرت الروائح الكريهة في التقاطعات العامة. المشكلة لم تستثن أيّ مكان في صنعاء، بل اخترقت مؤسسات كبيرة وصولاً إلى الجامعات. يقول الطالب الجامعي عصام محمد أحمد: "القمامة مكدسة في كلّ مكان حتى حول سور جامعتي وداخلها، إذ تُجمع داخل أكياس كبيرة وتكدس يومياً. فكرت بوضع كمامة على وجهي بسبب الرائحة النتنة المنبعثة. النفايات تؤذينا إلى درجة مقززة، حتى إنّي فقدت الشهية لوجبة الإفطار في الجامعة". يطالب أحمد بضرورة معالجة الأمر بشكل طارئ ومستدام: "لا معنى لأيّ سلطة ما لم توفر رواتب عمال النظافة وتحافظ على الصحة العامة".
بدائل خطيرة
بسبب أزمة النفايات المنتشرة في أرجاء صنعاء، بادر عدد من شبان الأحياء العاطلين من العمل، أو ممن توقفوا قسراً بسبب انقطاع الرواتب، إلى الحدّ من توسع مساحة النفايات بجعلها على هيئة ركام رأسي أو إحراقها. لكنّ ذلك تسبب في مأساة أخرى تمثلت في تضرر المحيط بالحشرات الهائمة التي وصلت إلى البيوت، وبالأدخنة الهائلة التي أضرّت بالسكان لا سيّما الأطفال والنساء.
اقــرأ أيضاً
تساهم هذه الأزمة البيئية والصحية الخطيرة في تفشي أمراض الكوليرا وحمى الضنك والجرب والملاريا وغيرها. ويشكو أحمد السعواني، وهو من سكان منطقة مسيك، شرق مدينة صنعاء: "تسببت الأمطار في تحول شارعنا إلى مجرى لسيول النفايات المنزلية بعد تراكم أكياسها على جنبات شوارع كثيرة".
وكانت الأمطار التي بدأ موسمها في مارس/ آذار الماضي عاملاً مساهماً في غزو النفايات شوارع كثيرة، إذ عمد عدد من السكان المنزعجين من تلال النفايات إلى التخلص من بعضها عبر إلقائها في المجاري الرئيسية لسيول الأمطار، لتعزز من احتمالات تفشي الأمراض، خصوصاً بعد تلوث مصادر المياه الجوفية بها. ولم تبقَ النفايات في مجاري المياه بل تمددت في الشوارع لتصل إلى عتبات منازل السكان.
يقول أحمد الصالحي، وهو من سكان منطقة الصافية، إنّ أطفال الحيّ يفرحون بمياه الأمطار، فينزلون إلى الشوارع خلال أو عقب هطول المطر ليلعبوا بالمياه. وبذلك، يعرّضون أنفسهم للأمراض من دون أن تعير أسرهم ذلك أدنى اهتمام. يضيف: "أحاول توعية الأطفال وأهلهم بخطورة ذلك السلوك بعد تلوث المياه بالنفايات، لكنّهم يردون عليّ أن لا مشكلة فجريان المياه يجرف القمامة مع بداية السيول". يشير إلى أنّ أحد المخاطر الظاهرة لهذا الأمر أنّ مجموعات من الفقراء "تنثر محتويات أكياس القمامة قبل هطول الأمطار بحثاً عن القناني البلاستيكية لبيعها، أو بحثاً عن بقايا الغذاء والخضر لتغذية أغنامهم، فتهطل الأمطار وتنشر تلك المحتويات في مختلف أرجاء الحي".
(العربي الجديد) |
أبرز من ينبشون النفايات هم عمال النظافة بالذات، بسبب فقرهم الشديد وعدم تلقيهم رواتبهم منذ شهور. يقول عامل النظافة سعيد محمد: "منذ نحو 4 أشهر نعاني من انقطاع الرواتب، بالرغم من أنّنا نقوم بعملنا على أكمل وجه حرصاً على سلامة العامة جراء أضرار تراكم النفايات. وأمام استمرار تجاهل السلطات حقوقنا ووضعنا المعيشي المزري، قررنا جميعاً التوقف عن العمل والإضراب الكلي في ريف صنعاء والمدينة، وهو ما تحقق". يضيف محمد أنّ السلطات تجاوبت بعد أيام من الإضراب بصرف راتب شهر واحد فقط لعمال المدينة مع وعد بصرف رواتب جميع العمال خلال الأيام المقبلة.
يؤكد محمد أنّ أسرته من أشد المتضررين من انتشار القمامة وتداعياتها المختلفة كون معظم عمال النظافة يسكنون في بيوت الصفيح بالقرب من مجاري السيول الرئيسية، أو أكبر بؤر تجميع القمامة في المدينة وخارجها. وفي ظل انقطاع الرواتب طويلاً والارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية، يقول محمد إنّ بعض عمال النظافة يلجؤون إلى اقتطاع أوقات من دوام عملهم لجمع عبوات البلاستيك وبيعها أو تلميع السيارات في الشوارع أو العمل في البناء: "بل إنّ البعض دفع بأطفاله إلى التسول، لكي يوفر لأسرته الحد الأدنى من الغذاء".
الناحية الجمالية من مظاهر تلك الأزمة أيضاً، إذ تشوه شكل الشوارع الكبيرة وانتشرت الروائح الكريهة في التقاطعات العامة. المشكلة لم تستثن أيّ مكان في صنعاء، بل اخترقت مؤسسات كبيرة وصولاً إلى الجامعات. يقول الطالب الجامعي عصام محمد أحمد: "القمامة مكدسة في كلّ مكان حتى حول سور جامعتي وداخلها، إذ تُجمع داخل أكياس كبيرة وتكدس يومياً. فكرت بوضع كمامة على وجهي بسبب الرائحة النتنة المنبعثة. النفايات تؤذينا إلى درجة مقززة، حتى إنّي فقدت الشهية لوجبة الإفطار في الجامعة". يطالب أحمد بضرورة معالجة الأمر بشكل طارئ ومستدام: "لا معنى لأيّ سلطة ما لم توفر رواتب عمال النظافة وتحافظ على الصحة العامة".
بدائل خطيرة
بسبب أزمة النفايات المنتشرة في أرجاء صنعاء، بادر عدد من شبان الأحياء العاطلين من العمل، أو ممن توقفوا قسراً بسبب انقطاع الرواتب، إلى الحدّ من توسع مساحة النفايات بجعلها على هيئة ركام رأسي أو إحراقها. لكنّ ذلك تسبب في مأساة أخرى تمثلت في تضرر المحيط بالحشرات الهائمة التي وصلت إلى البيوت، وبالأدخنة الهائلة التي أضرّت بالسكان لا سيّما الأطفال والنساء.