03 يوليو 2019
نفق سريّ إلى حضن "الشيطان الأكبر"
أما من طريق مباشرة إلى فلسطين، لا تمر عبر صنعاء أو طهران أو بغداد أو دمشق؟ أما من قوة سياسية، في هذا الإقليم، تضع القدس أولاً، لا ثانياً، أو حتى ثالثاً، في شعارها الوطني، أو القومي، أو التحريضي، أو الدعوي؟ لماذا ينبغي أن تظل يافا أو نابلس أو رام الله على قائمة الانتظار الأبدي، في أدنى درجات السلم الذي تقف على رأسه، اليوم، بلدات كالقلمون أو خورمكسر أو الفلوجة، بعدما تسيدته، من قبل، مدن وعواصم، ليس من بينها واحدة تحتلها إسرائيل؟ وهل ما زال أصحاب نظريات الدجل القومي والديني، في العالم العربي، وجواره، يظنون بقابلية الناس لتصديق الكذب نفسه الذي صدقوه عشرات المرات، طوال ستين سنة مضت.
مناسبة هذا الكلام، تعرفون، هي إعلان الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، قبل أيام، مفاجأته المذهلة التي تبشرنا، أو تكاد، بأن في جبال القلمون السورية نفقاً سرياً، يؤدي إلى جبال الكرمل والجليل الفلسطينية المحتلة، فإن وصل مقاتلو الشيعة السياسية إليه، وقضوا على "العصابات السنية التكفيرية"، وحالوا دون أن تتعرض "زينب للسبي مرة أخرى"، يصير تحرير فلسطين تحصيلا حاصلا، أو كنزع الشعرة من العجين.
ولئن كان هناك من يصعب عليه تصديق هذه البشرى، بفعل تشابهها مع نظريات تافهة كاذبة، كانت حدثت الناس عن طرق التفافية إلى فلسطين، تمر عبر صنعاء وطهران، والكويت، فليعلم هؤلاء الشكاكون أن النسخة الأخيرة الجديدة من شعارات "فلسطين ثانياً" تختلف كل الاختلاف، على ما فهمنا من سيد ضاحية بيروت الجنوبية، لأن إيران خامنئي، لا مصر عبدالناصر، أو عراق صدام حسين، هي من يرفعها، أو ينادي بها. وأنت، بحسب ما قال المكلف من الولي الفقيه في بلاد فارس "لا تستطيع أن تكون مع فلسطين، إلا إذا كنت مع إيران، كما لا يمكن أن تكون عدواً لإيران ومع فلسطين، لأن إيران هي الأمل الوحيد المتبقي لتحرير القدس".
وبتمديد منطق نصر الله على استقامته، يصير لزاماً على الشعب الفلسطيني، باختلاف تياراته، أن يراجع مسيرته، ليكتشف أن كل حروبه ومعاركه مع إسرائيل كانت مجرد عبث، لأنه لم يكن معإيران، وأن أرواح شهدائه وعذابات جرحاه، وأسراه، ومشرديه، راحت هباء، لأنهم اقترفوا خطيئة الظن بوجود طريق إلى فلسطين، تمر عبر حدود فلسطين، وأن الحل الوحيد الباقي أمامه لتحرير وطنه السليب، هو الزج بألوف من أبنائه، ليتطوعوا في فيلق القدس، وحزب الله، وكتائب أبوالفضل العباس، والحشد الشعبي الطائفي، فضلا عن الحوثيين في اليمن أيضاً، وقد صاروا جزءاً أساسياً من محور المقاومة والممانعة الذي تقوده إيران، ويرفعون، ككل أعضائه، شعار "الموت لأميركا، الموت لإسرائيل".
لكن، ما لا يقوله زعيم المليشيا الطائفية الأهم التي تقاتل في سورية، دفاعا عن نظام بشار الأسد، هو لماذا لم تكتشف قوى المقاومة والممانعة طرق القلمون والحسكة أو أنفاقهما، المؤدية إلى فلسطين، إلا بعد اندلاع الثورة السورية؟ ولماذا يقاتل فيلق القدس الإيراني في كل مكان من بلاد الشام وما بين النهرين، باستثناء فلسطين؟ ولماذا لا ينفذ زعماء إيران وعيدهم المتكرر بمسح إسرائيل من الوجود، إذا كانوا صادقين في عداوتهم لها؟
إنها تساؤلات ما كانت يوماً تحتاج عناء البحث عن أجوبة لها، وها هي تصير، أخيراً، من لزوم ما لا يلزم، بعدما انتهت قصة الصراع بين إيران والغرب باتفاق يكشف النقاب عن حقيقة تقول إن "المرشد الأعلى" لفارس الجديدة، ومعه عملاؤه العرب الملتحفون بالعباءات المذهبية، قد استخدم أنفاقاً وطرقاً سرية فعلية في بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، ليصل عبرها، لا إلى القدس، بل إلى واشنطن، وناديها النووي، ويجلس، هناك، علناً، في حضن من كان يسميه دوماً "الشيطان الأكبر".
مناسبة هذا الكلام، تعرفون، هي إعلان الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، قبل أيام، مفاجأته المذهلة التي تبشرنا، أو تكاد، بأن في جبال القلمون السورية نفقاً سرياً، يؤدي إلى جبال الكرمل والجليل الفلسطينية المحتلة، فإن وصل مقاتلو الشيعة السياسية إليه، وقضوا على "العصابات السنية التكفيرية"، وحالوا دون أن تتعرض "زينب للسبي مرة أخرى"، يصير تحرير فلسطين تحصيلا حاصلا، أو كنزع الشعرة من العجين.
ولئن كان هناك من يصعب عليه تصديق هذه البشرى، بفعل تشابهها مع نظريات تافهة كاذبة، كانت حدثت الناس عن طرق التفافية إلى فلسطين، تمر عبر صنعاء وطهران، والكويت، فليعلم هؤلاء الشكاكون أن النسخة الأخيرة الجديدة من شعارات "فلسطين ثانياً" تختلف كل الاختلاف، على ما فهمنا من سيد ضاحية بيروت الجنوبية، لأن إيران خامنئي، لا مصر عبدالناصر، أو عراق صدام حسين، هي من يرفعها، أو ينادي بها. وأنت، بحسب ما قال المكلف من الولي الفقيه في بلاد فارس "لا تستطيع أن تكون مع فلسطين، إلا إذا كنت مع إيران، كما لا يمكن أن تكون عدواً لإيران ومع فلسطين، لأن إيران هي الأمل الوحيد المتبقي لتحرير القدس".
وبتمديد منطق نصر الله على استقامته، يصير لزاماً على الشعب الفلسطيني، باختلاف تياراته، أن يراجع مسيرته، ليكتشف أن كل حروبه ومعاركه مع إسرائيل كانت مجرد عبث، لأنه لم يكن معإيران، وأن أرواح شهدائه وعذابات جرحاه، وأسراه، ومشرديه، راحت هباء، لأنهم اقترفوا خطيئة الظن بوجود طريق إلى فلسطين، تمر عبر حدود فلسطين، وأن الحل الوحيد الباقي أمامه لتحرير وطنه السليب، هو الزج بألوف من أبنائه، ليتطوعوا في فيلق القدس، وحزب الله، وكتائب أبوالفضل العباس، والحشد الشعبي الطائفي، فضلا عن الحوثيين في اليمن أيضاً، وقد صاروا جزءاً أساسياً من محور المقاومة والممانعة الذي تقوده إيران، ويرفعون، ككل أعضائه، شعار "الموت لأميركا، الموت لإسرائيل".
لكن، ما لا يقوله زعيم المليشيا الطائفية الأهم التي تقاتل في سورية، دفاعا عن نظام بشار الأسد، هو لماذا لم تكتشف قوى المقاومة والممانعة طرق القلمون والحسكة أو أنفاقهما، المؤدية إلى فلسطين، إلا بعد اندلاع الثورة السورية؟ ولماذا يقاتل فيلق القدس الإيراني في كل مكان من بلاد الشام وما بين النهرين، باستثناء فلسطين؟ ولماذا لا ينفذ زعماء إيران وعيدهم المتكرر بمسح إسرائيل من الوجود، إذا كانوا صادقين في عداوتهم لها؟
إنها تساؤلات ما كانت يوماً تحتاج عناء البحث عن أجوبة لها، وها هي تصير، أخيراً، من لزوم ما لا يلزم، بعدما انتهت قصة الصراع بين إيران والغرب باتفاق يكشف النقاب عن حقيقة تقول إن "المرشد الأعلى" لفارس الجديدة، ومعه عملاؤه العرب الملتحفون بالعباءات المذهبية، قد استخدم أنفاقاً وطرقاً سرية فعلية في بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، ليصل عبرها، لا إلى القدس، بل إلى واشنطن، وناديها النووي، ويجلس، هناك، علناً، في حضن من كان يسميه دوماً "الشيطان الأكبر".