يسيطر القلق على التلميذ السوري محمد الحصواني. يجلس في الفصل الدراسي متأهباً، بإنتظار أي إشارة أو همسة بين المدرسين والناظر عله يعرف مصيره الأكاديمي.
ينتهي محمد من امتحان اللغة العربية سريعاً، لكنه لا يغادر إلى المنزل. لا يرغب في إستعراض مواهبه في الغناء الغربي، فهو مهموم. يحمل نفسه على الخروج من الصف لكنه لا يغادر. يفضل الاعتصام في الملعب بانتظار جواب شاف عن سؤاله: "هل ستفتح المدرسة في العام المقبل؟ أم أن نقص التمويل سيعيدني إلى المنزل؟". يسأل محمد بحرقة لا تخلو من الطموح، فقد ألح على أهله كي يدفعوا بدل التسجيل البالغ ١٥٠ دولاراً أميركياً ليكمل تعليمه. "بعد التسجيل أعطتنا الإدارة القرطاسية والكتب وسألتنا عن عنوان السكن ليقلنا باص المدرسة يوميا".
يدرس محمد في مدرسة "العودة" الخاصة بالتلاميذ السوريين اللاجئين في منطقة إقليم الخروب في محافظة جبل لبنان. تقدم المدرسة التعليم بدوام صباحي للتلاميذ اللبنانيين، وتتحول بعد الظهر إلى مدرسة سورية بالكامل. يغادر التلاميذ والمعلمون اللبنانيون ليحل محلهم التلاميذ والمعلمون السوريون. يرحب محمد بكون المدرسة مخصصة للاجئين، "استطعت التعرف إلى رفقاء من مختلف المناطق السورية، كما أدرس المنهح السوري باللغة العربية بدل المنهج اللبناني بالفرنسية والإنكليزية".
تضم المدرسة بحسب المدير التنفيذي لـ"الجميعة الإجتماعية في إقليم الخروب" المشرفة على المدرسة غسان شحادة "400 تلميذ سوري لاجئ، باتوا يواجهون خطر عدم استكمال التحصيل العلمي".
تواجه المدرسة التي افتتحتها الجمعية العام الماضي خطر الإغلاق بسبب نقص التمويل. يشرح شحادة لـ "العربي الجديد" أسباب قرار الإغلاق: "أطلقنا المشروع بجهود ذاتية، بعد وعد من الهيئة التربوية السورية في لبنان بتغطية الكلفة البالغة قرابة مئتي ألف دولار أميركي، تشمل توظيف ٢٥ معلماً سورياً، الكتب، الهندام، القرطاسية، والمواصلات". ويقول شحادة إن "الرابطة عادت وإعتذرت فتم تأمين التمويل من خلال المنح التعليمية السعودية والإماراتية التي قدمتها الدولتان لمرة واحدة فقط".
في المقابل يقول رئيس الهيئة التربوية السورية جمال عبد البر لـ"العربي الجديد" إن "الوعد كان شفهياً فقط، وسرعان ما اعتذرنا بسبب نقص الأموال، وقررنا حصر نشاطنا في مدينة طرابلس شمالي لبنان".
يرفرف العلم اللبناني في مدرسة العودة، مع دخول التلاميذ إلى قاعات الامتحان. تعلو في الخارج أصوات الدبكة التي سترافق حفل تخرج الطلاب اللبنانيين، فالمدرسة على موعد قريب مع انتهاء العام الدراسي "اللبناني". نهاية ستكون سعيدة، بعكس نهاية الفصل السوري.
يسلم التلاميذ أوراق الإمتحان ويغادرون. يخرجون تباعا إلى الباص المنتظر دون رغبة في المغادرة. يتساءلون فيما بينهم عن مصيرهم التعليمي، ولكن لا جواب. يؤكد الناظر العام للمدرسة أن الإدارة ستمنح طلابها إفادات رسمية عن السنة الحالية، "فهم حتى لو فقدوا جو الألفة هنا، يستطيعون على الأقل طلب التعليم في المدارس اللبنانية".