لم تتوقّف الأمور عند هذا الحدّ، بل لجأ مشجعو النادي الفيصلي، وبصورة هستيرية عقب إطلاق الحكم صفارة النهاية، إلى تكسير وتحطيم عدد من مدرّجات الاستاد، وإطلاق هتافات مسيئة للحكم، بل إن لاعبي وإداريي نادي الفيصلي أنفسهم، وأمام البث المباشر، قاموا بالاعتداء على الطاقم التحكيمي، وهو ما قد يتسبّب بعقوبات مغلظة على الفيصلي، في انتظار اطلاع اللجنة المنظّمة على تقرير الحكم، وتقرير المراقبين.
كل ذلك، دفع بالجماهير الأردنية إلى تفجير غضبها وحنقها، فلم تجد سوى مدرّجات الملعب، لتهشمها، ومن ثم، تعلن النصر من على أسطح الاستاد، ما حدا بقوات الأمن المصرية، لاعتقال العشرات منهم، وتعرّض كثير منهم لشتى أنواع الضرب والإهانة، دون التفريق بين صغيرهم وكبيرهم.
حالة الغليان، و"مبالغة" الأمن المصري في الاعتداء على الجماهير الأردنية، أخرجتا النائب الأردني حازم المجالي، والذي كان يتابع المباراة من أرض الملعب، عن الأعراف الدبلوماسية، ووصف الأمن المصري بأنهم "أشد فتكًا من اليهود في تعاملهم مع الأردنيين".
السفير الأردني في مصر، علي العايد، أكد في تصريح صحافي لوسائل إعلام محلية، ظهر الاثنين 7 آب/ أغسطس، أنه تم الإفراج عن جميع مشجعي نادي الفيصلي، الذين أوقفتهم السلطات المصرية الليلة الماضية، في أعقاب المباراة النهائية لبطولة الأندية العربية بين الفيصلي ونادي الترجّي التونسي.
وحول تعرض الموقوفين للضرب من قبل الشرطة المصرية، بيّن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الأردنية في حديثه لـ"جيل"، أن ذلك لا يعدو كونه احتكاكًا ما بين قوّات الأمن والمشجعين، نافيًا علم الوزارة بتعرّض أحد من المشجعين الأردنيين للضرب من قبل الأمن المصري، أثناء الاعتقال، أو بعد حجزهم.
النائب المجالي، كان قد فنّد هذه التصريحات، وأكد في اتصال هاتفي مع "جيل"، أن المشجّعين الأردنيين تعرّضوا إلى كافة أنواع الإهانة من قبل الأمن المصري، حتى إن الحصانة النيابية الدبلوماسية التي يحملها، لم تشفع له عند المسؤولين الأمنيين المصريين.
مصدر مسؤول في السفارة الأردنیة بمصر، كشف في حديث إلى "جيل"، أن عدد المعتقلین الأردنیین، وصل إلى 38 مشجعًا، وأن البحث جار عن المزيد من المعتقلین لمساعدتهم، طالبًا ممن تم توقیفهم التواصل مع السفارة.
في الأردن، وبعد انتهاء المباراة، احتشد العشرات من المواطنين الأردنيين أمام السفارة المصرية في العاصمة عمان، محتجّين على الاعتقالات التي طالت جماهير نادي الفيصلي. وطالب هؤلاء، الحكومة المصرية بإخلاء سبيل الموقوفين، قبل أن يتمكّن الوجود الكثيف لرجال الأمن والدرك الأردنيين بالموقع من فضّ التجمهر.
وفي الأثناء، تضمّنت مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن، ردود فعل غاضبة على ما وصفوه بالمهزلة التحكيمية، مطالبة بمحاسبة الحكم المصري إبراهيم نور الدين، الذي أدار المباراة. بل ووصف نشطاء عبر مواقع التواصل الالكتروني، قرار الحكم بـ"الخيانة التحكيمية"، ناشرين صورة صكّ بمبلغ 150 ألف جنية مصري، موقّع باسم الحكم، في إشارة إلى ما اعتبروه خيانة وظلمًا متعمدًا.
وما زاد من قناعة النشطاء الأردنيين، من أن الحكم ظلم الفيصلي، و"باع" المباراة للترجي التونسي، هو التعليقات التي أطلقها رياضيون مصريون، من أن "إبراهيم نور الدين، أفسد البطولة في نهاية الأمر، إلى جانب مهازل تغيير اللوائح، مما خلق ضغطًا نفسيًا على اللاعبين الأردنيين".
ووفق هؤلاء المتابعين المصريين، ومن خلال تعليقاتهم على مواقع التواصل وغيرها، فان هذه النتيجة التي وصلت لها المباراة النهائية، كانت متوقّعة، في ظل تحكيم رجل "متعصّب" للنادي الأهلي المصري، "حاقد" على الفيصلي، الذي أهان ناديه المفضل، مرتين في البطولة.
ويوصف الحكم إبراهيم نور الدين في الشارع الرياضي المصري، بـ"صاحب القرارات السيئة جدًا على نادي الزمالك"، الغريم التاريخي للأهلي، حيث يرى مسؤولو الزمالك، أن "نور الدين ينحاز للأهلي في أي مباراة وضدّ أي فريق، ويبدو أن ذلك تجسد واقعًا فعليًا، وتحقّقت التوقّعات، في أعقاب نهاية مباراة الفيصلي والترجي".
"لو كان هدف الترجي تسلّلا، فإنه يحدث في كل الدوريات، وكّنا في موقف لا نحسد عليه.. كل ما كان يهمنا مرور الوقت بسرعة لإنهاء المباراة"، هكذا علّق إبراهيم نور الدين، عقب نهائي البطولة العربية، فيما تبيّن لاحقًا، ومن خلال محللين رياضيين مصريين، أن الهدف الثالث للترجّي كان "تسللا".
ورغم ذلك، إلا أن غضب الأردنيين، والذي ألهب مواقع التواصل، خاصة "فيسبوك"، هو اعتراض الفريق الأردني، على غياب الروح الرياضية لدى المنافس، وتجاهل الحكم لسقوط لاعب الفيصلي على أرضية الملعب بداعي الإصابة، وإتاحة المجال للاعبي الترجّي بمتابعة اللعب، فالقانون يوجب إيقاف اللعبة في حالة إصابة لاعب وسقوطه على الأرض، "بس شكله الحكم أهلاوي حتى الصميم"، وفق تعليق ناشطين.
من جانب آخر، انتقد كثير من النشطاء عبر هذه المواقع، تصرّفات الجمهور الأردني، واصفين إياهم، بـ"رسل سوء" في الخارج، بعد إقدام هذه الجماهير على تكسير وتحطيم محتويات الملعب. وذهب بعضهم، إلى المطالبة باعتقال مشجّعي الفيصلي القادمين من مصر، نتيجة أحداث الشغب التي افتعلوها، و"معاقبتهم على (تصرّفهم السيئ)، والسلوك الذي شوّه سمعة شعب بأكمله".
كما نصح معلّقون آخرون الاتحاد الأردني لكرة القدم، بتكثيف تدريب اللاعبين على ضبط النفس، وتقبل النتيجة، وإبداء الروح الرياضية أمام الخصم، فـ"الأحداث السلبية داخل الملعب، تقود لتداعيات سياسية، وتضرّ بسمعة الوطن".
ومن المتوقّع، أن تصل قيمة العقوبات المادية على الفيصلي، بسبب أحداث الشغب التي سببها جمهور النادي، إلى 10 آلاف دولار أميركي، فضلًا عن الإيقاف التي قد يمسّ بعض اللاعبين والإداريين في النادي. في السياق ذاته، أكد النادي الفيصلي، ومن خلال بيان وصل إلى "جيل" نسخة منه، أنه لم يبلغ رسميًا بقيمة الأضرار التي لحقت بمدرّجات استاد الإسكندرية من قبل جمهوره، والتي يتوجّب على النادي دفعها.
وأوضح الفيصلي في البيان، أنه طلب منه خلال مفاوضات الإفراج عن عدد من جمهوره ضرورة التكفل بنفقات إصلاح الأضرار التي تسبّب بها الجمهور وهو ما وافق عليه النادي، فيما لم يتمّ الإعلان عن قيمة الأضرار التي يتوجّب على النادي دفعها، بانتظار إعلانها قريبًا، على أن يتمّ خصمها من قيمة جائزة الفريق في البطولة العربية، والبالغة 600 ألف دولار.