يُعرَض الشهر المقبل، برنامج "فويس سينيير" الذي يجمع مواهب غنائية، لمشاركين تخطّت أعمارهم الستين عاماً، وذلك لتنال فرصتها أيضاً، وتضع قدمها على طريق الشهرة. الواضح أن هذا البرنامج نوع من "التكريم" للذين تخطّوا سنّ الشباب، ولم يأخذوا فرصتهم في إبراز المواهب التي يحملونها. لذلك، اعتمد البرنامج الجديد 4 حلقات فقط، وذلك لإظهار هذه المواهب ومنحها بسرعة مساحة كي يتعرّف الجمهور إليها.
هدأت عاصفة برامج المواهب أو البرامج الغنائية التي نالت حظها من النجاح منتصف هذا العقد. ويبدو أن الهدوء، أو تعليق إعادة إنتاجها مجدداً، هو بسبب خفض منسوب الإعلانات التجارية والرعاية التي كانت تحظى بها هذه البرامج، وكذلك وفرة المواهب الغنائية في العالم العربي، وغياب شركات الإنتاج عن دعم هذا الكمّ من المواهب، وخصوصاً بعد انعدام سوق "السي دي"، والاتجاه إلى المنصات والإنتاج الإلكتروني، الذي بات يشكل المورد الأساسي لمحطات التلفزيون والفضائيات العربية والعالمية عموماً.
انحصرت أسماء الفائزين في المواسم الأخيرة من برامج المواهب في العالم العربي، في حلقة النتائج النهاية التي تقوم بتتويج مشترك معين، ومنحه لقب "أفضل صوت" وغيرها من الألقاب الرنانة. ومع ذلك، لم تعمل هذه المحطات على تبني هذه الموهبة والإسهام في نجوميتها، أو تكريس نجاح أسابيع عرض البرنامج ومشاركة المواهب ضمنه، وحصدها لملايين المشاهدات. تحوُّل المسار العالمي لعالم المنصّات والثورة الرقمية دفع العديد من المواهب بالاتجاه نحو المنصات، من أجل إبراز المواهب أو التأسيس للشهرة والنجومية والنجاح، دون وجود شركة معينة تتحول مع الوقت إلى "حاكم" بأمر هذه المواهب أو محتكر لعملها، فيما يبقى نجاح المبادرات الفردية واستثمارها واستغلال المواقع البديلة، طريقاً وحيداً لإبراز الموهبة في العالم العربي، هذا بالطبع إذا استثنينا من التصنيف ما أصبح يعرف بالـ"مؤثرين".
نجوى كرم وهاني شاكر وسميرة سعيد وملحم زين سيكتشفون مواهب جديدة، بعد فترة من الركود لهذا النوع من البرامج، ومُضي أكثر من عامين على تقديم آخر نسخة من البرنامج في أيار/ مايو 2018، والمعروف أن النسخة الجديدة من "فويس سينيير" سُجلت قبل نحو عام، وكان من المفترض عرضها في شهر آذار/ مارس الماضي، لكن هبوط جائحة كورونا على العالم، واتخاذ تدابير الحجر حالا دون ذلك، حتى تقرر عرضها خلال فصل الخريف تزامناً مع عودة النشاط، ولو جزئياً إلى عالم الفضائيات وإنتاج مجموعة من البرامج والمسلسلات الخاصة بالموسم الحالي وتحضيرات خجولة لموسم رمضان من أعمال درامية أو حتى برامج. من الواضح أن النسخة المنتظرة من "فويس سينيير" ستكون الأخيرة، أقله في هذا الوقت، فالمحطات العربية تعيش أزمات مالية بالجملة، بسبب الحروب والأزمات الاقتصادية التي تسيطر على المشهد عموماً.
هل تتغير بوصلة العالم نحو هذا النوع من البرامج في زهوة انتشار المنصّات الإلكترونية ولجوء معظم العاملين في الإعلام إلى هذا العالم الرقمي الجديد؟ سؤال من المؤكد أن السنوات القليلة المقبلة ستجيب عنه، ولعل المواهب العربية غير بعيدة عنه، بل ستتحول إلى جزء ناشط منه، بعيداً عن قيود التلفزيون وشركات الإنتاج.