ينهمك باينده محمد، الموظف في الحكومة المحلية بإقليم هلمند الأفغاني، في الاستعداد لخياطة فمه برفقة العشرات من أبناء الإقليم الواقع جنوبي البلاد، احتجاجاً على استيلاء المسؤولين المحليين على الأراضي السكنية، التي كانت مخصصة لباينده، وزملائه وكانت معدة لكي تُوزع في ما بينهم.
استولى المسؤولون بالتواطؤ مع أمراء حرب وشيوخ قبائل محليين على تلك الأراضي، وباتوا يستخدمونها لأغراضهم الشخصية، أو يبيعونها على مرأى الجميع. يقول باينده لـ"العربي الجديد" قبل أن يخيط فمه، "أعمل في الحكومة منذ ثلاثين عاما، كنت سعيدا يوم أن وجدت اسمي في قائمة أولئك الذين مُنحوا الأراضي السكنية، ولكن حاكم الإقليم بالتواطؤ مع أمراء الحرب الآخرين اغتصب حقنا".
ظاهرة متفاقمة
يعد استيلاء المسؤولين الأفغان في الحكومة والمؤسسة العسكرية على الأراضي، ظاهرة ممنهجة، تفاقمت خلال العقد الماضي، بعد أن عول الاحتلال الأميركي على أمراء الحرب ودعم نفوذهم في محاولة، لحشد كل الجهود في حربه على "طالبان"، وفقا لما تؤكده إدارة الأراضي والأملاك الأفغانية، التي ذكرت في تقرير أخير لها أن ستة عشر ألف شخص متورطون في الاستيلاء على أراضي الدولة، جلهم من المسؤولين في الحكومة وأجهزة الأمن، وأمراء الحرب، وشيوخ القبائل.
يقول رئيس الإدارة جاويد بيكار لـ"العربي الجديد": "قبل ثلاثة أعوام عملنا لمعرفة الجهات التي تروج لظاهرة الاستيلاء على الأراضي، وتوصلت من خلال عمل دام ثلاثة أعوام إلى تورط نحو15831 شخصاً في نهب الأراضي الحكومية وغير الحكومية، بينهم مسؤولون في الحكومات المحلية وأجهزة الأمن، وشيوخ القبائل وأمراء الحرب".
وفي معظم الأحيان تستخدم الأراضي المغتصبة، في المدن الرئيسية، في بناء أحياء سكنية، أو تصميم مبان وأسواق تجارية، بينما تستخدم تلك الأراضي في القرى والأرياف لأهداف زراعية في معظم الأحيان، أو يتم بيعها على القبائل، الأمر الذي يؤدي إلى صراعات قبلية في بعض الأحيان.
إدارة الأراضي والأملاك كشفت لـ "العربي الجديد" عزمها رفع دعوى ضد جميع المتورطين في قضايا نهب الأراضي، إذ أكد مدير الإدارة أن لديها أدلة كافية ضد كل من أدرج اسمه في القائمة، مؤكداً أن الأمم المتحدة تساند أعمال الإدارة في هذا الشأن، وتعمل معها منذ أن أطلقت الحملة ضد مغتصبي الأراضي قبل ثلاثة أعوام.
وثقت "العربي الجديد" إقامة أكثر من 350 حياً سكنياً على الأراضي الحكومية المغتصبة، تم بيع معظم منازل تلك الأحياء على المواطنين من قبل نافذين في الحكومة الأفغانية، معظمها تقع في العاصمة كابول، وإقليم ننجرهار في شرق أفغانستان، وبلخ في شمالها، بحسب مصادر في إدارة الأراضي والأملاك الأفغانية.
أخيراً، أعربت البعثة الأممية في أفغانستان عن قلقها الشديد حيال القضية، وأكد المسؤول الأممي مارك بودن، في بيان له، أن مصادرة الأراضي ظاهرة مستفحلة في أفغانستان، والمؤسف هو ضلوع كبار المسؤولين في الحكومة في القضية.
ويلمح باردن، الذي عمل لفترة مع إدارة الأراضي والأملاك الأفغانية، إلى أن جهود الحكومة الرامية لإحجام أصحاب القوة والنفوذ من الاستمرار في الاستيلاء على الأراضي والاستيلاء عليها قد باءت بالفشل خلال العقد المنصرم، وأنه آن الأوان لأن تجري الحكومة إصلاحات في الدستور، كي تتمكن من وضع حد لمعضلة أثارت قلقاً في أوساط الفقراء من أبناء البلد كافة.
المندوب الخاص للرئيس الأفغاني للإصلاحات الإدارية، أحمد ضياء مسعود، دخل على الخط، ملمحاً إلى نهب أراضي حكومية شاسعة خلال العقد الماضي. وطالب مسعود وزارة العدل بالتحرك اللازم في القضية، واسترداد تلك الأراضي أولاً من قبضة المغتصبين، ثم إجبارهم على المثول أمام المحكمة ثانياً. وشدد مسعود على أن أجهزة الدولة ستقف في وجه كل من أراد الاستيلاء على الأراضي الحكومية والشخصية.
يحول الفساد المستشري في وزارة العدل والمؤسسة القضائية نفسها، من الوقوف ضد نهب الأراضي، وهو ما اعترف به وزير العدل عبد البصير أنور قائلا: "نواجه الكثير من الثغرات والفساد داخل وزارة العدل، عدد من المسؤولين بالوزارة نفسها متورطون في اغتصاب الأراضي".
الاستيلاء على المقابر والأماكن الترفيهية
الملفت للنظر أن الظاهرة، وصلت حتى استيلاء بعض المسؤولين على المقابر، والأماكن الترفيهية. وقد أدى حادث استيلاء على أرض مقبرة سكان إقليم هلمند، جنوبي البلاد إلى تنظيم احتجاجات ضد البلدية، والتي اتهمها الأهالي ببيع أراضي مدافنهم مقابل مبالغ ضخمة.
يؤكد الناشط الاجتماعي عبد الستار ستوري لـ"العربي الجديد": "أن لدى القبائل أدلة توثق ضلوع مسؤولي البلدية في قضية مصادرة أراضي المقابر، وبيعها". ستوري أكد عزم المجتمع المدني رفع الصوت ضد ما يمارسه المسؤولون من ظلم لأبناء الشعب، بمنتهى الوقاحة. عدد من زعماء القبائل تضامنوا مع دعوة ستوري وأكدوا الدعوة لاحتجاجات واسعة، إذا لم تلب الحكومة المركزية مطلبهم، بوقف الاستيلاء غير القانوني على أراضي المقابر، معتبرين الأمر إهانة لموتاهم.
في الإقليم نفسه، أقدم مسؤولون في الحكومة المحلية وأجهزة الأمن على اغتصاب أراضي ترجع لمنازل بنيت قبل أكثر من أربعين عاما للموظفين في الحكومة المحلية، تم تأجير بعضها فيما تم استخدام بعضها الآخر لأغراض شخصية لمن نهبوا الأراضي والمنازل، كما يوضح شاه زمير، موظف في الحكومة المحلية، كان من المفترض أن يستلم أحد تلك المنازل، ليسكن فيها مع أسرته الفقيرة.
يقول زمير لـ "العربي الجديد": "راتبي 15 ألف أفغانية (255 دولاراً أميركياً)، المنزل الذي منحتني إياه الحكومة استولى عليه المسؤولون، رغم امتلاكي الأوراق والمستندات الخاصة بملكيته، لكن لا جدوى من وراء أي جهد، إذ إن من استولى عليه واحد من ذوي النفوذ في الأوساط القبلية ومسؤول رفيع في الحكومة".
علاوة على نهب المقابر والمنازل طاولت الظاهرة أماكن ترفيهية، حيث تم اغتصاب الكثير من الأراضي المختصة للأماكن الترفيهية في مختلف أقاليم البلاد، ومنها على سبيل المثال ادعاءات من ناشطين، تتهم حاكم إقليم بكتيكا (شرقي أفغانستان) محب الله صميم وبعض أعضاء البرلمان، بنهب الأراضي المختصة لإنشاء حديقة وملعب بمدينة خرنة، عاصمة الإقليم.
الناشطون اتهموا حاكم الإقليم وأحد أعضاء البرلمان وهو محمود خان سليمان خيل، بتصميم عدد من المباني التجارية على الأراضي المغتصبة ومن ثم بيعها. كما توضح المصادر ذاتها أن مسؤولين في الحكومة وبعض شيوخ القبائل استولوا على أراض تابعة لوزارة الدفاع وأجهزة الأمن، وبنوا عليها أحياء سكنية وباعوها على مرأى الحكومة.
بهدف مناقشة القضية مع الحكومة المركزية توجه خلال الأسبوع الماضي عشرات من زعماء القبائل ونشطاء المجتمع المدني إلى العاصمة كابول، احتجاجا على ما يمارسه رئيس بلدية بكتيكا من ظلم على أبناء القبائل، من هؤلاء محمد (رفض ذكر اسمه كاملا) أحد الزعامات القبلية البارزة في بكتيكا، يشير محمد إلى أن رئيس البلدية أمهل قبائل المناطق في ضواحي مدينة خرنة لإخلاء منازلهم بحجة تصميم مدينة جديدة، مدعيا أن المسؤولين يكررون هذه اللعبة كل عام للحصول على أموال المواطنين، ثم يسكتون فترة، ومن ثم يعيدون الكرة من جديد.
ويتهم الزعيم القبلي المسؤولين بالتورط في اغتصاب الأراضي الحكومية والخاصة، ويطالب الحكومة نيابة عن قبائل الإقليم بالتعامل بيد من حديد مع كل من يظلم هذا الشعب الذي عانى كثيرا بسبب الحروب الدامية، والويلات الناجمة عنها، وعلى رأسها فوضى سرقة أراضي الفقراء والدولة جهارا نهارا، على حد قوله.
حالة فريدة
يختلف الأمر تماماً في إقليم ننجرهار (شرقي أفغانستان)، حيث تم نهب الأراضي لكن ليس من قبل أشخاص، بل أقدمت قبيلة بأسرها على مصادرة الأراضي الحكومية بالقرب من مدينة جلال أباد عاصمة الإقليم، بعد أن عمدت الحكومة الأفغانية إلى تصميم حي سكني لأساتذة جامعة جلال أباد، لكن قبيلة "كوتشي" وقفت في وجه الحكومة، واعتبرت الأراضي التي كان من المفترض أن يتم بناء الحي فيها ملكا لها ومرعى لمواشيها.
مصادر حكومية أكدت على أن قبيلة "كوتشي" استولت على تلك الأراضي، وأنها من البدو الرحل، ولم تكن تملك تلك الأراضي في يوم من الأيام، كما يشير إليه القائم بأعمال حاكم إقليم ننجرهار محمد حنيف كرديوال. غير أن القبيلة تواصل استيلائها على الأراضي، وهو ما حرم أساتذة جامعة جلال أباد من الحي السكني، كما يقول كرديوال، لـ"العربي الجديد".
نظرا لتفشي الظاهرة وخطورتها لجأ البرلمان الأفغاني قبل ثلاثة أعوام إلى إصدار قانون يجرم الاستيلاء على الأراضي الحكومية وغير الحكومية، وقرر عقوبة السجن خمسة أعوام لكل من يتورط في الاستيلاء على الأراضي، لكن السؤال المطروح بقوة، من سيطبق القانون، إذا كان المسؤولون الأفغان متهمين بالتورط في الظاهرة، فيما يواصل نشطاء المجتمع المدني مطالباتهم بتطبيق القانون على الخاصة والعامة، بل وسن قوانين جديدة من شأنها أن تمنع الجميع من الاستيلاء على الأراضي، حكومية كانت أو خاصة.
--------
اقرأ أيضا :
عصابات باكستان .."البتهة" أو الموت
عصابات إيران.."المطابخ" تغرق طهران بالمخدرات
الأفغان في سورية.. جنود "آيات الله" في خدمة الأسد
استولى المسؤولون بالتواطؤ مع أمراء حرب وشيوخ قبائل محليين على تلك الأراضي، وباتوا يستخدمونها لأغراضهم الشخصية، أو يبيعونها على مرأى الجميع. يقول باينده لـ"العربي الجديد" قبل أن يخيط فمه، "أعمل في الحكومة منذ ثلاثين عاما، كنت سعيدا يوم أن وجدت اسمي في قائمة أولئك الذين مُنحوا الأراضي السكنية، ولكن حاكم الإقليم بالتواطؤ مع أمراء الحرب الآخرين اغتصب حقنا".
ظاهرة متفاقمة
يعد استيلاء المسؤولين الأفغان في الحكومة والمؤسسة العسكرية على الأراضي، ظاهرة ممنهجة، تفاقمت خلال العقد الماضي، بعد أن عول الاحتلال الأميركي على أمراء الحرب ودعم نفوذهم في محاولة، لحشد كل الجهود في حربه على "طالبان"، وفقا لما تؤكده إدارة الأراضي والأملاك الأفغانية، التي ذكرت في تقرير أخير لها أن ستة عشر ألف شخص متورطون في الاستيلاء على أراضي الدولة، جلهم من المسؤولين في الحكومة وأجهزة الأمن، وأمراء الحرب، وشيوخ القبائل.
يقول رئيس الإدارة جاويد بيكار لـ"العربي الجديد": "قبل ثلاثة أعوام عملنا لمعرفة الجهات التي تروج لظاهرة الاستيلاء على الأراضي، وتوصلت من خلال عمل دام ثلاثة أعوام إلى تورط نحو15831 شخصاً في نهب الأراضي الحكومية وغير الحكومية، بينهم مسؤولون في الحكومات المحلية وأجهزة الأمن، وشيوخ القبائل وأمراء الحرب".
إدارة الأراضي والأملاك كشفت لـ "العربي الجديد" عزمها رفع دعوى ضد جميع المتورطين في قضايا نهب الأراضي، إذ أكد مدير الإدارة أن لديها أدلة كافية ضد كل من أدرج اسمه في القائمة، مؤكداً أن الأمم المتحدة تساند أعمال الإدارة في هذا الشأن، وتعمل معها منذ أن أطلقت الحملة ضد مغتصبي الأراضي قبل ثلاثة أعوام.
وثقت "العربي الجديد" إقامة أكثر من 350 حياً سكنياً على الأراضي الحكومية المغتصبة، تم بيع معظم منازل تلك الأحياء على المواطنين من قبل نافذين في الحكومة الأفغانية، معظمها تقع في العاصمة كابول، وإقليم ننجرهار في شرق أفغانستان، وبلخ في شمالها، بحسب مصادر في إدارة الأراضي والأملاك الأفغانية.
أخيراً، أعربت البعثة الأممية في أفغانستان عن قلقها الشديد حيال القضية، وأكد المسؤول الأممي مارك بودن، في بيان له، أن مصادرة الأراضي ظاهرة مستفحلة في أفغانستان، والمؤسف هو ضلوع كبار المسؤولين في الحكومة في القضية.
ويلمح باردن، الذي عمل لفترة مع إدارة الأراضي والأملاك الأفغانية، إلى أن جهود الحكومة الرامية لإحجام أصحاب القوة والنفوذ من الاستمرار في الاستيلاء على الأراضي والاستيلاء عليها قد باءت بالفشل خلال العقد المنصرم، وأنه آن الأوان لأن تجري الحكومة إصلاحات في الدستور، كي تتمكن من وضع حد لمعضلة أثارت قلقاً في أوساط الفقراء من أبناء البلد كافة.
المندوب الخاص للرئيس الأفغاني للإصلاحات الإدارية، أحمد ضياء مسعود، دخل على الخط، ملمحاً إلى نهب أراضي حكومية شاسعة خلال العقد الماضي. وطالب مسعود وزارة العدل بالتحرك اللازم في القضية، واسترداد تلك الأراضي أولاً من قبضة المغتصبين، ثم إجبارهم على المثول أمام المحكمة ثانياً. وشدد مسعود على أن أجهزة الدولة ستقف في وجه كل من أراد الاستيلاء على الأراضي الحكومية والشخصية.
يحول الفساد المستشري في وزارة العدل والمؤسسة القضائية نفسها، من الوقوف ضد نهب الأراضي، وهو ما اعترف به وزير العدل عبد البصير أنور قائلا: "نواجه الكثير من الثغرات والفساد داخل وزارة العدل، عدد من المسؤولين بالوزارة نفسها متورطون في اغتصاب الأراضي".
الاستيلاء على المقابر والأماكن الترفيهية
الملفت للنظر أن الظاهرة، وصلت حتى استيلاء بعض المسؤولين على المقابر، والأماكن الترفيهية. وقد أدى حادث استيلاء على أرض مقبرة سكان إقليم هلمند، جنوبي البلاد إلى تنظيم احتجاجات ضد البلدية، والتي اتهمها الأهالي ببيع أراضي مدافنهم مقابل مبالغ ضخمة.
يؤكد الناشط الاجتماعي عبد الستار ستوري لـ"العربي الجديد": "أن لدى القبائل أدلة توثق ضلوع مسؤولي البلدية في قضية مصادرة أراضي المقابر، وبيعها". ستوري أكد عزم المجتمع المدني رفع الصوت ضد ما يمارسه المسؤولون من ظلم لأبناء الشعب، بمنتهى الوقاحة. عدد من زعماء القبائل تضامنوا مع دعوة ستوري وأكدوا الدعوة لاحتجاجات واسعة، إذا لم تلب الحكومة المركزية مطلبهم، بوقف الاستيلاء غير القانوني على أراضي المقابر، معتبرين الأمر إهانة لموتاهم.
في الإقليم نفسه، أقدم مسؤولون في الحكومة المحلية وأجهزة الأمن على اغتصاب أراضي ترجع لمنازل بنيت قبل أكثر من أربعين عاما للموظفين في الحكومة المحلية، تم تأجير بعضها فيما تم استخدام بعضها الآخر لأغراض شخصية لمن نهبوا الأراضي والمنازل، كما يوضح شاه زمير، موظف في الحكومة المحلية، كان من المفترض أن يستلم أحد تلك المنازل، ليسكن فيها مع أسرته الفقيرة.
يقول زمير لـ "العربي الجديد": "راتبي 15 ألف أفغانية (255 دولاراً أميركياً)، المنزل الذي منحتني إياه الحكومة استولى عليه المسؤولون، رغم امتلاكي الأوراق والمستندات الخاصة بملكيته، لكن لا جدوى من وراء أي جهد، إذ إن من استولى عليه واحد من ذوي النفوذ في الأوساط القبلية ومسؤول رفيع في الحكومة".
الناشطون اتهموا حاكم الإقليم وأحد أعضاء البرلمان وهو محمود خان سليمان خيل، بتصميم عدد من المباني التجارية على الأراضي المغتصبة ومن ثم بيعها. كما توضح المصادر ذاتها أن مسؤولين في الحكومة وبعض شيوخ القبائل استولوا على أراض تابعة لوزارة الدفاع وأجهزة الأمن، وبنوا عليها أحياء سكنية وباعوها على مرأى الحكومة.
بهدف مناقشة القضية مع الحكومة المركزية توجه خلال الأسبوع الماضي عشرات من زعماء القبائل ونشطاء المجتمع المدني إلى العاصمة كابول، احتجاجا على ما يمارسه رئيس بلدية بكتيكا من ظلم على أبناء القبائل، من هؤلاء محمد (رفض ذكر اسمه كاملا) أحد الزعامات القبلية البارزة في بكتيكا، يشير محمد إلى أن رئيس البلدية أمهل قبائل المناطق في ضواحي مدينة خرنة لإخلاء منازلهم بحجة تصميم مدينة جديدة، مدعيا أن المسؤولين يكررون هذه اللعبة كل عام للحصول على أموال المواطنين، ثم يسكتون فترة، ومن ثم يعيدون الكرة من جديد.
ويتهم الزعيم القبلي المسؤولين بالتورط في اغتصاب الأراضي الحكومية والخاصة، ويطالب الحكومة نيابة عن قبائل الإقليم بالتعامل بيد من حديد مع كل من يظلم هذا الشعب الذي عانى كثيرا بسبب الحروب الدامية، والويلات الناجمة عنها، وعلى رأسها فوضى سرقة أراضي الفقراء والدولة جهارا نهارا، على حد قوله.
حالة فريدة
يختلف الأمر تماماً في إقليم ننجرهار (شرقي أفغانستان)، حيث تم نهب الأراضي لكن ليس من قبل أشخاص، بل أقدمت قبيلة بأسرها على مصادرة الأراضي الحكومية بالقرب من مدينة جلال أباد عاصمة الإقليم، بعد أن عمدت الحكومة الأفغانية إلى تصميم حي سكني لأساتذة جامعة جلال أباد، لكن قبيلة "كوتشي" وقفت في وجه الحكومة، واعتبرت الأراضي التي كان من المفترض أن يتم بناء الحي فيها ملكا لها ومرعى لمواشيها.
مصادر حكومية أكدت على أن قبيلة "كوتشي" استولت على تلك الأراضي، وأنها من البدو الرحل، ولم تكن تملك تلك الأراضي في يوم من الأيام، كما يشير إليه القائم بأعمال حاكم إقليم ننجرهار محمد حنيف كرديوال. غير أن القبيلة تواصل استيلائها على الأراضي، وهو ما حرم أساتذة جامعة جلال أباد من الحي السكني، كما يقول كرديوال، لـ"العربي الجديد".
نظرا لتفشي الظاهرة وخطورتها لجأ البرلمان الأفغاني قبل ثلاثة أعوام إلى إصدار قانون يجرم الاستيلاء على الأراضي الحكومية وغير الحكومية، وقرر عقوبة السجن خمسة أعوام لكل من يتورط في الاستيلاء على الأراضي، لكن السؤال المطروح بقوة، من سيطبق القانون، إذا كان المسؤولون الأفغان متهمين بالتورط في الظاهرة، فيما يواصل نشطاء المجتمع المدني مطالباتهم بتطبيق القانون على الخاصة والعامة، بل وسن قوانين جديدة من شأنها أن تمنع الجميع من الاستيلاء على الأراضي، حكومية كانت أو خاصة.
--------
اقرأ أيضا :
عصابات باكستان .."البتهة" أو الموت
عصابات إيران.."المطابخ" تغرق طهران بالمخدرات
الأفغان في سورية.. جنود "آيات الله" في خدمة الأسد