09 يونيو 2017
نهضة عربية ممكنة
الدرس الأساسي الذي يمكن أن يقدمه تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية أن الدول والمجتمعات العربية قادرة، وضمن مواردها المتاحة، أن تحقق إصلاحاً اقتصادياً واجتماعياً متقدماً، وأن تكون في مصاف الدول المتقدمة، ولا تحتاج لأجل ذلك موارد إضافية أو خارجية، .. كل ما تحتاج إليه سياسات اقتصادية واجتماعية وتنموية، في اتجاه أهداف عملية محددة وممكنة ومتاحة بالنسبة لقدراتها وفرصها.
وعلى الرغم من صحة الرد على هذه المقولة بأن الصراعات العربية لا تعطل التنمية فقط، لكنها تدمر ما أنجز منها، وتعيد دولاً عربية كثيرة إلى الوراء؛ فإنها جميعها، عدا الصراع العربي الإسرائيلي، يمكن تسويتها في سرعة، أو يمكن القول إنها قابلة للحلّ والاستيعاب، وتستطيع الدول العربية جميعها توظيف فرص التقدم العلمي والتكنولوجي القائم والمتسارع اليوم في تطوير التعليم والأعمال والأسواق والمصالح، لتحقق تقدماً ممكناً في التعليم والصحة وبناء مدن، ومجتمعات قادرة بنفسها، وبدون مساعدة كبيرة من الحكومات المركزية، على بناء وإدارة وتنظيم أولوياتها ومصالحها واحتياجاتها.
يؤشر تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية على نقاط قوة وضعف واضحة ومحددة، يمكن للدول العربية أن تستهدفها، وهي، ببساطة، تطوير التعليم في الاتجاهات العالمية القائمة على توفير مهارات الحياة والعمل، وقد جعلت التكنولوجيا الرقمية ذلك قليل الكلفة، يتيح للمجتمعات والأفراد أن تعلم نفسها، وتكتسب المهارات المعرفية والعملية الأساسية، وتشارك في تحقيق الاحتياجات الأساسية، وفي سوق العمل العالمية القائمة، ففي انسياب الأعمال في الشبكة يمكن للمزايا التعليمية وانخفاض الأجور (نسبياً) أن تشغل قطاعات واسعة من الشباب العرب، وتشغيل النساء وكبار السن في المنازل. وفي ذلك، يمكن أن تقلل الدول والمجتمعات العربية من فارق البطالة الكبير بينها وبين المعدلات العالمية.
ويمكن عملياً تطوير سوق العمل في الزراعة في اتجاه زيادة حصتها في الاقتصادات والنواتج المحلية، وتنظيم العمل وتطويره نحو إقامة مجتمعاتٍ حول الزراعة ذات مزايا ومكتسبات اقتصادية واجتماعية جاذبة للمواطنين. وفي ذلك، تنخفض الهجرة إلى المدن، وتزيد فرص العمل، وتنخفض الواردات الغذائية؛ ما يطور النواتج المحلية في اتجاه تدوير المال وتوزيعه بين الناس بعدالة وكفاءة. ويمكن بذلك، أيضاً، تخفيض الإنفاق العام، أو إعادة توجيهه نحو الخدمات الأساسية في التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية، بدلاً مما هو اقتصاد رعائي، يشغل أعداداً كبيرة من الناس بلا إنتاج أو عمل حقيقي.
وفي هذه المشاركة الاقتصادية للمجتمعات، تنشأ فرص واسعة للأعمال والوظائف، جديدة
ومستقلة عن القطاع العام وعن القطاع الخاص، ويحدث توازن اجتماعي واقتصادي ضروري، لأجل التأثير على الأسواق والسياسات العامة لصالح المستهلك، في عدالة التكاليف ومستوى الجودة والأداء، وفي تشكيل قيادات اجتماعية مستقلة، تجد مصالحها ووجودها في مصالح ومطالب المجتمعات والطبقات الوسطى والعاملة؛ تتحول الانتخابات العامة إلى أدوات مراجعة حقيقية للسياسات الاقتصادية والتنموية والضريبية والميزانيات العامة للدول.
يذكر تقرير الأمم المتحدة أن عالم العمل المتغير سوف ينشئ، في العقود المقبلة، تغيرات حادة في مسار التاريخ والتنمية، وعلى الرغم مما في ذلك من مؤشرات للقلق والخوف، فإنه ينشئ أيضاً فرصاً حقيقية للعمل والإصلاح، بشرط ألا تدخل النخب العربية في عمليات مناطحة مع الحقائق الناشئة عن هذه التكنولوجيا وتداعياتها، فقد استطاعت دول ومجتمعات، بالفعل، أن تنشئ أسواقاً وأعمالاً، وأنظمة اجتماعية واقتصادية أكثر عدالة، وأن تجني فوائد اقتصادية مهمة، مباشرة وغير مباشرة.
وتجري اليوم جدالات واسعة حول التغيير الجاري في العمل، بسبب العولمة والحوسبة، والآثار السلبية والإيجابية الناشئة عن ذلك. ومن المهم أن يشارك العرب في هذا الجدل، لأجل الالتفات إلى هذه المنافع والفرص، فقد اتسع المجال للإبداع والمبادرات قليلة الكلفة للعمل والإصلاح، كما تشكلت فرص لأعمال ومشاركات اقتصادية من غير موارد مالية كبيرة، إذ تستطيع النساء، اليوم، المشاركة في أعمال كثيرة، من خلال الشبكة، من غير حاجة لمغادرة المنازل، أو السفر إلى بلاد أو أماكن بعيدة، مثل الخدمات عبر الشبكة والتصميم والبرمجة وأعمال المحاسبة ومسك الدفاتر والكتابة والتحرير والتدقيق والترجمة ومراقبة الجودة. صحيح أنها أعمال غير دائمة، ومن غير عقود، لكنها تشكل موارد إضافية معقولة، ولا تصحبها تكاليف وجهود وتحديات ناشئة عن التحرك من البيت إلى العمل، والعودة إلى البيت، أو حتى السفر من بلد إلى بلد.
وفي المقابل، فإن أعمالاً كثيرة معرّضة للانحسار والفقدان، لكن الشبكة تتيح تعلم مهارات وأعمال جديدة. وفي هذا التعليم المستمر، يواصل الناس الارتقاء بأنفسهم وقدراتهم وعلاقاتهم أيضاً، فمجتمعات المتعلمين تعليماً متقدماً هي التي تنشئ سياسات العدالة والديمقراطية، وتوظف الموارد بعدالة وكفاءة. سوف ينتهي عهد الوصاية على المواطنين والمجتمعات، ولن تستطيع النخب الاستمرار في موقعها، إلا من خلال المشاركة وقدرتها على أداء أعمالها بكفاءة ونزاهة. وفي هذا التدوير العادل والحازم للنخب، تطور الدول والمجتمعات أجهزتها الاقتصادية والسياسية، وتمنع الفساد والهدر.
سوف تكون هناك خسائر وتضحيات بالتأكيد، ولكنه حكم التاريخ الذي لا مفرّ منه، فكما انحسرت العبودية والارستقراطيات، ولم يعد يتذكّرها أحد، إلا جيوب معزولة في العالم، فإن قيادات ومؤسسات جديدة سوف تحل، أو يجب أن تحل، مكان المؤسسات والقيادات القائمة، أو تغير نفسها جوهرياً باتجاه استيعاب التحولات الجارية.
تعزّز التكنولوجيا الحديثة فرص البلدات والتجمعات البعيدة عن المراكز في إنشاء اقتصاد زراعي، يتمتع بمزايا المدن والعواصم، ففي هذا التواصل السهل والمتاح، يستطيع المزارعون والعاملون في البلدات الزراعية أن يديروا مواردهم، بعيداً عن المدن، ومن دون حاجة للإقامة فيها، ولن يخسروا المزايا والتسهيلات في الحياة والتعليم وأسلوب الحياة التي كانت مقتصرة على المدن. ويمنح ذلك الدول العربية لبناء مجتمعات زراعية متقدمة تعليمياً. في الوقت نفسه، تستوعب التكنولوجيا الحديثة وتستفيد من جميع الفرص والتسهيلات.. لم يعد هذا الحديث طوباوياً أو خيالاً علمياً، لكنه واقع قائم، يمكن اقتباسه بسرعة وسهولة.
وعلى الرغم من صحة الرد على هذه المقولة بأن الصراعات العربية لا تعطل التنمية فقط، لكنها تدمر ما أنجز منها، وتعيد دولاً عربية كثيرة إلى الوراء؛ فإنها جميعها، عدا الصراع العربي الإسرائيلي، يمكن تسويتها في سرعة، أو يمكن القول إنها قابلة للحلّ والاستيعاب، وتستطيع الدول العربية جميعها توظيف فرص التقدم العلمي والتكنولوجي القائم والمتسارع اليوم في تطوير التعليم والأعمال والأسواق والمصالح، لتحقق تقدماً ممكناً في التعليم والصحة وبناء مدن، ومجتمعات قادرة بنفسها، وبدون مساعدة كبيرة من الحكومات المركزية، على بناء وإدارة وتنظيم أولوياتها ومصالحها واحتياجاتها.
يؤشر تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية على نقاط قوة وضعف واضحة ومحددة، يمكن للدول العربية أن تستهدفها، وهي، ببساطة، تطوير التعليم في الاتجاهات العالمية القائمة على توفير مهارات الحياة والعمل، وقد جعلت التكنولوجيا الرقمية ذلك قليل الكلفة، يتيح للمجتمعات والأفراد أن تعلم نفسها، وتكتسب المهارات المعرفية والعملية الأساسية، وتشارك في تحقيق الاحتياجات الأساسية، وفي سوق العمل العالمية القائمة، ففي انسياب الأعمال في الشبكة يمكن للمزايا التعليمية وانخفاض الأجور (نسبياً) أن تشغل قطاعات واسعة من الشباب العرب، وتشغيل النساء وكبار السن في المنازل. وفي ذلك، يمكن أن تقلل الدول والمجتمعات العربية من فارق البطالة الكبير بينها وبين المعدلات العالمية.
ويمكن عملياً تطوير سوق العمل في الزراعة في اتجاه زيادة حصتها في الاقتصادات والنواتج المحلية، وتنظيم العمل وتطويره نحو إقامة مجتمعاتٍ حول الزراعة ذات مزايا ومكتسبات اقتصادية واجتماعية جاذبة للمواطنين. وفي ذلك، تنخفض الهجرة إلى المدن، وتزيد فرص العمل، وتنخفض الواردات الغذائية؛ ما يطور النواتج المحلية في اتجاه تدوير المال وتوزيعه بين الناس بعدالة وكفاءة. ويمكن بذلك، أيضاً، تخفيض الإنفاق العام، أو إعادة توجيهه نحو الخدمات الأساسية في التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية، بدلاً مما هو اقتصاد رعائي، يشغل أعداداً كبيرة من الناس بلا إنتاج أو عمل حقيقي.
وفي هذه المشاركة الاقتصادية للمجتمعات، تنشأ فرص واسعة للأعمال والوظائف، جديدة
يذكر تقرير الأمم المتحدة أن عالم العمل المتغير سوف ينشئ، في العقود المقبلة، تغيرات حادة في مسار التاريخ والتنمية، وعلى الرغم مما في ذلك من مؤشرات للقلق والخوف، فإنه ينشئ أيضاً فرصاً حقيقية للعمل والإصلاح، بشرط ألا تدخل النخب العربية في عمليات مناطحة مع الحقائق الناشئة عن هذه التكنولوجيا وتداعياتها، فقد استطاعت دول ومجتمعات، بالفعل، أن تنشئ أسواقاً وأعمالاً، وأنظمة اجتماعية واقتصادية أكثر عدالة، وأن تجني فوائد اقتصادية مهمة، مباشرة وغير مباشرة.
وتجري اليوم جدالات واسعة حول التغيير الجاري في العمل، بسبب العولمة والحوسبة، والآثار السلبية والإيجابية الناشئة عن ذلك. ومن المهم أن يشارك العرب في هذا الجدل، لأجل الالتفات إلى هذه المنافع والفرص، فقد اتسع المجال للإبداع والمبادرات قليلة الكلفة للعمل والإصلاح، كما تشكلت فرص لأعمال ومشاركات اقتصادية من غير موارد مالية كبيرة، إذ تستطيع النساء، اليوم، المشاركة في أعمال كثيرة، من خلال الشبكة، من غير حاجة لمغادرة المنازل، أو السفر إلى بلاد أو أماكن بعيدة، مثل الخدمات عبر الشبكة والتصميم والبرمجة وأعمال المحاسبة ومسك الدفاتر والكتابة والتحرير والتدقيق والترجمة ومراقبة الجودة. صحيح أنها أعمال غير دائمة، ومن غير عقود، لكنها تشكل موارد إضافية معقولة، ولا تصحبها تكاليف وجهود وتحديات ناشئة عن التحرك من البيت إلى العمل، والعودة إلى البيت، أو حتى السفر من بلد إلى بلد.
وفي المقابل، فإن أعمالاً كثيرة معرّضة للانحسار والفقدان، لكن الشبكة تتيح تعلم مهارات وأعمال جديدة. وفي هذا التعليم المستمر، يواصل الناس الارتقاء بأنفسهم وقدراتهم وعلاقاتهم أيضاً، فمجتمعات المتعلمين تعليماً متقدماً هي التي تنشئ سياسات العدالة والديمقراطية، وتوظف الموارد بعدالة وكفاءة. سوف ينتهي عهد الوصاية على المواطنين والمجتمعات، ولن تستطيع النخب الاستمرار في موقعها، إلا من خلال المشاركة وقدرتها على أداء أعمالها بكفاءة ونزاهة. وفي هذا التدوير العادل والحازم للنخب، تطور الدول والمجتمعات أجهزتها الاقتصادية والسياسية، وتمنع الفساد والهدر.
سوف تكون هناك خسائر وتضحيات بالتأكيد، ولكنه حكم التاريخ الذي لا مفرّ منه، فكما انحسرت العبودية والارستقراطيات، ولم يعد يتذكّرها أحد، إلا جيوب معزولة في العالم، فإن قيادات ومؤسسات جديدة سوف تحل، أو يجب أن تحل، مكان المؤسسات والقيادات القائمة، أو تغير نفسها جوهرياً باتجاه استيعاب التحولات الجارية.
تعزّز التكنولوجيا الحديثة فرص البلدات والتجمعات البعيدة عن المراكز في إنشاء اقتصاد زراعي، يتمتع بمزايا المدن والعواصم، ففي هذا التواصل السهل والمتاح، يستطيع المزارعون والعاملون في البلدات الزراعية أن يديروا مواردهم، بعيداً عن المدن، ومن دون حاجة للإقامة فيها، ولن يخسروا المزايا والتسهيلات في الحياة والتعليم وأسلوب الحياة التي كانت مقتصرة على المدن. ويمنح ذلك الدول العربية لبناء مجتمعات زراعية متقدمة تعليمياً. في الوقت نفسه، تستوعب التكنولوجيا الحديثة وتستفيد من جميع الفرص والتسهيلات.. لم يعد هذا الحديث طوباوياً أو خيالاً علمياً، لكنه واقع قائم، يمكن اقتباسه بسرعة وسهولة.