تواصلت تداعيات الحرب الاقتصادية التي تحاول ضرب الاقتصاد التركي وهزّ الثقة بمتانته المالية وقوّة عملته الوطنية، وقد نجحت إلى حد ما في إحداث حالة هلع بين المواطنين والمتعاملين في الأسواق، قبل أن تتصدّى لها السلطات التركية اعتباراً من يوم الإثنين، بتدابير مضادة رادعة جعلت الليرة تلتقط أنفاسها في مقاومة الضغوط، لتعاود مرحلة صعودها مجدداً، فعادت الليرة إلى الانتعاش، مدعومة أيضاً بإعلان قطر توظيف استثمارات مباشرة في تركيا بقيمة 15 مليار دولار عبر البنوك والأسواق المالية.
الآثار العملية للجهود الأميركية - الإماراتية المشتركة لاغتيال الاقتصاد التركي بعد الإخفاق سابقاً بعملية الانقلاب العسكري الفاشل على السلطات التركية بزعامة الرئيس رجب طيّب أردوغان، لم تقتصر على تركيا وحدها، بل امتدّت لتصيب أسواق العملات وبورصات الأسهم إقليمياً وعالمياً.
لقد كان من الطبيعي أن يستشعر الشارع التركي القلق من تفاقم التضخم الذي يعني أوتوماتيكياً أن الليرة إن واصلت هبوطها فستتعرّض قيمتها الشرائية إلى التآكل، وهذا ما استنهض أبناء تركيا وهيئاتها وسلطاتها للتحرك على المستويين الرسمي والشعبي من أجل إنقاذ عملتهم واقتصاد بلدهم المزدهر من الفخ الأميركي.
وفيما أطلقت السلطات اليوم تحقيقات موسّعة مع مشتبه بهم بضرب الأمن الاقتصادي القومي، يؤكد المسؤولون الأتراك اتهامهم واشنطن باستهداف اقتصادهم، في حين امتدت نيران الحرب الاقتصادية التي يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أنقرة، لتصيب بشرارتها المستثمرين الأميركيين والأوروبيين أيضاً وتعرّض شركاتهم واستثماراتهم لضغوط هائلة قد لا يصمدون أمامها.
وبالإجمال، فإن الضغوط التي تمارسها إدارة ترامب على حلفائها وخصومها، بدأت تتشكّل معها تحالفات اقتصادية جديدة، ومن أبرز تجلياتها إعلان روسيا أنها تفضل إجراء معاملات التجارة الثنائية مع جميع الدول بعملاتها الوطنية بدلاً من الدولار، ويشمل ذلك تركيا بطبيعة الحال.
كل العناوين المرتبطة بهذه التحوّلات الكبرى يعالجها "العربي الجديد" في هذا الملف.