بوتيرة متزايدة، بات رئيس بلدية الاحتلال في القدس، نير بركات، يبادر للإعلان عن المزيد من المشاريع الاستيطانية الهادفة إلى تهويد المدينة ومحيطها. وأصبح بركات ينافس وزراء الحكومة الأكثر يمينية وتطرفاً في تاريخ إسرائيل، من خلال إقدامه على تنفيذ تلك المشاريع التي تتسم بطابع استفزازي للمواطنين الفلسطينيين. ويسعى بركات، على ما يبدو، إلى توظيف مشاريع تهويد القدس المحتلة في معركته من أجل تزعم حزب "الليكود" الحاكم، كخطوة تضعه على طريق الوصول إلى قيادة إسرائيل. فهو لا يخفي رغبته في خلافة رئيس الوزراء الحالي، بنيامين نتنياهو. وبركات هو علماني، كان يدير شركة تقنيات متقدمة قبل وصوله إلى منصبه منذ عقد من الزمن. وقد أعلن أخيراً عن مشروع يمثل إضافة كبيرة لمخطط تهويد محيط القدس. ويتمثل هذا المشروع ببناء محطتين لخط السكة الحديدية المعلقة، لخدمة الجيب الاستيطاني الذي أقيم بتحريض من قبل اليمين الديني المتطرف في قلب بلدة سلوان الفلسطينية التي تقع في تخوم القدس، والذي يطلق عليه اسم "مدينة داود".
أي أنه من أجل التدليل على هوية الطرف "صاحب السيادة" في القدس، يسعى بركات إلى شل حياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين، سواء في سلوان أو غيرها من الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية. ولا تقف الأمور عند هذا الحد، بل إن بركات يلعب دوراً مهماً في دفع حكومة الاحتلال للإعلان عن المزيد من المشاريع الاستيطانية في المدينة ومحيطها. وذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية الأولى يوم الجمعة الماضي أنه من خلال مشاركته الدائمة في اجتماعات اللجنة الوزارية لشؤون القدس، يلعب بركات دوراً رئيساً في اقتراح المشاريع التهويدية، والتي أعلنت عنها الحكومة أخيراً.
ويتضح أن وزراء الحكومة، ولا سيما ممثلي حزب الليكود، الذين يدركون طابع محفزات بركات ورغبته في التنافس على قيادة الحزب، يبدون حماسة لمقترحاته، ويتجاوزونه أحياناً بطرح مشاريع أخرى. هكذا يتمكنون من عرض "إنجازات" أمام منتسبي الليكود عشية الانتخابات التمهيدية التي ستجرى في المستقبل لاختيار مرشحي الحزب. وهكذا يمكنهم بالتالي تفادي الاتهام بـ"التقصير" في مجال تهويد القدس المحتلة.
وفي هذا السياق، قرر تعيين "مراقب" لمراجعة مناهج التعليم المعمول بها في المدارس الفلسطينية في القدس الشرقية، من أجل حرمان هذه المدارس من الدعم المحدود الذي تقدمه البلدية. وهي خطوة تهدف إلى محاولة إضفاء طابع صهيوني على الوعي الجماعي للطلاب الفلسطينيين، من خلال توظيف الخدمات التي يفترض أن يحصل عليها الطلاب بصفتهم "مواطنين". يذكر أن صحيفة "هآرتس" كشفت يوم الجمعة الماضي، عن أن ما يحصل عليه الطالب اليهودي من مخصصات مالية هو ضعف ما يحصل عليه الطالب الفلسطيني في القدس الشرقية.
كذلك، لعب بركات دوراً مهماً في إقناع الحكومة بتدمير منازل المقدسيين، الذين يشاركون في تنفيذ عمليات داخل المدينة. وكان أول من دعا المستوطنين في المدينة إلى حمل السلاح لمواجهة موجة عمليات المقاومة التي ضربت المدينة في الخريف الماضي ومطلع العام الحالي.