احتفلت الصحافية المغربية هاجر الريسوني، ليلة أمس السبت، بحفل زفافها من الحقوقي السوداني المقيم في المغرب، رفعت الأمين، وذلك بعد أسابيع قليلة من مغادرتهما السجن إثر عفو ملكي أوقف محاكمتهما وسجنهما.
وحضر العشرات من أقارب وأصدقاء كل من الصحافية المغربية وزوجها السوداني، يتقدّمهم رئيس الحكومة المغربية السابق عبد الإله بنكيران، والقيادي التاريخي في حزب الاستقلال امحمد الخليفة، وحقوقيون أمثال فؤاد عبد المومني والمعطي منجب، والناطق الرسمي السابق باسم القصر الملكي حسن أوريد، ورجل الأعمال كريم التازي.
حفل الزفاف تم بعدما تمكّنت الصحافية المغربية وزوجها السوداني رفعت الأمين، من إنهاء الإجراءات القانونية الخاصة بالزواج المختلط، والذي يتطلّب وقتاً أطول مقارنة بالزواج الذي يتم بين مواطنين مغربيين.
هذا التأخر في إتمام إجراءات الحصول على وثائق إبرام عقد الزواج، كانت وراء توجيه تهمة الفساد للخطيبين إثر توقيفهما متم شهر أغسطس/آب الماضي، وذلك في مدخل عيادة طبية خاصة بأمراض النساء، حيث اعتبرت السلطات الأمنية أن هاجر الريسوني خضعت لإجهاض غير مشروع.
وجرى حفل الزفاف بفقرات متنوعة جمعت بين العادات الخاصة بالأعراس المغربية وتلك التي تنتمي إلى الثقافة السودانية، ولفت العروسان الأنظار بدخولهما إلى قاعة الاحتفال رافعين شارة النصر، ما جعل بعض الحاضرين يعلقون بالقول إنه أول زفاف حقوقي في التاريخ.
حفل زفاف الليلة الماضية وضع نهاية سعيدة لمعاناة بدأت يوم السبت 31 أغسطس/آب الماضي، حين أوقفت عناصر أمن بلباس مدني هاجر الريسوني برفقة خطيبها، أثناء مغادرتهما بناية تضم عيادة طبية مخصصة لأمراض النساء والتوليد.
واجهت الصحافية هاجر الريسوني حينها اتهامات النيابة العامة التي قالت إن الطبيب أجرى عملية إجهاض، بينما تؤكد الصحافية الموقوفة أنها زارت الطبيب لوقف نزيف دموي حاد أصابها في الليلة التي سبقت ذلك اليوم، ولم تنفع محاولات إيقافه وتناول بعض المسكنات.
وجرى وقتها اقتياد الصحافية إلى مستشفى أمراض النساء والتوليد العمومي الأكبر في العاصمة الرباط، حيث أخضعتها السلطات لفحص طبي تقول هاجر الريسوني ودفاعها إنّه نفّذ بالإكراه ومن دون موافقة مسبقة منها، وخلصت نتيجة الفحص، التي حررها الطبيب المداوم، إلى عدم وجود أي آثار للملاقط الطبية داخل رحم هاجر الريسوني، وهي المعدات التي لا يمكن القيام بإجهاض طبي من دون استعمالها.
وأجمع الحقوقيون داخل المغرب وخارجه، على ربط توقيف الصحافية الشابة بنشاطها الإعلامي، وبقرابتها العائلية بكل من رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أحمد الريسوني، ورئيس تحرير صحيفة "أخبار اليوم"، سليمان الريسوني المعروف بكتاباته النقدية.
كما سارع طيف واسع من الهيئات الحقوقية، إلى ربط هذا التوقيف بمحاكمة مؤسس الصحيفة التي تعمل بها هاجر الريسوني، صحيفة "أخبار اليوم"، والذي أدين استئنافيا برفع عقوبته من 12 سنة إلى 15 سنة سجنا، بتهم لا تخرج عن الإطار "الأخلاقي"، أي استغلال صحافيات وموظفات لدى المؤسسة الإعلامية، لأغراض جنسية.
وأصدرت المحكمة الابتدائية لمدينة الرباط، يوم 30 سبتمبر/أيلول الماضي، حكماً بالسجن النافذ لمدة سنة كاملة في حق كل من الصحافية المغربية، هاجر الريسوني، وخطيبها رفعت الأمين. أما أقسى عقوبة في هذا الملف فكانت من نصيب الطبيب الذي اتهم بإجراء عملية الإجهاض لحمل مفترض لهاجر الريسوني مع المنع من ممارسة مهنة الطب.
وفي الوقت الذي كانت هذه القضية قد أصبحت تستأثر باهتمام الرأي العام والصحافة الدوليين، أصدر العاهل المغربي، الملك محمد السادس، منتصف أكتوبر/تشرين الأول، عفواً عن الصحافية هاجر الريسوني، وخطيبها والمتابعين الآخرين في قضية الإجهاض السري، وذلك وفق ما أُعلن في بيان رسمي صادر عن وزارة العدل المغربية.