خسر الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، منذ 2012 تاريخ انتخابه للمرحلة الانتقالية وحتى الأسابيع الأخيرة، الكثير من شعبيته جراء طريقة إدارته المرحلة والبلاد، قبل أن يوفر الحوثيون له الفرصة لاستعادة ما خسره جراء الانقلاب عليه وفجورهم في التغوّل على السلطة والرئيس، إلى حد محاصرته شهرا كاملا قبل أن يتمكن من المغادرة إلى عدن.
أسئلة كثيرة ترافق خروج هادي من صنعاء إلى عدن. قد لا يكون اليمنيون بحاجة إلى معرفة كافة تفاصيلها اليوم تماماً مثلما لم يعرفوا تفاصيل سقوط عاصمتهم صنعاء في أيدي الحوثيين قبل أشهر. ما يهم اليمنيين حصراً حصولهم على أجوبة حاسمة حول ما إذا كان هادي سيمضي في ممارسة صلاحياته رئيسا شرعيا للبلاد (ما دام البرلمان لم يبت في استقالته) ويخوض، ولو من عدن، معركة مواجهة انقلاب الحوثيين، وصولاً إلى استعادة العاصمة صنعاء وباقي البلاد منهم، أم سيكتفي بالصفعة التي وجهها السبت للحوثيين وينأى بنفسه عن الصدام.
المؤشرات المتوفرة تفيد بأن المواجهة قادمة. وفي حسابات الربح والخسارة، فإن احتمالات خروج هادي منتصراً لها ما يعززها، إذ لا يزال على الرغم من جميع المآخذ عليه الرئيس الشرعي الذي يواجه جماعة مسلحة تحاول تثبيت انقلابها. ويحظى هادي بتأييد الحراك الشعبي، كان في بعض الخطوات متقدماً على مواقف الرئيس، وخصوصاً عبر التظاهرات التي خرجت منذ اليوم الأول للانقلاب إلى الشوارع معلنة رفضه. وهي المواقف نفسها التي كانت أيضاً أقوى وأكثر جرأة من مواقف الأحزاب، وتحديداً أحزاب اللقاء المشترك، التي رضخت لانقلاب الحوثيين وتخلت عن هادي في مفاوضات موفنبيك بعد أن كانت شريكته في المرحلة الماضية، قبل أن تعود لتتنصل مما التزمت به خلال المفاوضات بعد تطورات السبت. يضاف إلى كل ذلك التأييد الدولي والإقليمي الذي يحظى به الرئيس الشرعي في مقابل عزلة الجماعة.
ما سبق لا يلغي حقيقة أن استسلام الحوثيين لفشل انقلابهم وضرورة التراجع عنه لن يكون سهلاً. وهو ما سيجعل الجماعة لا تتردد في استخدام مختلف الأوراق لمحاولة الحفاظ على مكتسباتها، رافعة درجة المخاطر الأمنية والسياسية والاقتصادية في البلد إلى أعلى مستوياتها مع ترجيح أن تكون الساحة الجنوبية مسرحاً أساسياً، ولا سيما في ظل اختلاط الأوراق في هذه المحافظة التي انتقل إليها هادي، ويطالب تيار الحراك الجنوبي التي يوجد فيها بفك الارتباط عن الشمال. وبالتالي فإن إدارة هادي للمرحلة القادمة ستكون إدارة المخاطر والأزمات. وبقدر ما يستطيع سحب أوراق من الحوثيين وتفكيك عوامل انفجار بقدر ما يسرع من سقوط انقلابهم، بعد أن أصبح مسألة وقت فقط.