تذكرُ هبة محمد قاسم أن القصف كان شديداً على مخيم اليرموك في سورية ذلك اليوم. عرفت أنها لن تستطيع البقاء أكثر من ذلك. لجأت وعائلتها، حالها حال كثير من النازحين الفلسطينيين، إلى لبنان، وتحديداً إلى مخيم الرشيدية في صور (جنوب لبنان). في البداية جاءت مع أطفالها فقط، قبل أن يلحق بها زوجها في وقت لاحق.
تحكي قاسم عن معاناة الحياة في المخيم، بالإضافة إلى قسوة اللجوء. تقول: "كان القصف شديداً يوم تركت اليرموك. أتيت وأولادي إلى مخيم الرشيدية علماً بأننا لا نعرف أحداً. استقبلتنا إحدى الأسر إلى أن عثرت على منزل، فلحق بي زوجي". وتتابع: "اضطررت إلى العمل لتأمين المصاريف، منها بدل إيجار المنزل. عملت في بيع الخضار مدة ثمانية أشهر، قبل أن أنجب ابني".
وتضيف: "تعذبت كثيراً قبل الوصول إلى هنا، وخصوصاً أنني اضطررت إلى تحمل مسؤولية أطفالي لوحدي. فزوجي كان ممنوعاً من دخول الأراضي اللبنانية. لم يتمكن من الحضور إلى لبنان إلا بعد عام. سكنا بيتاً سيئاً للغاية. كل ليلة، نسمع أصوات الرصاص والقنابل. كنا نخاف كثيراً. بعدها، صار بعض الشباب يرشقوننا بالحجارة، ويطرقون بابنا في منتصف الليل. انتقلنا إلى منزل آخر أكثر أمناً. لا أستطيع العمل اليوم بسبب طفلي. أما زوجي، فصار يبيع الحلويات على عربة، ويتقاضى نسبة من المال بحسب الكمية التي يبيعها. كما أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) تدفع لنا مائتي وخمسين دولار في الشهر".
قبل أن تغادر مخيم اليرموك ، فقدت قاسم شقيقها في القصف. "كان يقف عند ناصية الشارع يتكلم مع شقيقتي، قبل أن تسقط قذيفة قربهما، فتعرّض أخي لإصابة بليغة ومات على الفور". تمكنت من إحضار والدتها التي تعاني من مرض سرطان الحنجرة إلى لبنان، إلا أن أخواتها ما زلن محاصرات في اليرموك. تقول إن البعض قد يظن أنها أكثر راحة في لبنان. لكن هذا ليس حالها. تتمنى العودة إلى مخيم اليرموك "لأننا هربنا طلباً للأمان، لكننا نفتقده هنا"، لافتة إلى أننا "نعيش حالة بائسة جداً، وبالكاد نحصل على المساعدات". وتضيف أن "معظم الجمعيات لا تقدم المساعدات للنازحين الجدد، وأنا أعتبر منهم وخصوصاً أنني أتيت إلى هنا قبل سنتين فقط".
وتتابع قاسم: "نأكل إذا كان زوجي يعمل. وإن لم يعمل فلا يكون في حوزتنا المال. لدي ولدان في المدرسة. صحيح أن القسط معقول جداً ولا يتجاوز المائة ألف ليرة. لكن حتى هذا الرقم نضطر إلى دفعه بالتقسيط لأن زوجي لا يعمل معظم الوقت".