ويأتي الاستهداف، الذي جرى فجر أمس الاثنين، ولم يسفر سوى عن أضرار مادية طفيفة بمحيط مقر شركة هاليبرتون الأميركية، بعد يومين من تهديد ثمانية فصائل عراقية مسلحة، توصف عادة بأنها مرتبطة بإيران، باستهداف القوات الأميركية واعتبارها قوات احتلال، وبيان منفصل آخر لمليشيا "كتائب حزب الله"، العراقية، قالت فيه إن السفارة الأميركية تحت "مرمى صواريخنا".
وقالت وزارة النفط العراقية، في بيان لها تعليقاً على الحادث، إن "هذا الفعل الإجرامي ما هو إلا استهدافٌ واضحٌ لأرواح العاملين في القطاع النفطي، ويعكس في الوقت ذاته المحاولات اليائسة لتعطيل العمليات النفطية التي تمثل عصب الاقتصاد الوطني".
وأضافت "إذ تدين وتستنكر وزارة النفط هذه الأفعال الإجرامية التي لا ترى فيها أي مبرر، خصوصاً في هذا الظرف العصيب الذي تواجههه البشرية جمعاء، والمتمثل بتفشي وباء فيروس كورونا وآثارهِ الوخيمة على الاقتصاد العالمي، ومنها تدني أسعار النفط وما تمثله من تهديد للاقتصاد الوطني ولحياة العراقيين، فإنها تناشد في الوقت ذاته الأجهزة الأمنية كافة بحث الخُطى من أجل الكشف عن الجناة وتقديمهم إلى القضاء".
ووفقاً لمصادر أمن عراقية في البصرة، فإن إجراءات مشددة اتخذت حول مواقع نفطية توجد فيها شركات، أو عاملين أميركيين وأجانب بشكل عام، في الزبير والقرنة والبرجسية ومناطق أخرى نفطية بالمحافظة.
وقال مسؤول عسكري في قيادة عمليات البصرة، لـ"العربي الجديد"، إن "الجهات الأمنية فتحت تحقيقا بالحادث وتخضع عدة كاميرات مراقبة للمراجعة لرصد العربات التي نصبت قواعد الصواريخ"، بعد العثور عن منصة الصواريخ، كما تم احتجاز ضباط وعناصر أمن للتحقيق معهم بشأن تقصيرهم في منع الهجوم.
وكشف المسؤول أن الهجوم يحمل بصمات واضحة لفصائل مسلحة ناشطة بالبصرة، مشيراً إلى قاعدة الصواريخ التي عثر عليها تعود لأحد تلك الفصائل. وأوضح أن هناك مخاوف من أن يكون استهداف الشركة الأميركية توسعة في رقعة الاستهدافات التي تنفذها فصائل مسلحة لمصالح أميركية وشركات عاملة بالعراق، لذا تم اتخاذ إجراءات مشددة حول المواقع النفطية التي تعمل بها شركات أو عمال أميركيين.
بالمقابل، قال المتحدث باسم مليشيا "كتائب سيد الشهداء"، أحد أبرز الفصائل العراقية المسلحة المقربة من طهران، كاظم الفرطوسي، لـ"العربي الجديد"، إن "فصائل المقاومة عندما تقوم بأي عملية عسكرية، تُعلن ذلك ولا تخشى أحدا، ولهذا نحن ليس لنا أي علاقة بهذه العملية"، وفقا لقوله.
وأوضح أن "الشركات النفطية الأميركية، أو غيرها، تعمل في العراق، ضمن اتفاق مع الجهات الحكومية المختصة، ولا يمكن الاعتداء عليها وأن أي اعتداء عليها هو اعتداء على سيادة العراق".
بالمقابل، يقول المحلل الأمني العراقي نجم القصاب، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "بعد انسحاب بعض القوات الأميركية من بعض القواعد العسكرية في العراق، واستقرارها فقط في قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار، وقاعدة الحرير في أربيل، لم تجد الفصائل المسلحة أمامها إلا استهداف المصالح الاقتصادية الأميركية.
وبين القصاب أن "عملية قصف شركة هاليبرتون النفطية لن تتضرر بها الولايات المتحدة، بل سيكون ضررها على العراق والعراقيين، فهو ليست له موارد غير النفط"، مؤكداً أن "الفصائل المسلحة تحاول بهذه الضربات استعراض قوتها، وهي في نفس الوقت تنكر أنها من تنفذ هذه الضربات، فهي أيضا تخشى من ردود الأفعال الأميركية". وأضاف المحلل الأمني العراقي أن "قصف المصالح الاقتصادية الأميركية أو السفارة في بغداد، دليل على ضعف الحكومة العراقية، في مواجهة هذه الفصائل".