فاجأت قوات المعارضة السورية المتمركزة في بعض المناطق بجبلي التركمان والأكراد في ريف اللاذقية الشمالي، قوات النظام السوري، مساء أول من أمس الاثنين، بهجوم كبير على عدة محاور تمكنت على أثره من السيطرة على عدد كبير من النقاط التي كانت سيطرت عليها قوات النظام في الأشهر الماضية بفضل التدخل الروسي الذي سمح للنظام باستعادة مناطق هامة في جبلي التركمان والأكراد لتنحسر مناطق سيطرة المعارضة إلى نقاط قليلة باقية في الجبلين.
وقال الناشط الإعلامي طارق عبد الحق، لـ"العربي الجديد"، إنّ "فصائل من المعارضة المسلحة أطلقت (يوم الاثنين) معركة تحت اسم اليرموك، بهدف السيطرة على مناطق في جبلي الأكراد والتركمان"، مشيراً إلى أنّها "سيطرت على تلة أبو علي وبرج قرية البيضاء في جبل التركمان، وقرية مازغلة والقرميل في جبل الأكراد". وأضاف عبد الحق أنّ "مواجهات عنيفة دارت في المنطقة أدّت إلى مقتل وجرح العشرات من قوات النظام والمليشيات المساندة لها"، لافتاً إلى أنّ "دفاعات قوات النظام انهارت بسرعة، وفرّ العشرات من الجنود أمام ضربات مقاتلي المعارضة". كما لفت إلى أنّ "المعارك ما زالت مستمرة، ويحاول مقاتلو المعارضة الوصول إلى بلدة البيضا، التي سيطرت عليها قوات النظام مطلع العام الحالي بتغطية جوية روسية، وبمساندة مليشيات فلسطينية".
من جانبه، أعلن "جيش العزة" وهو من تشكيلات المعارضة الكبيرة أيضاً في الشمال السوري، في تسجيل مصور، عن تمكن وحدة عسكرية تابعة له من تدمير دبابة من طراز "تي 62" تابعة لقوات النظام في منطقة شير قبوع في ريف اللاذقية الشمالي، بعد استهدافها بصاروخ مضاد للدروع من طراز "تاو".
وباتت قوات المعارضة بتقدمها الأخير في ريف اللاذقية الشمالي، على بعد كيلومترات قليلة من بلدة كنسبا ذات الأهمية العالية والتي خسرتها المعارضة لصالح النظام إبان التدخل الروسي الأخير في سورية. وتسعى قوات المعارضة إلى استعادة السيطرة على بلدة كنسبا بهدف تأمين الطريق الرئيسي الذي يصل مناطق سيطرتها في جبال الأكراد ومنطقة جسر الشغور بريف إدلب من طرف، ومنطقة جبل التركمان القريبة من معاقل النظام السوري في ريف اللاذقية من طرف آخر، لتنطلق بعد ذلك في محاولة استعادة السيطرة على المناطق التي خسرتها أيضاً في جبال التركمان.
وحمل هجوم قوات المعارضة العسكري الكبير والمفاجئ بريف اللاذقية رسائل سياسية هامة إلى روسيا تحديداً، ذلك أن تمكن قوات المعارضة من السيطرة على مناطق كثيرة في ريف اللاذقية يعني بلا شك أن قوات النظام التي سيطرت على هذه المناطق في وقت سابق بفضل الغطاء الجوي الروسي لم تتمكن من الحفاظ عليها مع غياب هذا الغطاء بسبب انشغال الطيران الروسي بدعم قوات النظام شمال حلب في الأيام الأخيرة.
وعلى العكس من ذلك أثبتت قوات المعارضة السورية، المحرومة بشكل كامل من الغطاء الجوي فضلاً عن عدم حيازتها لأي مضادات طيران فعالة، أن قواتها تتمتع بكفاءة عالية وهي قادرة ليس فقط على الصمود فترة طويلة أمام هجمات النظام السوري والمليشيات الإيرانية والعراقية وقوات حزب الله اللبناني المدعومة جميعاً بالغطاء الروسي، بل أثبتت أنها قادرة أيضاً على مباغتة قوات النظام والمليشيات متى شاءت لتلحق بها خسائر كبيرة.
كما أن القدرة الكبيرة على المناورة والتي استخدمتها قوات المعارضة في معركة ريف اللاذقية تدفع إلى الاعتقاد بأن هناك عمليات تنسيق عسكري على مستوى عالٍ بين فصائلها التي تبدو مشتتة من بعيد، ذلك أن هجوم اللاذقية الأخير تزامن مع ارتفاع وتيرة هجمات قوات النظام وروسيا في شمال حلب والتي تهدف إلى الوصول إلى طريق الكاستلو، خط إمداد المعارضة الوحيد إلى حلب، وقطعه، وبالتالي فرض حصار على حلب. وهو الأمر الذي ردت عليه قوات المعارضة بهجوم كبير ومفاجئ في جبال اللاذقية أجبر الطيران الروسي على مغادرة أجواء حلب مساء الإثنين وحتى عصر يوم أمس الثلاثاء، والتوجه غرباً نحو جبال اللاذقية لمساندة قوات النظام في عمليات الدفاع التي تخوضها أمام قوات المعارضة التي تهاجمها.