باغتني بأُغنيةٍ لفيروز. تجاهلتُ الموضوع قبل أن يبتسم ويسألني: "كيف بتقدري ما تحبيها؟" فأجبته: "ما بحبها، ما بتذكرني بشي مهم إلا بباص المدرسة". قصتي مع فيروز وموسيقاها قديمة نسبياً، إذ كنت أبلغ السابعة من عمري يوم "تعرّفت عليها" عبر مذياع باص المدرسة الأزرق.
بعكس معظمكم، أنا لا أملك ذكريات معينة عن فيروز، ذلك أنه خلال سنوات الابتدائي وصباحات الشتاء البارد، كان خيار سائق الباص اليوميّ الصباحي أغاني فيروز التي تصدح على مدى ساعةٍ كاملة، أُقاوم خلالها تنقّل الباص وكركعته، والنعاس.
سنواتٌ قضيتها أستمع لفيروز في باص المدرسة وأُحصي الدقائق قبل توقفه أمام بوابة المدرسة، إذ كنتُ أهرع فوراً إلى جحيمٍ آخر وهو حصة الرياضيات. سنواتٌ مرّت حتى أُتيحت لنا بدائل، كنت حينها قد بلغت العاشرة وحصلت على "مشغّل الـCD المحمول". عمدت بفضله إلى الهروب من أغنيات فيروز إلى موسيقى من نوعٍ آخر تمنحني الكثير من الطاقة على صعيد شخصي.
شاركتُ صديقي قصتي مع باص المدرسة وفيروز، والذكريات القليلة التي أملكها. ابتسم قائلاً: "تذكرُني فيروز بطفولتي ومراهقتي ومدرستي وحارتي. تذكرني بسورية وزوايا مدينتي.. بالصباحات الهادئة.. كثيرٌ لا أستطيع اختصاره الآن".
تُذكره فيروز بكلّ شيء.. يتمتم بكلماتٍ من أغنياتها، وترتسم على وجهه ابتسامة بسيطة خلال الحديث عنها وعن الأشياء الجميلة التي تُمثّلها، بلقائه الباكر مع صبيّة ما خلف حائطٍ حجريّ، بأصدقاء ومغامراتٍ عاشوها يوماً، تُذكره بالأشياء الجميلة حصراً، وأنا أُريد له تلك الذكريات الجميلة.. عن وطنٍ أيْقظتهُ الثورة ودمّرته الحرب.
وإن كانت فيروز السبيل الوحيد لاستعادته تلك اللحظات والذكريات والأماكن والأشخاص، فسأعقد مع أغانيها هُدنةً "غير مُعلنة" إن لزم الأمر، كي تُتاح لي فُرصة التعرّف أكثر على ذكرياته الجميلة، بعيداً عن الحرب والدمار. وسأُغيظه أحياناً، سأُذكّره بأنني لستُ من المعجبات بفيروز، سنضحك، سيروي المزيد من القصص، سيشغّل أغنيةً جديدة، وستستمرّ الهُدنة لأجلٍ غير مُسمّى.
إقرأ أيضاً: لا أسمع فيروز.. فهل تغضب؟
بعكس معظمكم، أنا لا أملك ذكريات معينة عن فيروز، ذلك أنه خلال سنوات الابتدائي وصباحات الشتاء البارد، كان خيار سائق الباص اليوميّ الصباحي أغاني فيروز التي تصدح على مدى ساعةٍ كاملة، أُقاوم خلالها تنقّل الباص وكركعته، والنعاس.
سنواتٌ قضيتها أستمع لفيروز في باص المدرسة وأُحصي الدقائق قبل توقفه أمام بوابة المدرسة، إذ كنتُ أهرع فوراً إلى جحيمٍ آخر وهو حصة الرياضيات. سنواتٌ مرّت حتى أُتيحت لنا بدائل، كنت حينها قد بلغت العاشرة وحصلت على "مشغّل الـCD المحمول". عمدت بفضله إلى الهروب من أغنيات فيروز إلى موسيقى من نوعٍ آخر تمنحني الكثير من الطاقة على صعيد شخصي.
شاركتُ صديقي قصتي مع باص المدرسة وفيروز، والذكريات القليلة التي أملكها. ابتسم قائلاً: "تذكرُني فيروز بطفولتي ومراهقتي ومدرستي وحارتي. تذكرني بسورية وزوايا مدينتي.. بالصباحات الهادئة.. كثيرٌ لا أستطيع اختصاره الآن".
تُذكره فيروز بكلّ شيء.. يتمتم بكلماتٍ من أغنياتها، وترتسم على وجهه ابتسامة بسيطة خلال الحديث عنها وعن الأشياء الجميلة التي تُمثّلها، بلقائه الباكر مع صبيّة ما خلف حائطٍ حجريّ، بأصدقاء ومغامراتٍ عاشوها يوماً، تُذكره بالأشياء الجميلة حصراً، وأنا أُريد له تلك الذكريات الجميلة.. عن وطنٍ أيْقظتهُ الثورة ودمّرته الحرب.
وإن كانت فيروز السبيل الوحيد لاستعادته تلك اللحظات والذكريات والأماكن والأشخاص، فسأعقد مع أغانيها هُدنةً "غير مُعلنة" إن لزم الأمر، كي تُتاح لي فُرصة التعرّف أكثر على ذكرياته الجميلة، بعيداً عن الحرب والدمار. وسأُغيظه أحياناً، سأُذكّره بأنني لستُ من المعجبات بفيروز، سنضحك، سيروي المزيد من القصص، سيشغّل أغنيةً جديدة، وستستمرّ الهُدنة لأجلٍ غير مُسمّى.
إقرأ أيضاً: لا أسمع فيروز.. فهل تغضب؟