دخل اتفاق الهدنة، الذي جرى التوصل إليه بين قوات النظام السوري ومقاتلي المعارضة في حمص، حيز التنفيذ، اليوم السبت، وفق ما أفاد ناشطون داخل المدينة، لكن ذلك لم يمنع طيران النظام من شن غارتين جويتين، على الأحياء السكنية في مدينة تلبيسة، في ريف حمص الشمالي، حيث من المفترض أن يتوجه مقاتلو المعارضة بموجب الاتفاق.
وأعلن محافظ حمص، طلال البرازي، لوكالة "فرانس برس"، اليوم السبت، أن "البحث مستمر في استكمال بنود الاتفاق الذي يضمن بالنتيجة استلام المدينة خالية من السلاح والمسلحين".
وفيما وصف المفاوضات التي تجري بين ممثلين عن السلطات السورية ووجهاء من أحياء حمص بأنها "تتسم بالجدية"، وقال "نحن قريبون من الحل والتوصل إلى اتفاق نهائي، كون الأمور قطعت شوطا طويلاً"، سرّب ناشطون بنود الاتفاق، الذي يأتي بعد أكثر من عامين من الحصار على حمص، وبعد حملة عنيفة بدأتها القوات النظامية في منتصف أبريل/نيسان الماضي، للسيطرة على الأحياء المحاصرة.
ويقضي الاتفاق ببدء انسحاب مقاتلي المعارضة، الذين يقدر عددهم بين 2200 و2400 مقاتل، اعتباراً من يوم غد الأحد، باتجاه ريف حمص الشمالي، وتحديداً إلى تلبيسة والدار الكبيرة مع أسلحتهم الفردية، وذلك بعدما دخل وقف إطلاق النار بين الجانبين حيز التنفيذ اعتباراً من أمس الجمعة.
وذكرت شبكة "سوريا مباشر"، أن "الاتفاق جاء برعاية الأمم المتحدة وبحضور روسي إيراني".
وضمّ وفد الثوار من الأحياء المحاصرة كلاً من، الشيخ عبد العليم هلال أحمد، ووجهاء حي جورة الشياح، وأحد قادة الكتائب المقاتلة، عرابي النجار، والناشط الإعلامي، أبو رامي الحمصي، إضافة إلى آخرين.
والتقوا بضابط إيراني رفيع المستوى بحضور رئيس شعبة الأمن السياسي اللواء محمد ديب زيتون، ومحافظ مدينة حمص طلال البرازي.
ونصّ الاتفاق على سبعة بنود، تضمنت خروج جميع المحاصرين الذين يبلغ عددهم تقريباً ما بين 2200 و 2400 مقاتل، يتم نقلهم بـ40 حافلة. ويرافق كل حافلة عضو من الأمم المتحدة.
كما ترافق شرطة النظام الحافلات التي تتوجه إلى ريف حمص الشمالي، على أن تبدأ الحافلات بنقل المقاتلين على دفعات وتستمر حتى إخراجهم جميعاً.
ونصت بنود الهدنة على ألا يسمح بإخراج السلاح الثقيل، ويحمل المقاتلون نصف أسلحتهم الرشاشة المتوسطة، بينما يحق لكل مقاتل اصطحاب سلاحه الفردي وحقيبة سفر.
كما شمل الاتفاق توافقاً على أن تنقل سيارات الهلال الأحمر المصابين من داخل الحصار، وأن يكشف مهندسو الألغام عن العبوات الناسفة والألغام.
كما يدخل الهلال الأحمر إلى حي الوعر، ويتم إدخال المواد الغذائية التي تمنعها قوات النظام.
في المقابل تقوم "الجبهة الإسلامية" بتسليم الضابط الروسي المحتجز لديها في ريف اللاذقية في 10 أبريل/نيسان الماضي، والمرأة الإيرانية التي أُسرت على معبر باب السلامة، إضافة إلى 20 مقاتلاً إيرانياً. وهذا ما يفسر سبب الحضور الروسي الإيراني والضغط باتجاه الهدنة.
كذلك تضمن الاتفاق إدخال الطعام والشراب إلى قريتي نبل والزهراء في مدينة حلب.
ولا يُبدأ بتنفيذ بنود الاتفاق حتى يتحقق هذا البند، وكذلك دخول الهلال الأحمر إلى البلدتين.
وقد عقدت جولات التفاوض في مبنى قيادة الشرطة وفندق السفير، الذي يعتبر مقراً عسكرياً للنظام وروسيا وإيران.
وفي حين اعتبر مراقبون هذا الاتفاق نقطة إضافية لمصلحة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، قبل شهر من موعد الانتخابات الرئاسية، أشار "الائتلاف السوري" المعارض، إلى أنه "لم يتم التنسيق معه بخصوص الاتفاق"، الذي اعتبره "محاولة من النظام لدق إسفين بين الجناحين السياسي والعسكري للمعارضة".
وقالت نائبة رئيس الائتلاف، نورا الأمير، التي تنحدر من مدينة حمص، لـ"العربي الجديد" إن "الهدنة تدخل في إطار استراتيجية النظام السوري، لعزل الفصائل المقاتلة عن الأطراف السياسية". وأشارت إلى أن "النظام يضغط على المعارضة عبر سياسة التجويع والحصار، ويبتز المقاتلين بالاحتياجات الأساسية التي يحتاجها المحاصرون المدنيون".
ولفتت إلى أن "النظام هدد بأن أي تدخل لأطراف سياسية، سيؤدي إلى نسف الاتفاق، وذلك لمنع المعارضة من تحقيق أي مكسب سياسي، من أي هدنة حسب تعبيرها".
ووضعت الأمير الاتفاق ضمن استراتيجية "القضم السياسي لمناطق النزاع المحاصرة، التي يتبعها النظام وتنفيذ سياسة التهجير على خلفية طائفية".