تتسع رقعة جهود تنظيم "الدولة الإسلاميّة" لإقناع العنصر النسائي بالانضمام إلى صفوفه. هدى مثنى فتاة يمنيّة أميركية انضمت إلى "داعش" العام الماضي، وأكّدت مصادر في الجالية اليمنية بولاية ألباما الأميركية لـ"العربي الجديد" أنّها عادت مجدداً للتغريد من مكان إقامتها في سورية بأسماء جديدة، بعد أن أعلنت زواجها بأحد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية.
وأشارت مصادر مقرّبة من أسرة الفتاة هدى مثنى (21 عاماً)، إلى أنّ والدها الذي يتنقّل بين العاصمة واشنطن وإحدى ضواحي مدينة برمينغهام في ولاية ألباما الجنوبية، ناشد ابنته التوقف عن التغريد خارج السرب، والعودة إلى حضن أهلها، للعيش في ضاحية هوفر. لكن يبدو أنّ هدى مصرّة على أنّ العيش في كنف "المجاهدين والمجاهدات" هو الأفضل.
اقرأ أيضاً: بريطانيا تطلق سراح مراهقين حاولوا الالتحاق بـ"داعش"
وبعد صمت استمر شهوراً عديدة، كشفت أسرة هدى تفاصيل جديدة عن قصة خروج ابنتها من منزل الأسرة، لتتصل فجأة من تركيا، مؤكّدة أنّها في طريقها لـ"الجهاد" في سورية. ووفقاً لما روته المصادر المقرّبة، لم تتلقّ الفتاة أي عون مالي خارجي لشراء تذكرة السفر إلى تركيا، بل تسلّمت من والدها مبالغ مالية بحجة دفع رسوم تسجيل عامها الدراسي في الجامعة. ثمّ عمدت إلى تضليل أسرتها بالمشاركة في رحلة جامعية إلى ولاية جورجيا، على بعد ثلاث ساعات من برمينغهام، وهي الرحلة التي لم تعد منها حتى الآن.
ونُقل عن والد الفتاة أنّه اعترض في البداية على مشاركة ابنته في الرحلة، لكنّه خضع بعد إلحاحها وتأكيدها أنّ علاماتها الدراسية قد تتأثر إن لم تشارك في النشاطات الجامعية، وتعهدها له بالعودة في اليوم ذاته.
وفي ذلك اليوم، وبحسب الرواية، اتصلت الفتاة من مكان الرحلة المفترضة، لتبلّغ أحد أفراد الأسرة أنّها استقلّت الحافلة الخطأ وسوف تضطر للبقاء مع زميلاتها في جورجيا، راجية منه إقناع والدها بتفهم الأمر. وعندما علم الأب، وقع عليه الخبر كالصاعقة، وثار. لكن ما حصل، ساعده لاحقاً على تقبّل الأمر الواقع، في ذهاب ابنته إلى ما هو أبعد وأخطر.
اقرأ أيضاً: داعش أفغانستان يستقطب الأجانب
يعترف الأب بالذنب ويشعر بتأنيب الضمير، معتبراً أنّ تشدّده مع ابنته، كان الدافع الأساسي لها للمضي قدماً في طريق التشدد أكثر مما كان ينتظر منها. وعلى الرغم من ميول التدين لدى الأسرة والجالية الإسلامية المحافظة في منطقة هوفر بمقاطعة برمينغهام، فإنّ ذلك لم يكن كافياً لهدى التي كانت تبحث عن التشدّد الأعمق. وكانت تشعر بالرضا وتحقيق الذات، كلّما زادت مظاهر تشدّدها أمام أفراد أسرتها، وخصوصاً الذكور، لأنّهم يرتاحون لإفراطها في التدين، بحسب إحدى زميلاتها.
وأوضحت إحدى رفيقاتها اليمنيات المحافظات، أنّ شخصية هدى على تويتر قوية وصدامية، مشيرة إلى أنّ تغريداتها ترضي غرورها، وهو ما يعوّض عنها في واقع الأمر ضعف شخصيتها الحقيقية.
أمّا هدى نفسها، فقد ذكرت في إحدى محادثاتها، أنّ والديها لاحظا زيادة تفانيها في التدين، لكنهما افترضا أنّها توطّد علاقتها بالله فقط، "أعجبهم الأمر في البداية، لكنّهم استاءوا حين علموا أنّي أصبحت جهادية".
بدأ تديّن هدى الجهادي حين أهدى لها والدها هاتفاً ذكيّاً بعد تخرّجها في العام 2013. ووجدت عبر برامج التواصل الاجتماعي ضالتها في الإيغال أكثر في التشدد، وبدأت التعرف إلى أوروبيات دخلن سورية.
وفي الوقت الذي كان الوالد يراقب فيه هاتف ابنته ويتعارك معها للاطلاع على محتوياته، ليحميها من الانحراف، إذا به يكتشف أخيراً، أنّ ما كان يخاف على ابنته منه، قد وقع.
ونقلت بعض المواقع الإخبارية الأميركية خلال الأيام الماضية حصيلة محادثات، موضّحة أنّ مدونين أميركيين أجروها مع هدى مثنى على حسابها عبر تويتر الذي أوقف. ولفتت الفتاة المتمردة إلى أنّها اقتنعت على يد جهاديين من "داعش"، أنّ الانضمام للتنظيم أداء لواجبها كفتاة مسلمة. وأوضحت أنّ دخولها سورية، استغرق ما يقارب العام من التدبير بالتعاون مع جهاديين ساعدوها بالمشورة لا بالمال، في التخطيط للفرار من أسرتها، ومن بلادها التي سمّتها "بلاد الكفّار". واعترفت بأنّها خدعت أسرتها بقصة خروجها في رحلة جامعية، وأنّها كانت في الحقيقة على موعد مع رحلة الطيران إلى تركيا، ومنها إلى الرقة السورية. وكشفت خلال المحادثات، أنّها تزوجت، بعد شهر واحد من وصولها، بـ"جهادي" أسترالي يدعى سهان عبد الرحمن، قتل في غارة شنّها الجيش الأردني.
وتعاونت هدى مع مقاتلي تنظيم الدولة بنشر تغريدات باللغة الإنكليزية عبر حسابها على موقع تويتر باسم "أم جهاد"، تدعو خلاله الطلاب الأميركيين المسلمين، إلى الانضمام لصفوف التنظيم. وكتبت على حسابها، الذي أُلغي أخيراً: "لديكم الكثير لتفعلوه، فأنتم تعيشون تحت سيطرة عدونا الأكبر، كفاكم نوماً. اقتلوهم واسفكوا دماءهم، يمكنكم استئجار شاحنة كبيرة ودهسهم جميعاً خلال التجمعات الكبيرة".
اقرأ أيضاً: 4 أسباب تغذي داعش بشباب تونس