كحجرٍ أُلقي في بحيرة راكدة، نشرت فتاة تُدعَى هدير مكاوي، قصتها على "فيسبوك"، وأعلنت قرارها الاحتفاظ بجنينها، من دون موافقة الأب الذي تنصّل من الاعتراف به، مُطالباً إياها بقتله.
حالةٌ من الجدل، أثارها قرار مكاوي على "فيسبوك" بين داعم لها ولحريتها، وبين مدين لفعلها وواصماً لها، وبين فريق ثالث لم يعنِه التحدُّث سوى عن الطفل ووضعه، وحقه في أوراق ثبوت ودعم لن يحصل عليها إلا بموافقة الأب أو أحد من طرفه. وتأخذ هذه القضايا دوماً حيّزاً من النقاش الاجتماعي والسياسي وأحياناً الديني الفقهي أيضاً في القضاء العام. وذلك، لما تتميّز به من حساسيّة وجذريّة.
13 عاماً مضَت منذ حادثة هند الحناوي وأحمد الفيشاوي. ومنذ 3 أعوام، تكرَّرت نفس الحادثة مرّة أخرى بين زينة وأحمد عز. وذات المناقشات تدور على الساحة بنفس الافتراضات والادعاءات والاتهامات والأحكام المسبقة بـ"الزنا" وعدم أحقية "طفل الزنا" في النسب. وكأن المجتمع لم يتحرّك للأمام قيد أنملة، ولم تتغير قيمة وطريقة نقاشاته للقضايا السياسية والاجتماعية والأخلاقية، خصوصاً تلك التي تتعلّق بالأطفال.
يحدث كل ذلك، رغم تأكيد هدير، على صفحتها الخاصة على فيسبوك، أن الطفل جاء نتيجة زواج وُقِّع فعليّاً بمعرفة والدة الزوج وشقيقه. لكنه كان زواجاً عرفياً لعدم موافقة أهلها، وبالتالي عدم وجود ولي لها.
ولأن قضيَّة الزواج العرفي، وإعلان الأمّ الاحتفاظ بالطفل، ومواجهة ثوابت المجتمع، وهو أمرٌ قد يطولُ تداوله من دون الوصول إلى نتيجةٍ مُحدّدة، إلا إنّ الأمر الضروري، الآن، هو إثبات هويَّة الطفل، الأمر الذي قد يماطل الأب في فعله. وكان القانون المصري قد نصّ بأنَّ الأب، أو أي أحدٍ من طرفه، له الحقّ في استخراج شهادة ميلادٍ للطفل حديث الولادة.
وفي العام الماضي، جاء حُكم محكمة القضاء الإداري لصالح حق الأم في استخراج شهادةِ ميلاد طفلها، ولكن بشروطٍ، أوّلها إثبات العلاقة الزوجيّة على النحو الذي تبيّنه اللائحة التنفيذية، أي يجب أن يكون الزواج شرعيَّاً. كما لابد للأمّ إحضار بعض المستندات التي تؤكِّد نسب الطفل، وهي مستند إخطار قيد المولود من المستشفى، أو جهة الولادة، وصورة قسيمة الزواج، وصورة بطاقة إثبات لشخصيّة الأب والأم.
وفي المقابل، تعفي الأب من أغلب تلك المستندات، ويكفي أن يكون حاضراً ليبلغ بمولوده الجديد. عدم الثقة في التعامل مع المرأة، أو اعتبارها شخصاً ناقص الأهلية، لا يمكن الاعتماد عليه في توثيق بيانات طفلها، في حين إعطاء مطلق الثقة للأب في استخراج وثيقةِ ميلاد طفله، دون رقيبٍ عليه، أمر غير مقبول.
فإذا افترضنا تلاعب بعض الأمهات في بيانات طفلها، فربما يتلاعب الأب أكثر منها في تسجيل تلك البيانات. وقد تناولت العديد من الأفلام عدم أمانة الأب في توثيق بيانات الطفل الذي يذهب بدون أوراق، لتسجيل طفله مُكتفياً بما سيقوله.
اقــرأ أيضاً
ثمَّة أفلام عديدة تناولت هذه الظاهرة الاجتماعيَّة، أهمها:
- فيلم "تزوير في أوراق رسمية" من إنتاج عام 1984، بطولة محمود عبد العزيز وميرفت أمين، تأليف صلاح فؤاد، وإخراج يحي العلمي. وفيه قام الأب بتسجيل طفليه من زوجتين مختلفتين باسم زوجة واحدة فقط، باعتبارها أم الطفلين.
- فيلم "حب لا يرى الشمس" من إنتاج عام 1980، بطولة محمود عبد العزيز ونجلاء فتحي، وتأليف محمود أبوزيد، وإخراج أحمد يحيى. وتدور أحداثه حول زوجة لا تستطيع الإنجاب، فتتفق هي وزوجها على أن يتزوج من أخرى شرط أن يسجل الطفل باسمها، وتصبح والدته الرسمية على الأوراق.
- فيلم "الباطنية" إنتاج عام 1980، بطولة نادية الجندي وفاروق الفيشاوي، وتأليف مصطفى محرم، وإخراج حسام الدين مصطفى. وتدور أحداثه حول علاقة عاطفية بين فتاة فقيرة وابن تاجر مخدرات، وينتج عنها طفل. يقوم جد الطفل لأبيه بخطفه، وإيهام الأم بأنهم قتلوه، ويزوّج ابنه من امرأة أخرى، ويسجل الطفل باسم الزوجة.
اقــرأ أيضاً
حالةٌ من الجدل، أثارها قرار مكاوي على "فيسبوك" بين داعم لها ولحريتها، وبين مدين لفعلها وواصماً لها، وبين فريق ثالث لم يعنِه التحدُّث سوى عن الطفل ووضعه، وحقه في أوراق ثبوت ودعم لن يحصل عليها إلا بموافقة الأب أو أحد من طرفه. وتأخذ هذه القضايا دوماً حيّزاً من النقاش الاجتماعي والسياسي وأحياناً الديني الفقهي أيضاً في القضاء العام. وذلك، لما تتميّز به من حساسيّة وجذريّة.
13 عاماً مضَت منذ حادثة هند الحناوي وأحمد الفيشاوي. ومنذ 3 أعوام، تكرَّرت نفس الحادثة مرّة أخرى بين زينة وأحمد عز. وذات المناقشات تدور على الساحة بنفس الافتراضات والادعاءات والاتهامات والأحكام المسبقة بـ"الزنا" وعدم أحقية "طفل الزنا" في النسب. وكأن المجتمع لم يتحرّك للأمام قيد أنملة، ولم تتغير قيمة وطريقة نقاشاته للقضايا السياسية والاجتماعية والأخلاقية، خصوصاً تلك التي تتعلّق بالأطفال.
يحدث كل ذلك، رغم تأكيد هدير، على صفحتها الخاصة على فيسبوك، أن الطفل جاء نتيجة زواج وُقِّع فعليّاً بمعرفة والدة الزوج وشقيقه. لكنه كان زواجاً عرفياً لعدم موافقة أهلها، وبالتالي عدم وجود ولي لها.
ولأن قضيَّة الزواج العرفي، وإعلان الأمّ الاحتفاظ بالطفل، ومواجهة ثوابت المجتمع، وهو أمرٌ قد يطولُ تداوله من دون الوصول إلى نتيجةٍ مُحدّدة، إلا إنّ الأمر الضروري، الآن، هو إثبات هويَّة الطفل، الأمر الذي قد يماطل الأب في فعله. وكان القانون المصري قد نصّ بأنَّ الأب، أو أي أحدٍ من طرفه، له الحقّ في استخراج شهادة ميلادٍ للطفل حديث الولادة.
وفي العام الماضي، جاء حُكم محكمة القضاء الإداري لصالح حق الأم في استخراج شهادةِ ميلاد طفلها، ولكن بشروطٍ، أوّلها إثبات العلاقة الزوجيّة على النحو الذي تبيّنه اللائحة التنفيذية، أي يجب أن يكون الزواج شرعيَّاً. كما لابد للأمّ إحضار بعض المستندات التي تؤكِّد نسب الطفل، وهي مستند إخطار قيد المولود من المستشفى، أو جهة الولادة، وصورة قسيمة الزواج، وصورة بطاقة إثبات لشخصيّة الأب والأم.
وفي المقابل، تعفي الأب من أغلب تلك المستندات، ويكفي أن يكون حاضراً ليبلغ بمولوده الجديد. عدم الثقة في التعامل مع المرأة، أو اعتبارها شخصاً ناقص الأهلية، لا يمكن الاعتماد عليه في توثيق بيانات طفلها، في حين إعطاء مطلق الثقة للأب في استخراج وثيقةِ ميلاد طفله، دون رقيبٍ عليه، أمر غير مقبول.
فإذا افترضنا تلاعب بعض الأمهات في بيانات طفلها، فربما يتلاعب الأب أكثر منها في تسجيل تلك البيانات. وقد تناولت العديد من الأفلام عدم أمانة الأب في توثيق بيانات الطفل الذي يذهب بدون أوراق، لتسجيل طفله مُكتفياً بما سيقوله.
ثمَّة أفلام عديدة تناولت هذه الظاهرة الاجتماعيَّة، أهمها:
- فيلم "تزوير في أوراق رسمية" من إنتاج عام 1984، بطولة محمود عبد العزيز وميرفت أمين، تأليف صلاح فؤاد، وإخراج يحي العلمي. وفيه قام الأب بتسجيل طفليه من زوجتين مختلفتين باسم زوجة واحدة فقط، باعتبارها أم الطفلين.
- فيلم "حب لا يرى الشمس" من إنتاج عام 1980، بطولة محمود عبد العزيز ونجلاء فتحي، وتأليف محمود أبوزيد، وإخراج أحمد يحيى. وتدور أحداثه حول زوجة لا تستطيع الإنجاب، فتتفق هي وزوجها على أن يتزوج من أخرى شرط أن يسجل الطفل باسمها، وتصبح والدته الرسمية على الأوراق.
- فيلم "الباطنية" إنتاج عام 1980، بطولة نادية الجندي وفاروق الفيشاوي، وتأليف مصطفى محرم، وإخراج حسام الدين مصطفى. وتدور أحداثه حول علاقة عاطفية بين فتاة فقيرة وابن تاجر مخدرات، وينتج عنها طفل. يقوم جد الطفل لأبيه بخطفه، وإيهام الأم بأنهم قتلوه، ويزوّج ابنه من امرأة أخرى، ويسجل الطفل باسم الزوجة.