ما زالت قضية توقيف شقيق رئيس مجلس النواب الأردني ونقيب المقاولين الأردنيين السابق أحمد الطراونة، تتفاعل على الساحة الأردنية، إذ وقع صدام مساء اليوم بين مؤيدي الطراونة ورجال الدرك أمام ديوان أبناء الكرك في منطقة دابوق، أحد أرقى أحياء العاصمة عمان.
واتهم رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، أمس الأحد، الحكومة بـ"استهداف أسرته والتغول على السلطة القضائية"، عقب قرار المدعي العام للنزاهة ومكافحة الفساد توقيف شقيقه أحمد، بعد إسناد النيابة العامة إليه تهمة "الغش في أعمال المقاولة وهدر المال العام".
وقال عاطف الطراونة، الذي ينتظر حل مجلس النواب الذي يرأسه بعد انتهاء دورته الرابعة، في بيان أمس، إن "ما يجري الآن يعد سابقة خطيرة ويتجاوز شرف الخصومة السياسية، وصولاً لتشويه معيب لأسرة رئيس مجلس النواب"، معتبراً أن الخطوة الأخيرة برهنت على أن ما يجري "تغطية لأخطاء الفساد الإداري بالحكومات المتعاقبة عبر اتهامات منظمة دون مسوغ قانوني".
ومن الواضح أن الطراونة أصبح في صراع مباشر مع الحكومة ورئيسها تحديداً، عمر الرزاز، وقد وجه رسالة قاسية أشار فيها إلى تغوّل الحكومة على السلطات الأخرى، ومنها السلطة التشريعية، ولمّح إلى وضع ضغوط على السلطة القضائية، وهو ما يعني أن أحد أقطاب السلطة يلمّح إلى عدم احترام استقلال السلطات الثلاث، وأن أبعاد الصراع بين الطراونة والسلطة التنفيذية قد تتجاوز الحكومة.
ورفض المدعي العام، اليوم الاثنين، الطلب الذي تقدم به محامي نقيب المقاولين الأسبق، أحمد يوسف الطراونة، لكفالته، وبعد ذلك نُقل إلى أحد المراكز الطبية المتخصصة في العاصمة عمّان، بعد وعكة صحية.
والاحتجاج على توقيف الطراونة، قطب المقاولات المالي، أخذ أبعاداً وأشكالاً عدة، فقد قرر عدد من الشركات المقربة من الطراونة التوقف عن العمل بشكل كامل حتى إشعار آخر، فيما تواجد اليوم العشرات من الأشخاص الداعمين للطراونة، لليوم الثاني على التوالي، أمام مقر ديوان أهل الكرك غربي العاصمة، احتجاجاً على الاعتقال وعدم تكفيل وإطلاق سراح الطراونة.
وجاء توقيف الطراونة في مركز تأهيل وإصلاح الجويدة 15 يوماً، على ذمة التحقيق، على خلفيّة "مخالفات كبرى وصريحة في عطاء الجزء الثاني من مشروع السلط الدائري رقم 47 لعام 2013"، وفق مصدر في هيئة النزاهة ومكافحة الفساد.
وردّ رئيس الوزراء عمر الرزاز، اليوم، على رئيس مجلس النواب من خلال زيارته ديوان المحاسبة، مؤكداً "دعم الحكومة الكامل لتعزيز استقلالية عمل ديوان المحاسبة للقيام بدوره الرقابي في حماية المال العام من أي تجاوزات أو سوء استخدام"، مشدداً على "دور الحكومة في بناء وتعزيز دولة المؤسسات التي تتضمن جانباً تنفيذياً تكون الحكومة مسؤولة عنه، وتتحمل مسؤولية أدائها وجانباً رقابياً مهماً هدفه حماية المال العام من أي تجاوزات مهما كانت".
ومن الواضح أن أبرز الخاسرين اليوم هو رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة، الذي أصابته سهام الاتهامات، خاصة في ظل الحديث عن أفول نجمه السياسي. فقد أعلن قبل عام أنه لن يترشح للانتخابات النيابية القادمة، معللاً ذلك بأنه سيفسح المجال لغيره ممن يرغبون في خوضها.
أبرز الخاسرين اليوم هو رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة، الذي أصابته سهام الاتهامات، خاصة في ظل الحديث عن أفول نجمه السياسي
وتداول نشطاء قبل شهر من الآن، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وثيقة صادرة عن وحدة مكافحة غسل الأموال، وتحتوي على قائمة أسماء لأردنيين، للاستعلام عن أرصدتهم، منهم رئيس مجلس النواب ومقربون منه، كما داهمت سابقاً مكافحة التهرب الضريبي شركات مقاولات لأشقاء الطراونة على خلفية التحقيق الذي طاول وزير الأشغال السابق سامي هلسة، المتعلق بالطريق الصحراوي، وطريق السلط.
وقبل عامين تقريباً، تعرض الطراونة لاتهامات مماثلة تتعلق بالفساد، وصدر بيان منسوب إلى أقارب الطراونة، ومما جاء فيه: "دخول الأفق السياسي الوطني في الأردن المعاصر بات يعني فتح النار في كل اتجاه، إضافة إلى استخدام الأدوات كافة في التشويه والاغتيال إلى حد نسج الخرافات التي لا يقبلها عقل ولا يسوغها منطق في سبيل إيذاء الخصوم، وهو ما يمكن اعتباره حملة ممنهجة تستهدف رموز الدولة جميعاً ودون استثناء، وبات واضحاً أنها تسير وفق خطة تستهدف إفقاد المواطن الأردني الثقة بنفسه ودولته ورجالاته".
ولا يحظى الطراونة بتأيد شعبي كبير، خاصة أن الكثير من المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي اعتبروا رئيس مجلس النواب شريكاً رئيسياً للحكومة، وإحدى الأدوات التي أوصلت البلاد إلى الوضع الصعب الحالي عندما كان يجلس على قمة هرم السلطة التشريعية التي مررت القوانين التي مسّت بالمواطنين في مجالي الحريات والأوضاع الاقتصادية.