في الأعوام الأخيرة، بعدما دخلت التكنولوجيا إلى معدّات التصوير، تحسّنت الدراما في لبنان لناحية الصورة بشكلٍ ملحوظ. فلم يعد الأمر يعتمد كثيراً على موهبة مدير التصوير، وصارت المعدّات تقوم بنصف المهمة وحدها.
هذا لا يعني أنّ اليد البشرية والكفاءة لا لزوم لهما بعد اليوم. فأصحاب الكفاءة عرفوا كيف يستفيدون من التطوّر وينقلون الأعمال التي يشاركون فيها إلى مستوى عالٍ جدّاً، وجديد، من التطوّر المهني في التصوير.
تحسّنت الصورة إذاً، لكن ماذا عن الثغرات الأخرى؟
المشكلة الأساسية في الدراما اللبنانية تتمحور حول نقطة واحدة تتفرّع منها ثلاث مهمات لا يتمّ تنفيذها بشكلٍ صحيح: اختيار الممثّلين، إدارة التمثيل، ثمّ التمثيل.
مصيبة الدراما اللبنانية اليوم، أكثر من أيّ فترة سابقة، تكمن في تحويل النصّ المكتوب إلى مشهدٍ على الشاشة. وفي هذه المصيبة، أو لنقُل "الجريمة"، يشترك المنتج مع المخرج مع الممثّل/الممثّلة، مع سبق الإصرار والترصّد.
أمّا اختيار الممثلين، الذي يقوم به معظم الوقت المنتج، فهو المرحلة الأدقّ حيث يُفترَض أن يتمّ اختيار الشخص المناسب للدور المناسب، لكنّ الواقع مختلف. ففي هذه المرحلة يتمّ اختيار الشخص الأشهر للدور الأكبر. الموهبة التي هي أساس الاختيار، كما هو مفترض، حلّ محلّها جمال الوجه، حجم الصدر، طول الساقين، نحافة الوركَين. وهنا تبدّل المثل القائل: "كوني جميلة واصمتي"، فصار "كوني جميلة والعبي أدوار البطولة".
أمّا إدارة التمثيل، التي هي إحدى أبرز مهمات المخرج، فشبه غائبة في مسلسلاتنا اللبنانية. يُقال: "حين ترى تمثيلاً قويّاً، فاعلم أنّ المخرج قوي"، وذلك للدلالة على أهمية المخرج في توجيه الممثّل. فالممثّل، مهما عظمت خبرته، يحتاج إلى عينٍ خارجية تقوده، خصوصاً على الشاشة، أمام الكاميرا، حيث يجب أن يختلف الأداء بين اللقطات القريبة وبين تلك البعيدة. والمخرجون في لبنان، بشكلٍ عام، يركّزون على حركة الكاميرا و"كادر" الصورة، وينسَون الممثل الذي أمام الكاميرا وداخل الكادر.
أمّا الممثل، الذي نادراً ما بات يأتي من اختصاص التمثيل، أي من دراسة التمثيل في المعاهد والكليات المتخصّصة، بل من "الشهرة"، بين عروض الأزياء والغناء والعلاقات العامة، فغالباً ما يركّز على أمورٍ كثيرة قبل التمثيل.
الممثّلون والممثّلات ينحصر اهتمام كثيرين منهم في الشكل الخارجي: هل أبدو في أبهى صورة؟ هل شعري مصفّف؟ هل ثيابي لافتة؟... ولهذا السبب نرى ممثّلةً في دور مريضة تنازع في المستشفى، لكن تضع ماكياجاً على وجهها "Full Make Up"، وأخرى تصحو من النوم مصفّفة الشعر مع كحل على عينيها!
التمثيل في لبنان غالباً ما يعتمد على المبالغة، فتُخلق هوّة بين المُشاهد وبين المشهد. والمُشاهد ما عاد "قليل المعرفة" حتّى يعامله المخرجون على أنّه "غبي". فيقضي المشاهدون معظم الوقت يسخرون من المسلسل وهم يتابعون "قفشات" يكتشفونها وثغرات في النصّ وفي الكلام وفي التصوير وفي الماكياج.
البعض يتّكل على رأي مشاهدين يفرحون بكلّ ما يُقدَّم لهم، ويعتبر أنّ كلّ الأمور تسير على خير ما يُرام. يتّكل هؤلاء على عدد المشاهدين، وينسون أنّ عدداً كبيراً من الذباب قد يجتمع على جيفة، من دون أن يرفع من قيمة تلك الجيفة.
الدراما اللبنانية لن تنتقل إلى مستوى أعلى إلّا إذا بدأ العمل جديّاً على تفادي هذه المصائب والجرائم.
لكن ماذا عن نصوص المسلسلات ومضمونها؟ فلنترك ذلك إلى يومٍ آخر...
هذا لا يعني أنّ اليد البشرية والكفاءة لا لزوم لهما بعد اليوم. فأصحاب الكفاءة عرفوا كيف يستفيدون من التطوّر وينقلون الأعمال التي يشاركون فيها إلى مستوى عالٍ جدّاً، وجديد، من التطوّر المهني في التصوير.
تحسّنت الصورة إذاً، لكن ماذا عن الثغرات الأخرى؟
المشكلة الأساسية في الدراما اللبنانية تتمحور حول نقطة واحدة تتفرّع منها ثلاث مهمات لا يتمّ تنفيذها بشكلٍ صحيح: اختيار الممثّلين، إدارة التمثيل، ثمّ التمثيل.
مصيبة الدراما اللبنانية اليوم، أكثر من أيّ فترة سابقة، تكمن في تحويل النصّ المكتوب إلى مشهدٍ على الشاشة. وفي هذه المصيبة، أو لنقُل "الجريمة"، يشترك المنتج مع المخرج مع الممثّل/الممثّلة، مع سبق الإصرار والترصّد.
أمّا اختيار الممثلين، الذي يقوم به معظم الوقت المنتج، فهو المرحلة الأدقّ حيث يُفترَض أن يتمّ اختيار الشخص المناسب للدور المناسب، لكنّ الواقع مختلف. ففي هذه المرحلة يتمّ اختيار الشخص الأشهر للدور الأكبر. الموهبة التي هي أساس الاختيار، كما هو مفترض، حلّ محلّها جمال الوجه، حجم الصدر، طول الساقين، نحافة الوركَين. وهنا تبدّل المثل القائل: "كوني جميلة واصمتي"، فصار "كوني جميلة والعبي أدوار البطولة".
أمّا إدارة التمثيل، التي هي إحدى أبرز مهمات المخرج، فشبه غائبة في مسلسلاتنا اللبنانية. يُقال: "حين ترى تمثيلاً قويّاً، فاعلم أنّ المخرج قوي"، وذلك للدلالة على أهمية المخرج في توجيه الممثّل. فالممثّل، مهما عظمت خبرته، يحتاج إلى عينٍ خارجية تقوده، خصوصاً على الشاشة، أمام الكاميرا، حيث يجب أن يختلف الأداء بين اللقطات القريبة وبين تلك البعيدة. والمخرجون في لبنان، بشكلٍ عام، يركّزون على حركة الكاميرا و"كادر" الصورة، وينسَون الممثل الذي أمام الكاميرا وداخل الكادر.
أمّا الممثل، الذي نادراً ما بات يأتي من اختصاص التمثيل، أي من دراسة التمثيل في المعاهد والكليات المتخصّصة، بل من "الشهرة"، بين عروض الأزياء والغناء والعلاقات العامة، فغالباً ما يركّز على أمورٍ كثيرة قبل التمثيل.
الممثّلون والممثّلات ينحصر اهتمام كثيرين منهم في الشكل الخارجي: هل أبدو في أبهى صورة؟ هل شعري مصفّف؟ هل ثيابي لافتة؟... ولهذا السبب نرى ممثّلةً في دور مريضة تنازع في المستشفى، لكن تضع ماكياجاً على وجهها "Full Make Up"، وأخرى تصحو من النوم مصفّفة الشعر مع كحل على عينيها!
التمثيل في لبنان غالباً ما يعتمد على المبالغة، فتُخلق هوّة بين المُشاهد وبين المشهد. والمُشاهد ما عاد "قليل المعرفة" حتّى يعامله المخرجون على أنّه "غبي". فيقضي المشاهدون معظم الوقت يسخرون من المسلسل وهم يتابعون "قفشات" يكتشفونها وثغرات في النصّ وفي الكلام وفي التصوير وفي الماكياج.
البعض يتّكل على رأي مشاهدين يفرحون بكلّ ما يُقدَّم لهم، ويعتبر أنّ كلّ الأمور تسير على خير ما يُرام. يتّكل هؤلاء على عدد المشاهدين، وينسون أنّ عدداً كبيراً من الذباب قد يجتمع على جيفة، من دون أن يرفع من قيمة تلك الجيفة.
الدراما اللبنانية لن تنتقل إلى مستوى أعلى إلّا إذا بدأ العمل جديّاً على تفادي هذه المصائب والجرائم.
لكن ماذا عن نصوص المسلسلات ومضمونها؟ فلنترك ذلك إلى يومٍ آخر...