قدّم رئيس الحكومة الفرنسيّة، مانويل فالس، استقالته للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، اليوم الإثنين، بعد 24 ساعة على انتقادات حادة صدرت عن وزير الاقتصاد، أرنو مونتبورغ، الذي انتقد أداء الحكومة.
وحمل مونتبورغ، أمس، في كلمة خلال احتفال نظّمه في عيد الوردة السنوي، على أداء الحكومة وتوجهاتها اليمينيّة. واتهمها بـ"الخضوع للأوامر والتوجّهات الاقتصادية الألمانية التي تمنع النموّ"، مُطالِباً "بسياسة اقتصادية جديدة".
وعلى الفور، طلب هولاند، الرئيس الأقل شعبيّة في تاريخ الجمهورية الخامسة، والذي تحظى سياسته بتأييد 17 في المائة فقط من الفرنسيين، من فالس، الذي انهارت شعبيته وبات لا يحظى إلا بتأييد 36 في المائة من الفرنسيين، تشكيل حكومة جديدة ستبصر النور الثلاثاء.
ولم تشكّل استقالة فالس، على خلفيّة انتقادات مونتبورغ، مفاجأة للمراقبين. معروف أن الرجلين مختلفان في كل شيء. يُعدّ مونتبورغ من قياديي يسار الحزب الاشتراكي، في حين لا يخفي رئيس الحكومة توجّهاته الليبراليّة واليمينيّة.
ومع وجود الرجلين، ميّز خطان سياسيّان واضحان الحكومة الفرنسية. يمثل فالس الخط الليبرالي اليميني، فيما يمثّل كل من مونتبورغ ووزير التربية الوطنية بُونْوا هامون الخط اليساري. لم تسمح هذه التركيبة بالتجانس بين أفراد الحكومة، وساهمت في وضع العراقيل أمام الأداء الحكومي.
وتُعدّ هذه الاستقالة، من الناحية الشكليّة، انتصاراً لرئيس الحكومة، إذ لم يكن يرتاح لحريّة الكلام التي منحها مونتبورغ لنفسه، وهو ما قد يجعل الحكومة الاشتراكيّة الثالثة تخلو من مونتبورغ، وربما من هامون أيضاً.
ولا يُنتظر أن تكون حرية عمل حكومة فالس الثانية، وتجانسها المفترض في معالجة الأزمة الاقتصادية القاسية، كما يتوقّع الأخير. تجد حركة النواب الاشتراكيين "المتمردين" نفسها معززة بشخصية كاريزمية، مثل مونتبورغ وهامون، إضافة إلى عمدة مدينة ليل مارتين أوبري.
وكان الرئيس هولاند قد صرّح في وقت سابق أنّه "يفضل تحمُّل إزعاج أرنو مونتبورغ داخل الحكومة على أن يكون خارجها"، غير أنّ إصرار فالس على إخراجه كشرط لتشكيله الحكومة الثانية، دفع بهذا "المتمرد" إلى الخارج.
ويرى مراقبون أن حظوظ نجاح حكومة فالس الجديدة ضئيلة، مع استمرار الأزمة الاقتصاديّة ورفض الحكومة الألمانيّة أيّ تغيير في "أرثوذكسيّة" قرارات الاتحاد الأوروبي، وفي ظلّ تزايد عدد الاشتراكيين المتمردين، ونفور مكوّنات اليسار المتعدّد من خضر وشيوعيين وآخرين.
في غضون ذلك، يزداد الرئيس الفرنسي عزلة. لم يَعُد يجد حوله سوى التيار الليبرالي، وهو ما عناه الإليزيه بالحديث عن انسجام موقف رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. وأمام غياب النتائج الإيجابيّة للسياسة الاقتصاديّة الليبراليّة، التي بدأتها حكومة مانويل فالس الأولى، كما تعهّد للفرنسيين، بات نجاحه يحتاج حقاً إلى معجزة.