اقرأ أيضاً: أميركيون في "داعش"..8 عوامل تدفعهم للانضمام إلى تنظيم الدولة
وبحسب ما ذكرته المصادر نفسها، فإن النصائح المشار إليها جاءت بناء على تعليمات حكومية صارمة تلقاها أئمة المساجد والعناصر القيادية في مراكز التجمع الرئيسية للجاليات الإسلامية، من الحكومة الفدرالية والسلطات المحلية في المدن المستهدفة من التظاهرات.
ورأت المسلمة الأميركية أم كريم عواضة، المقيمة مع أسرتها في منطقة ديترويت بولاية ميتشيغن، أن سياسة التجاهل التي قوبلت بها التظاهرات المسلحة أثبتت جدواها لأن المسلحين القادمين من خارج تجمعات الجاليات الإسلامية، كانوا يسعون على ما يبدو إلى استفزاز المسلمين الأميركيين، أو التحرش بالمصلين والبحث عن مبررات لافتعال صدامات.
ولدى مقارنة حجم أعمال العنف المصاحب لتظاهرات مماثلة معادية للمسلمين في أستراليا وغيرها، بالهدوء النسبي الذي ساد تظاهرات أميركا، يتبين أن التجاهل وتفادي الصدام الذي يسعى المتظاهرون إليه هو الأسلوب الأجدى في مواجهة الاستفزاز بالاستفزاز، أو تلبية رغبة المتظاهرين في نشوب الصدام.
وعن هدف المتظاهرين من الصدام المخطط، له قالت عواضة التي تنشط داخل المجتمع المدني الإسلامي في الولايات المتحدة، لـ"العربي الجديد" "أعتقد أنهم كانوا يأملون أن تسفر أي صدامات مفتعلة قرب المساجد الكبرى إلى تأجيج غضب الرأي العام الأميركي ضد الأميركيين المسلمين، خصوصاً في حال سقوط ضحايا وتفاقم الوضع إلى درجة استقطاب التركيز الاعلامي وإنعاش مشاعر الكراهية المكبوتة".
اقرأ أيضاً: القصّة الكاملة لإعلانات الكراهية ضد مسلمي أميركا
وفي الإطار، رأى رجل الأعمال العربي الأميركي ناصر سيلاني، أن مسلمي أميركا ظلّوا قلقين قبل وأثناء التظاهرات، ولم يتنفسوا الصعداء إلا عندما مرت التظاهرات المعادية لهم بسلام. وتابع "لو اندلعت أي صدامات وخرجت المشاعر المدفونة، فإنها لن تنتهي بأي حال من الأحوال لصالح المهاجرين المسالمين الذين لا يحملون معهم في العادة أسلحة مرخصة أو غير مرخصة إلا فيما ندر، وقد ترتكب أعمال إجرامية ضدّ المسلمين الأميركيين في جو عام يميل لصالح حركات التمييز العنصري، ويغيب فيه التعاطف مع المسلمين بسبب حركات التطرف المنتشرة في العالم الإسلامي".
اقرأ أيضاً: ماذا يعني أن تكون مسلماً في أميركا
وعلى النقيض من الاعتقاد السائد بأن الجو العام في المجتمع الأميركي يميل لصالح العداء للمسلمين الأميركيين، فإن المؤشرات الميدانية التي صاحبت التظاهرات دلت على أن العكس هو الصحيح. ومن المؤشرات الدالة على ذلك، عزوف غالبية الأميركيين عن المشاركة في المسيرات العنصرية، إذ كان عدد المشاركين محدوداً جداً، وأقل من كل التوقعات، بما لا يتناسب مع التحضيرات المسبقة والترويج الكبير لها عبر صفحات التواصل الاجتماعي طوال الأسابيع السابقة لخروجها. ولوحظ كذلك أن تغطية القنوات الإعلامية للتظاهرات صاحبها نوع من الازدراء لمضمونها العنصري، ورفض كامل لفكرها المتطرف وتعاطف جليّ مع المسلمين الأميركيين.
كما بينت الاستعدادات الأمنية الكبيرة والوجود المكثف لرجال الشرطة قرب المساجد والساحات التي طلب المتظاهرون الترخيص للتجمع فيها، أن السلطات المحلية والفدرالية على حد سواء حريصة على حماية مواطنيها بعيداً عن أي اعتبارات دينية أو عرقية أو فئوية.
وعلى الرغم من النصائح التي تم تعميمها على مسلمي أميركا بالبقاء في منازلهم أثناء التظاهرات المناوئة لهم، إلا أن الالتزام بذلك لم يتم على نحو شامل، بل خرج البعض لملاقاة المتظاهرين في محاولة لفتح باب التحاور معهم. وكان لافتاً أن عدداً من معتنقي الإسلام حديثاً من الأميركيين نجحوا في الحوار مع المعادين للإسلام، مبينين لهم أن ضحايا الإرهاب والتطرف من المسلمين يزيد عن عدد الضحايا الأميركيين بنسب كبيرة، وأن على الأميركيين بالتالي أن يحصروا عداءهم ضدّ التطرف لا أن يعمموه على الإسلام والمسلمين.
اقرأ أيضاً: المسلمون في أميركا.. 9 حقائق توثّق وجودهم التاريخي