في ملف دسم مليء بالمعطيات المالية الدقيقة، نشر موقع "أفريكا كونفيدانشال" تحقيقاً مفصلاً حول الحسابات السرية في مصر، وكيف تمت سرقة المعونات في عهد عبد الفتاح السيسي، بالاستعانة بخدمات محاسبين فاسدين والحسابات السرية التي لا تخضع لرقابة المؤسسات المختصة في مصر.
التحقيق، الذي يحمل عنوان "فتح العلبة السوداء للأموال المنهوبة في مصر"، تطرق إلى المساعي التي بذلها محققون ماليون لرصد مبلغ تسعة مليارات و400 مليون دولار أميركي تم إخفاؤها في حسابات سرية، علاوة على التهم الموجهة للشرطة بسرقة السجلات التي تثبث وجود حسابات مشبوهة لدى الأمن، واعتماد وزارة المالية على الحيل المحاسبية لإخفاء التجاوزات غير القانونية التي تقترفها المؤسسات والهيئات الرسمية.
وحسب التحقيق الذي دام أشهراً عدة، فإن ما لا يقل عن تسعة مليارات و400 مليون دولار أميركي تم إخفاؤها عبر توزيعها على قرابة 6700 حساب غير خاضعة للرقابة في البنك المركزي لمصر، في عدد من المصارف التجارية المملوكة للدولة، وذلك بشكل غير قانوني. كما أشار إلى أن تلك الأموال تم صرفها في نهاية السنة المالية لـ 2012ـ2013.
التحقيق أوضح كذلك، أن ذلك تم قبل شن المؤسسة العسكرية انقلابها على الرئيس المنتخب بطريقة شرعية، محمد مرسي، مع ما رافق ذلك من تدفق للمساعدات المالية على مصر، والتي اتضح في الأشهر الأخيرة أن بعضها تم وضعه في حسابات يسيرها الجيش المصري داخل البنك المركزي.
وحسب المصادر جيدة الاطلاع التي تواصل معها معدو التحقيق، فإن تلك الحسابات يتم تسخيرها لتكديس أموال الدولة المنهوبة التي لا تمر أبداً عبر الخزينة المصرية أو الميزانية الوطنية، والتي يتم تسخيرها بدلاً من ذلك لإيداع أموال الجنرالات وكبار المسؤولين في مؤسسات الدولة المصرية، وذلك حتى يتمكنوا بكل اطمئنان من تكديس العلاوات بعيداً عن أعين الرقابة.
كما تطرق التحقيق إلى الطلب الذي قدمه السيسي للسلطات المالية للتحقيق في الحسابات السرية بعد وصوله إلى منصب الرئاسة، وفي ظل معاناة مصر من العجز المالي، موضحاً أن طلب السيسي جاء ربما لتقليم أظفار كل من تسول له نفسه التغريد خارج السرب، ولأجل فرض النفوذ عبر الإمساك بالملفات وقضايا الفساد المالي.
ومن أبرز أشكال الفساد التي كشف عنها التحقيق طرق صرف الأموال التي تحصل عليها وزارة الداخلية مقابل تقديم خدماتها، وغرامات مخالفات المرور وبيع اللوائح المعدنية للمركبات وغيرها من أشكال الابتزاز التي يمارسها الأمن على المواطنين. التحقيق ذكر بأنه من الناحية الرسمية يتم تسخير تلك الأموال لتغطية مصاريف الوزارة، بما في ذلك اقتناء الزي الرسمي، والطعام، والتجهيزات. بيد أنه حسب المطلعين على خبايا الأمور فإن جشع سبعة مسؤولين بارزين داخل وزارة الداخلية وصل إلى حد النهب من حسابات الشيخوخة الخاصة بالشرطة، التي يساهم فيها بشكل شخصي ضباط الأمن من خلال الاقتطاعات الشهرية من أجرتهم الهزيلة التي تقارب مئة دولار شهرياً. وحسب موظف في وزارة الداخلية المصرية، اتصل به الصحافيون الذين أعدوا التحقيق، فإن تلك الحسابات يسيرها في الغالب "أشخاص عديمو الخبرة، لكنهم محل ثقة وصلوا إلى مناصبهم تلك من خلال الزبونية والذين يقومون بإخفاء بعض الأرقام".
اقرأ أيضاً:
تسريبات السيسي تحرج موقف النظام خليجياً وتعمّق أزماته
تسريب مكتب السيسي: هكذا يُؤمر إعلاميو النظام المصري
بالفيديو.. التسريبات مستمرة: السيسي يحتقر الخليج!