يركز محللو الطاقة الغربيون في الكثير من التقارير على الفوائد التي تجنيها الاقتصادات الغربية من انهيار أسعار النفط، لكنهم يتجاهلون دائماً التداعيات السالبة التي تتكبدها هذه الاقتصادات على عدة صعد، خاصة في أسواق المال والتمويلات المصرفية والتداعيات السالبة لإفلاس شركات الطاقة السالبة الوظائف والصحة المالية للمصارف.
وقد حدث كل ذلك في دورة انهيار أسعار النفط الأخيرة التي بدأت في نهاية العام 2014، وظهرت آثارها جلية في مراكز أميركية كبرى، تحولت من الانتعاش والازدهار إلى مدن أشباح في أقل من عامين، حيث هجرها السكان بعد انهيار الأسعار وأغلقت المتاجر والمطاعم.
وتشير دراسة أكاديمية أميركية إلى أن الخسائر التي تتكبدها الاقتصادات الغربية من تدهور أسعار النفط تتساوى مع المنافع إن لم تتفوق عليها، ولكن نادراً ما يتم إلقاء الضوء عليها.
في هذا الصدد، تقول شركة "رايستاد" النرويجية لأبحاث الطاقة، في دراسة حديثة عن انهيار أسعار النفط الأخيرة، إن أسهم الطاقة العالمية خسرت حوالى ترليون دولار من قيمتها السوقية، خلال فترة الـ40 يوماً التي هبطت فيها أسعار النفط من 86 دولاراً إلى 60 دولاراً بالنسبة لخام برنت خلال الشهرين الماضيين.
وعلى هذا الصعيد لاحظت صحيفة "هيوستن كرونيكال" الأميركية أن القيمة السوقية لشركات الطاقة الأميركية المتضمنة في مؤشر "أس آند بي ـ 500"، خسرت حوالى 240 مليار دولار خلال هذه الفترة.
وتشير دراسة أكاديمية صادرة عن كل من البروفسور ها نوجين، الاقتصادي بالبنك الدولي، والاقتصادية هونج ناغان، من جامعة تفتس الأميركية، إلى أن أسعار البورصات العالمية ترتفع مع ارتفاع النفط وتنخفض مع انخفاضه. وتدلل على أن انخفاض أسعار النفط له تداعيات سالبة على مجموعة من المركبات الاقتصادية المالية في الدول الغربية.
اقــرأ أيضاً
من بين هذه المضار لتدهور أسعار النفط، ارتفاع سعر صرف الدولار الذي عادة ما تكون له انعكاسات خطرة على النمو الاقتصادي العالمي، وكذا على نمو الصادرات الأميركية.
كما أن التدهور يضر كذلك بقيمة الأصول ذات المخاطر العالية ويرفع من حال عدم اليقين لدى المستثمرين. ويلاحظ أن العديد من شركات الطاقة الأميركية تعرضت للإفلاس خلال دورة الانهيار النفطي بين نهاية 2014 و2016، حيث توقفت المصارف الاستثمارية عن تمويل مشاريع طاقة قدرت قيمتها بحوالى 970 مليار دولار.
وكانت لهذه الإفلاسات آثار سالبة مباشرة على أرقام البطالة والتوظيف وعلى نشاط القطاع المالي والمصرفي.
ولاحظت الدراسة أن انخفاض سعر الخام الأميركي، خام غرب تكساس، بـ10% أدى إلى انخفاض مؤشرات سوق "وول ستريت" بحوالى 1.2%.
وحسب تقديرات حجم السوق المالي الأميركي بحوالى 20 ترليون دولار، فإن ذلك يعني أن سوق المال خسرت حوالى 2.4 ترليون دولار، بسبب انهيار أسعار النفط.
كما يلاحظ أن تدهور أسعار النفط يخفض مداخيل دول الخليج الغنية التي تسهم بشكل مباشر في إثراء النظام المالي العالمي عبر ضخ الفوائض النفطية في مراكز المال العالمية وتجعل من السهولة بمكان تمويل مشاريع حيوية كبرى في العالم.
وتقدر إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن دول "أوبك" خسرت حوالى 126 مليار دولار في العام 2016 بسبب انهيار أسعار النفط، مقارنة بالدخل الذي حصلت عليه في العام 2017 الماضي، الذي شهد تعافي أسعار النفط بعد دورة الانهيار.
وقدرت إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن يرتفع دخل منظمة أوبك في العام الجاري إلى 736 مليار دولار.
اقــرأ أيضاً
لكن هذه التقديرات كانت محسوبة في أغسطس/ آب الماضي، حين كانت الأسعار تتجه بسرعة نحو 80 دولارا، أي قبل أن تحدث انتكاسة أسعار النفط بسبب إغراق الرياض السوقَ النفطية تبعاً لتوجيهات وضغوط الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
لكن هذه التقديرات انخفضت بشكل كبير بعد أن فقدت أسعار النفط حوالى 20 دولاراً في شهرين، وهو ما يعادل خسارة 25% من دخل أوبك.
وينعكس انخفاض المداخيل الصافية للدول النفطية بشكل مباشر على مشتريات البضائع التي تستهلكها من الدول الغربية من جهة، كما ينعكس سلباً كذلك على استثماراتها في الاقتصادات الغربية، التي عادة ما تنعش العقارات وأسواق المال وتمويل عجز الميزانيات الغربية عبر شراء سندات الخزانة المصدرة سواء في أميركا أو الدول الأوروبية واليابان.
على صعيد البنوك الاستثمارية وحجم التمويلات المتاحة عبر صناديق الاستثمار، لاحظ مصرفيون غربيون في لندن أن عمليات سحب الدول الخليجية من حساباتها في المصارف الغربية لوفوراتها السابقة أثرت في تمويلات المصارف لمشاريع حيوية.
لقد أدى انهيار أسعار النفط بين أعوام 2014 و2016 إلى تزايد العجز في الميزانيات الخليجية، واضطرت العديد من دول الخليج إلى تمويل هذا العجز عبر السحب من الصناديق السيادية، وهو ما انعكس سلباً على ربحية المصارف الغربية، كما أن العديد من المصارف الاستثمارية قلصت عملياتها في مراكز مهمة مثل دبي والمنامة بسبب غياب الحوافز الاستثمارية.
اقــرأ أيضاً
ويقدر حجم الاحتياطات الخليجية في المصارف العالمية والموظفة في العديد من قطاعات الاستثمار وأسواق المال بمبالغ تراوح بين 2.3 و3 ترليونات دولار.
وهذه مبالغ ضخمة في دورة رأس المال العالمي، وأن أي انخفاض لها سيترك فجوة ضخمة في حركة الأموال وتوظيفاتها في مراكز المال المهمة مثل نيويورك ولندن وسنغافورة.
أما على صعيد الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل، فإن انهيار أسعار النفط أو حتى اضطراب الأسعار يقود تلقائياً إلى تدهور الاستثمار في الكشوفات النفطية وتطوير مشاريع النفط والغاز الجديدة من قبل الشركات والدول. وهذا الانخفاض يهدد تلبية الطلب العالمي على النفط في المستقبل حينما تنتعش الاقتصادات.
من هذا المنطلق، فإن مطالبات الرئيس دونالد ترامب المستمرة بخفض أسعار النفط، حتى يتمكن من المحافظة على انتعاش أسعار الأسهم وكذلك الانتعاش الاقتصادي، ربما لا تكون في محلها، وخاصة أن أميركا باتت دولة نفطية كبرى.
وتشير دراسة أكاديمية أميركية إلى أن الخسائر التي تتكبدها الاقتصادات الغربية من تدهور أسعار النفط تتساوى مع المنافع إن لم تتفوق عليها، ولكن نادراً ما يتم إلقاء الضوء عليها.
في هذا الصدد، تقول شركة "رايستاد" النرويجية لأبحاث الطاقة، في دراسة حديثة عن انهيار أسعار النفط الأخيرة، إن أسهم الطاقة العالمية خسرت حوالى ترليون دولار من قيمتها السوقية، خلال فترة الـ40 يوماً التي هبطت فيها أسعار النفط من 86 دولاراً إلى 60 دولاراً بالنسبة لخام برنت خلال الشهرين الماضيين.
وعلى هذا الصعيد لاحظت صحيفة "هيوستن كرونيكال" الأميركية أن القيمة السوقية لشركات الطاقة الأميركية المتضمنة في مؤشر "أس آند بي ـ 500"، خسرت حوالى 240 مليار دولار خلال هذه الفترة.
وتشير دراسة أكاديمية صادرة عن كل من البروفسور ها نوجين، الاقتصادي بالبنك الدولي، والاقتصادية هونج ناغان، من جامعة تفتس الأميركية، إلى أن أسعار البورصات العالمية ترتفع مع ارتفاع النفط وتنخفض مع انخفاضه. وتدلل على أن انخفاض أسعار النفط له تداعيات سالبة على مجموعة من المركبات الاقتصادية المالية في الدول الغربية.
من بين هذه المضار لتدهور أسعار النفط، ارتفاع سعر صرف الدولار الذي عادة ما تكون له انعكاسات خطرة على النمو الاقتصادي العالمي، وكذا على نمو الصادرات الأميركية.
وكانت لهذه الإفلاسات آثار سالبة مباشرة على أرقام البطالة والتوظيف وعلى نشاط القطاع المالي والمصرفي.
ولاحظت الدراسة أن انخفاض سعر الخام الأميركي، خام غرب تكساس، بـ10% أدى إلى انخفاض مؤشرات سوق "وول ستريت" بحوالى 1.2%.
وحسب تقديرات حجم السوق المالي الأميركي بحوالى 20 ترليون دولار، فإن ذلك يعني أن سوق المال خسرت حوالى 2.4 ترليون دولار، بسبب انهيار أسعار النفط.
كما يلاحظ أن تدهور أسعار النفط يخفض مداخيل دول الخليج الغنية التي تسهم بشكل مباشر في إثراء النظام المالي العالمي عبر ضخ الفوائض النفطية في مراكز المال العالمية وتجعل من السهولة بمكان تمويل مشاريع حيوية كبرى في العالم.
وتقدر إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن دول "أوبك" خسرت حوالى 126 مليار دولار في العام 2016 بسبب انهيار أسعار النفط، مقارنة بالدخل الذي حصلت عليه في العام 2017 الماضي، الذي شهد تعافي أسعار النفط بعد دورة الانهيار.
وقدرت إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن يرتفع دخل منظمة أوبك في العام الجاري إلى 736 مليار دولار.
لكن هذه التقديرات انخفضت بشكل كبير بعد أن فقدت أسعار النفط حوالى 20 دولاراً في شهرين، وهو ما يعادل خسارة 25% من دخل أوبك.
وينعكس انخفاض المداخيل الصافية للدول النفطية بشكل مباشر على مشتريات البضائع التي تستهلكها من الدول الغربية من جهة، كما ينعكس سلباً كذلك على استثماراتها في الاقتصادات الغربية، التي عادة ما تنعش العقارات وأسواق المال وتمويل عجز الميزانيات الغربية عبر شراء سندات الخزانة المصدرة سواء في أميركا أو الدول الأوروبية واليابان.
على صعيد البنوك الاستثمارية وحجم التمويلات المتاحة عبر صناديق الاستثمار، لاحظ مصرفيون غربيون في لندن أن عمليات سحب الدول الخليجية من حساباتها في المصارف الغربية لوفوراتها السابقة أثرت في تمويلات المصارف لمشاريع حيوية.
لقد أدى انهيار أسعار النفط بين أعوام 2014 و2016 إلى تزايد العجز في الميزانيات الخليجية، واضطرت العديد من دول الخليج إلى تمويل هذا العجز عبر السحب من الصناديق السيادية، وهو ما انعكس سلباً على ربحية المصارف الغربية، كما أن العديد من المصارف الاستثمارية قلصت عملياتها في مراكز مهمة مثل دبي والمنامة بسبب غياب الحوافز الاستثمارية.
وهذه مبالغ ضخمة في دورة رأس المال العالمي، وأن أي انخفاض لها سيترك فجوة ضخمة في حركة الأموال وتوظيفاتها في مراكز المال المهمة مثل نيويورك ولندن وسنغافورة.
أما على صعيد الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل، فإن انهيار أسعار النفط أو حتى اضطراب الأسعار يقود تلقائياً إلى تدهور الاستثمار في الكشوفات النفطية وتطوير مشاريع النفط والغاز الجديدة من قبل الشركات والدول. وهذا الانخفاض يهدد تلبية الطلب العالمي على النفط في المستقبل حينما تنتعش الاقتصادات.
من هذا المنطلق، فإن مطالبات الرئيس دونالد ترامب المستمرة بخفض أسعار النفط، حتى يتمكن من المحافظة على انتعاش أسعار الأسهم وكذلك الانتعاش الاقتصادي، ربما لا تكون في محلها، وخاصة أن أميركا باتت دولة نفطية كبرى.