هل الأكراد مستعدون للاستقلال؟
هل نملك العقلية والإمكانية لإدارة دولتنا المستقلة في جميع المناحي؟ وهل من مصلحتنا الاستقلال؟ ومتى؟ وكيف؟ وبأي أسلوب وطريقة؟
قبل أشهر، وعلى صفحات "فيسبوك"، دارت بيني وبين صديق كردي، مقيم في الولايات المتحدة، دردشة، كتب على صفحته "نعم للاستقلال"، فعلقت على كلامه، هل نحن مستعدون فعلاً لتأسيس دولة مستقلة؟ أو هل عملنا حقيقة من أجلها؟ وهل نملك العقلية والإمكانية لإدارة هذه الدولة في جميع المناحي؟ وهل من مصلحة الأكراد الاستقلال؟ ومتى؟ وكيف؟ وبأي أسلوب وطريقة؟
أردت طرح كل هذه الأسئلة استباقاً لأي خطوة قد تنادي بتفعيل ذلك المطلب التاريخي الملح على وجدان الشعب الكردي، وهو المتعطش لاستقلاليته ورايته ودولته وتحرره. ويجب أن نجد لها إجاباتٍ، قبل أن ندعو إليها، فالعبرة ليست بالعاطفة والتعصب والحماسة. ولا يجب اتهام من يسأل هذه الأسئلة بالخيانة وعدم الوفاء لوطنه أو قوميته. والأسئلة التي تحضر إلى الذهن هي من نوع:
1- هل من مصلحتنا الاستقلال، أو البقاء مع العراق بشكل فيدرالي، أو كونفدرالي، أو بأي صيغة أخرى؟
2- ما هو الوقت المناسب للاستقلال؟
3- هل حكومة إقليم كردستان والشعب الكردي جاهزان للاستقلال من جميع النواحي؟
4- من أهم ركائز تأسيس الدولة، الاقتصاد وميزانية الدولة، فهل نستطيع تحمل أعباء ميزانية مستقلة؟ وإلا ما الحل؟
5- القطاع الخاص ركيزة أساسية لاقتصاد أي بلد، وخصوصاً المشاريع الاستراتيجية الكبيرة في الدولة، فهل من الممكن إدارة هذا القطاع؟ فعلى سبيل المثال، لدينا مصانع إسمنت وحديد وألبان في كردستان، تم إنشاؤها لسد حاجة السوق العراقي كاملة، فهل سنتمكن من تصديرها إلى العراق؟ وكيف في حال الاستقلال؟ وفي حالة عدم ذلك، ما الحل؟
6- الزراعة أمن قومي لأي دولة، ولا يوجد أي تهاون في هذه المسألة. فأميركا أعلى مثال للرأسمالية، ومع ذلك لا تتهاون في أمنها الزراعي، لأنه من أمنها القومي. فزراعة الحنطة والذرة والصويا وغيرها تتم إدارتها من الحكومة الفيدرالية. فهل نحن حقيقةً ندعم الزراعة أم نهدمها؟ وهل لدينا احتياطات وإنتاج من الحنطة تسد حاجة الدولة سنة على الأقل؟
7- المشكلة الأخرى أننا ندير الإقليم بعقلية أمنية، وننظر إلى كل الأمور من هذا المنظور، فكل قرارات الدولة تخرج من وزارة الداخلية ودائرة الأمن "آسايش" ودائرة المخابرات. فهل نتمكن من الخروج من هذا النفق الضيق تجاه إدارة الدولة بشكل صحيح.
8- هل لإقليم كردستان جيش نظامي وقوي، ذو خبرة وقوة للدفاع عن الوطن الجديد؟ فحكومة الإقليم تتعامل عملياً مع البشمركة، كمليشيات أو جيش حزبي، وليس كجيش نظامي يحمي الحدود والوطن.
في الحقيقة والواقع، نحن نغرق في بحر فساد إداري ومالي رهيب، فالمصلحة الحزبية والتكتلية والرشوة والمحسوبية أصبحت أهم من مصلحة الوطن مع الأسف، فهل يتمكن الحكماء من إخراج البلاد من هذا الوضع إلى بر الأمان؟