لا شك في أنّ فيروس كورونا أدى إلى تغيّرات اجتماعيّة واقتصاديّة وفرديّة كبيرة، إذ إن حوالي ربع سكان الكرة الأرضيّة يعيشون في الحجر الصحي الآن. ولأنَّ مدة الحجر الصحي حتّى الآن غير معروفة، يحاول الناس التكيّف مع الظروف الجديدة الناجمة بشكل أساسي عن البقاء في المنزل.
ولكن يبقى السؤال، هل تصبح العادات التي قمنا بالتكيف معها في هذه الظروف، عادات دائمة؟ يشير تقريرٌ نشرته هيئة الإذاعة البريطانيّة "بي بي سي"، إلى أهمّ العادات التي من الممكن أن تبقى بعد زوال الفيروس.
ومن أهمّ التغيُّرات الجذريَّة التي أثبت أهميتها كورونا، العمل من المنزل، فبعد أن اضطرت كلّ الشركات الكبرى إلى إغلاق أبوابها، يعمل الكثير من الموظّفين من المنازل الآن، وذلك منعًا للتجمّعات ولتقليل عدوى الفيروس. ومن الممكن أن يكون فيروس كورونا نقطة تحوّل في تقليد العمل، إذْ من الممكن أن يصبح العمل عن بعد هو القاعدة.
كما أنَّ الحجر المنزلي وإطالة مدّة البقاء في المنزل، سيغيّران من طرق الترفيه التي نعتمدها من أجل الترويح عن أنفسنا.
يقول المحلل المختص بالاتجاهات والتيارات الجديدة، بليك مورغان: "في إيطاليا وإسبانيا، على سبيل المثال، ارتفع عدد مرات تنزيل تطبيق (نيتفليكس) لأول مرة بنسبة 57 في المائة و34 في المائة على التوالي، فالناس، حسب مورغان "يتوقون إلى الترفيه، والهرب من الواقع أكثر من أي وقت مضى"، وذلك في إشارة واضحة إلى ازدياد الطلب على الترفيه الداخلي.
وفي السياق ذاته، لوحِظَ ارتفاع مبيعات ألعاب الفيديو بشكل ملحوظ في الصين، إبان فترة الحظر والعزل الذاتي، وسجل متجر تطبيقات "آبل" في الصين، مثلاً، قفزة كبيرة في الإقبال على تنزيل تطبيقات الألعاب.
ويشير مورغان إلى أنَّ تغيّراً كبيراً سيحصل على تطبيقات المواعدة الإلكترونيَّة، إذْ ستطول مدّة التعارف الافتراضيَّة لتؤجل اللقاء الواقعي، وذلك خوفاً من انتشار الفيروس.
ويظهر الكثير من صور الأقمار الصناعيَّة التي أخذت من الصين انخفاضاً ملحوظاً في نسبة التلوّث في الهواء، وذلك بسبب توقف الشركات والمعامل والمصانع الكبرى عن العمل بشكل تام.
وأشارت تقارير إلى أنّ الصين التي تعتبر من أكبر المساهمين في التلوث الجوي بالعالم، شهدت انخفاضاً بنسبة 25 في المائة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون خلال الفترة من 3 فبراير/شباط إلى 1 مارس/آذار، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019. وتفاعلاً مع هذه الأرقام، كتب مارشال بورك، الباحث في جامعة ستانفورد الأميركية، في مدونة له: "قد يكون فيروس كورونا في حال صمدنا بعده، مساعداً لنا لنقوم بأعمالنا ولكن بتلوث أقل".
وتشهد هذه الفترة إقبالاً هائلاً على التسوق الإلكتروني، وتقول ميديا إقبال، الخبيرة الاقتصادية في شركة "يورومونيتور إنترناشيونال" للأبحاث: "من السلوكيات المتوقع تغييرها التسوق عبر الإنترنت، وسيشمل ذلك الفئات العمرية التي تكون عادة أقل إقبالاً على هذه التجربة".