بعد فشل الجولة الأولى من المفاوضات بين النقابة العامة للإعلام التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، كبرى المنظمات النقابية في تونس، والممثلة للعاملين فى القطاع الإعلامي، وبين الجامعة العامة لأصحاب المؤسسات الصحافية، الممثلة لمالكي الصحف الورقية، يتمّ الآن الإعداد للدخول في إضراب عام في قطاع الصحافة المكتوبة مما يؤشر إلى احتجاب الصحف اليومية والأسبوعية عن الأسواق التونسية.
ويقول عضو النقابة العامة للإعلام، محمد الهادي الطرشوني، إنّ "الهياكل النقابية القاعدية ستجتمع غداً (الجمعة) للبت في مسألة الإضراب العام في قطاع الصحافة المكتوبة خاصةً في ظل عدم استجابة أصحاب المؤسسات الإعلامية للمطالب النقابية والمتمثلة في الزيادة في الأجور بنسبة 6 بالمائة".
يؤكّد الطرشوني، الذي يُمثل الرأي النقابي، في حديث لـ"العربي الجديد" أن "هذه الزيادة تعتبر الحد الأدنى لتحسين أوضاع العاملين فى قطاع الصحافة المكتوبة، الذين يعانون أوضاعاً مزرية نتيجة تدهور القدرة الشرائية للإعلاميين التونسيين رغم عملهم في قطاع نوعي يفترض وضعية مادية أفضل بكثير مما هو متحقق الآن".
ويوضح عضو النقابة العامة، أنهم "متمسكون بمطالبهم المشروعة خاصة في ظل عدم الاستجابة من طرف أصحاب المؤسسات الذين يتحجّجون وفقاً لتعبيره، بالصعوبات المالية التي يعانيها قطاع الصحافة المكتوبة نتيجة الارتفاع الباهظ لتكلفة طبع الصحف (مطابع قديمة وارتفاع ثمن الورق وارتفاع حدّة المنافسة مع ظهور المواقع الالكترونية الإخبارية)".
من جهته، يؤكّد ممثل الجامعة العامة لأصحاب المؤسسات الإعلامية، أنّ "الوضع الذي تعيشه المؤسسات الناشرة للصحف الورقية وضع مالي صعب ودقيق، فالصحف اليومية الكبرى مثل "دار الصباح" (مؤسسة مُصادَرة كان يمتلكها صهر الرئيس المخلوع محمد صخر الماطري)، تُعاني أزمة مالية حادة تجعلها غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها الشهرية تجاه العاملين فيها، وهو ما يجعل من عملية الزيادة فى الأجور المقترحة من قبل النقابة العامة للإعلام، أمراً منهكاً بل يهدد وجود هذه الصحف". ويضيف أنّ "الوضع الذي تعيشه "دار الصباح"، تعاني منها صحف يومية وأسبوعية أخرى، بل إن تونس تشهد باستمرار غلق عديد من المؤسسات الصحافية، خاصة تلك التى تمّ بعثها بعد الثورة التونسية".
لكن في المقابل، يؤكد الطرفان النقابي والممثل لأصحاب المؤسسات، على "ضرورة البحث عن حلول للخروج من هذه الأزمة، وأهمها في اعتقادهما الدعوة إلى تدخل الحكومة التونسية حتى تحمي قطاع الصحافة المكتوبة من الاندثار، من خلال بعث آلية للتوزيع العادل للإشهار العمومي الذى يعاني حالة فوضى عارمة، بعد أن تمّ بعد الثورة التونسية حلّ "الوكالة التونسية للإعلام الخارجي" التي كانت تدير ملف الإشهار العمومي".
ويذهب ممثل الجامعة العامة لأصحاب المؤسسات الصحافية إلى ضرورة تدخل الحكومة التونسية من خلال منح امتيازات جبائية للمؤسسات العاملة في قطاع الصحافة المكتوبة، تساعدها على الخروج من الأزمة العميقة التي تتخبط فيها، والتي قد تدفعها إلى غلق هذه المؤسسات الإعلامية، خاصة الكبرى منها. وبرأيه، تُشكل هذه المؤسسات جزءاً من الذاكرة التونسية، وإن تمّت عملية الغلق، تُعدّ خسارةً فادحة، لا للقطاع الإعلامي التونسي فقط بل للذاكرة الجماعية التونسية، خاصةً وأن مؤسسات مثل "دار الصباح" تبلغ من العمر أكثر من ستين سنة، وقد كانت شاهدة على المراحل التاريخية التي عاشتها تونس منذ الاستقلال.