اهتزت هوليوود بعد فضيحة أحد أبرز المنتجين السينمائيين المستقلين فيها، هارفي وينستين، عام 2017. إذ اتهمته عشرات النساء (ممثلات حاليات وسابقات تحديداً) بالتحرش والاعتداء الجنسي في أنحاء العالم كافة، وعلى مرّ عقود.
ويواجه وينستين قضيتين بالإتجار الجنسي، كما استأنف الحكم عليه في 6 جرائم جنسية جنائية: تهمتين بالاعتداء الجنسي، وتهمتين بالاغتصاب، وجريمة جنسية جنائية من الدرجة الأولى وجريمة جنسية جنائية. ولا يزال حراً، بعد دفعه كفالة مالية قيمتها مليون دولار أميركي.
هذا تقريباً باختصار ما حصل مع "المنتج – الموزّع الذي لا مفرّ منه". إلا أن معركة من نوع آخر تدور بين الصحافي، رونان فارو، وشبكة "إن بي سي نيوز" الأميركية.
إذ أرسل رئيس مجلس إدارة "إن بي سي نيوز"، أندرو لاك، بريداً إلكترونياً إلى الموظفين، مساء أمس الإثنين، يحاجج فيه بأن تقرير فارو، العام الماضي، حول وينستين، كان "غير مناسب للبثّ".
وبعد ساعات، ردّ فارو عبر بيان على موقع "تويتر" عارض فيه بشدة رواية رئيسه السابق عمّا حدث فعلاً.
ومنذ ذلك الوقت، انشغل المراسلون والمؤسسات الإعلامية بالتساؤل عما يمكن أن يدفع شبكة إخبارية إلى التخلي عن قصة صحافية بهذا الحجم.
كيف أُثير الخلاف مجدداً؟
في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز"، الأسبوع الماضي، اتهم ريتش ماكهوغ، وهو منتج سابق في "إن بي سي نيوز" عمل عن كثب مع فارو، قسم الأخبار في الشبكة بإعاقة العمل على تقرير وينستين.
ووصف تعاطي "إن بي سي" مع الحدث بـ "الخرق الهائل للأخلاق الصحافية". وأكد أن مسؤولين كبارا، لم يكشف عن أسمائهم، أمروا بإلغاء مقابلة مع إحدى متهمات وينستين، في أغسطس/آب عام 2017، ما أدّى إلى "قتل" التحقيق.
Twitter Post
|
رسالة أندرو لاك إلى الموظفين
كانت رسالة لاك الإلكترونية بمثابة محاولة للدفاع عن الشبكة ضد ماكهوغ، من دون تسميته. في رسالته إلى موظفي "إن بي سي نيوز"، قال لاك إن تقرير فارو لم يكن جاهزاً في أغسطس/آب عام 2017، لافتاً إلى أن المشكلة الرئيسية كانت في عدم وجود شهادات علنية في التحقيق.
وكتب: "أمضينا 8 شهور في متابعة القصة، لكننا في النهاية لم نملك أي ضحية أو شاهدة واحدة ترغب في الإعلان عن هويتها". وحين لم يوافق فارو على هذا الشرط للنشر، افترق الاثنان، بعدما وافقت "إن بي سي" على طلبه التوجه إلى إحدى المطبوعات الأميركية، وفقاً للاك.
وأرفق لاك بريده الإلكتروني بتقرير داخلي، من 4488 كلمة تضم ملخصاً مفصلاً عن عملية العمل على التحقيق.
ووصف لاك الادعاء بأن وينستين كان له تأثير في قرارات الشبكة بـ "تكهنات لا أساس لها".
وأشارت الوثيقة أيضاً إلى أن فارو طلب نقل تقريره إلى مجلة، ومنحه رئيس القسم الإخباري في الشبكة، نواه أوبنهايم، الإذن للقيام بذلك. و"بعدها مباشرة، طلب فارو استخدام طاقم التصوير في (إن بي سي) لإجراء مقابلة مع مصدر محتمل، فرفضت الشبكة".
في اليوم التالي، أي 18 أغسطس/آب عام 2017، قال فارو لرئيس وحدة التحقيقات في "إن بي سي" إنه "سعيد بالنتيجة ويعتبر أن الترتيب مع الشبكة ودي"، وفق ما جاء في الوثيقة الداخلية.
Twitter Post
|
كيف ردّ فارو؟
اعترض فارو على وثيقة "إن بي سي"، قائلاً إنها تتضمن "العديد من التصريحات الزائفة أو المضللة"، موضحاً أن عرض نشر التحقيق على مؤسسة أخرى لم يكن فكرته أصلاً، بل باقتراح من "إن بي سي" نفسها. وأكد أنه لم يتوجه إلى مجلة "ذا نيو يوركر" إلا بعدما تأكد أنه محظور من العمل أكثر على تحقيقه.
كما دحض ادعاء أندرو لاك بأنه لم يتوصل إلى أي امرأة تنوي الإعلان عن هويتها. ودعمته في هذا الأمر إحدى النساء اللواتي وجهن اتهامات لوينستين، إميلي نيستور، صباح اليوم الثلاثاء.
Twitter Post
|
وقالت نيستور إنها كانت على استعداد للتسجيل مع فارو عندما كان يكتب قصة وينستين لشبكة "إن بي سي"، لكن الشبكة كانت "غير مهتمة"، في بيان وجهته إلى موقع "ذا هوليوود ريبورتر".
Twitter Post
|
وكان الصحافي رونان فارو نشر تحقيقاً من 8 آلاف كلمة، في مجلة "ذا نيو يوركر" الأميركية، في أكتوبر/تشرين الأول عام 2017، وعرض فيه شهادات 13 امرأة وتجربتهن مع سلوك وينستين الجنسي. وفازت المجلة بجائزة "بوليتزر" عن هذا التحقيق، مناصفة مع "نيويورك تايمز".
وواجهت "إن بي سي نيوز" منذ العام الماضي انتقادات واسعة، لرفضها نشر القصة أولاً. ودافع أوبينهايم حينها عن القرار، مشيراً إلى أن القصة "افتقدت عناصر ضرورية جعلتها غير صالحة للنشر".
لكن "هاف بوست" نشرت قصة مختلفة حينها، وأشارت إلى أن فارو امتلك مصادر ومعلومات مهمة تستحق البث، إلا أنه توجب إرسال القصة إلى رئيس مجلس الإدارة في "إن بي سي نيوز"، أندرو لاك، للحصول على الموافقة، ثم عرضها على نائب الرئيس التنفيذي لشركة "كومكاست" والرئيس التنفيذي لـ "إن بي سي يونيفرسال"، ستيف بورك، ما يعد مستوى عالياً جداً من التدقيق، وفقاً لثلاثة من العاملين في الشبكة الذين لم يشهدوا سابقاً على الحاجة إلى مراجعة بورك في أي قصة قبل النشر.