02 نوفمبر 2024
هل تسعى واشنطن إلى النزول عن أعلى الشجرة؟
دأب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، منذ العام 2012 على الأقل، على دعوة موسكو إلى رعاية مؤتمر دولي حول التسوية الفلسطينية الإسرائيلية. وجدد دعوته هذه إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم 20 مايو/ أيار الجاري. لكن شيئا لم يصدر عن الكرملين ردا على هذه الدعوة. والواضح أن موسكو غير عازمة من جهةٍ على توسيع شقة خلافاتها مع واشنطن، وهي لا ترى، من جهة ثانيةٍ، أن المسار المتعطّل للتسوية الشرق أوسطية يعيق جهودها لبسط نفوذها وملء "الفراغ الأميركي" في المنطقة. كما لا ترغب موسكو، من جهة ثالثة، في توتير علاقتها النشطة بتل أبيب وبحكومة بنيامين نتنياهو. وقد لوحظ أن موسكو أبدت موقفا هادئا بشأن توجهات حكومة الطوارئ في تل أبيب لضم مستوطنات وأراض فلسطينية أخرى في يوليو/ تموز المقبل، بينما كان الموقف الأوروبي أعلى وتيرة، إذ تحدث الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن أن أي إجراءات للضم لن تبقى بدون رد. فيما قال قال وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، إنّ بلاده تعمل، مع دول أوروبية أخرى، على خطة تهدف إلى منع خطوات الضم من جانب واحد. والدول الأخرى هي بريطانيا وأسبانيا وإيطاليا، التي وجه مسؤولون فيها رسائل إلى نتنياهو تحذّر من قرار الضم.
وعلى الرغم من التريث الذي تبديه موسكو، وسط انشغالاتها المحتدمة بالوضع في ليبيا وسورية، إلا أن أنباء تواترت، في الأسبوع الماضي، عن اتصالات أميركية روسية، على مستوى نائب
وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، والمبعوث الأميركي آفي بيركوفيتش، تم فيها تداول فكرة إجراء اتصالات أميركية فلسطينية، لكسر الجمود المخيم بين الجانبين. وكذلك إحياء اللجنة الرباعية الدولية التي تضم روسيا وأميركا والاتحاد الأوروبي والصين، إضافة إلى الأمم المتحدة، لتدارس الملف الشرق الأوسطي. وهو ما أوردته القناة الإسرائيلية 13 يوم 21 مايو/ أيار الحالي. وبملاحظة أن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، قد أبلغ خلال زيارته الخاطفة لتل أبيب، في اليوم نفسه، بأن إجراءات الضم يجب بحثها بين الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، إلا أن حديث بومبيو، وبصرف النظر عن مضمونه الرامي إلى تمرير صفقة ترامب، إلا أنه يشتمل على ثغرة كبيرة ظاهرة، فالمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية متوقفة، وقد أضيف إلى توقفها وقف التنسيق الأمني وأشكال التواصل مع الاحتلال الإسرائيلي، فيما الاتصالات الأميركية الفلسطينية متوقفة، منذ التسليم الأميركي بتسمية الاحتلال للقدس عاصمة له، فكيف لفكرة المفاوضات في المنظور الأميركي أن ترى النور في هذه الظروف؟
بالنظر إلى رفض واشنطن فكرة أي مؤتمر دولي (تحمس ماكرون للفكرة في مستهل ولايته ثم صرف النظر عنها، وأساسا لرفض واشنطن لها)، ورفض أي رعاية دولية للملف الشرق الأوسطي يضع حدا لانفرادها بالتعامل مع هذه المسألة، وهي تتساوق في ذلك، وتتطابق مع الرؤية الإسرائيلية، فإن أفكارا أخرى قد تتشجع واشنطن للنظر بها، ومنها ما تردد خلال الأسبوع الماضي عن "وساطة روسية"، وهي لا تعدو أن تكون حتى الآن مقترحا لإجراء مباحثات أميركية فلسطينية على مستوى غير عال في عاصمة غربية (أو جنيف). وموضوع المباحثات المقترحة تداول الاعتراضات الفلسطينية على صفقة ترامب. وبحسب موسكو، فإن اجتماعا كهذا إذا قُيّض له الانعقاد سوف يغيّر الأجواء، فواشنطن لا تريد التراجع عن الصفقة، والسلطة الفلسطينية تتمسّك بمعارضتها لها، غير أن كسر الجمود ووقف القطيعة قد يخلق دينامية جديدة. ومن شأنه في التقديرات الأميركية أن يقصي تأثير الجهات الأخرى، وبالذات الاتحاد الأوروبي (المنحاز للفلسطينيين، حسب هذيان نتنياهو ومشايعيه من الليكود الأميركي المقرب من ترامب)، علاوة على الصين، مع إبقاء دور تسهيلي ومن وراء ستار لروسيا، وبحيث تتجمّد مرة أخرى صيغة الرباعية الدولية، ومعها أي تحرّك للأمم المتحدة التي لا يرغب الطرفان، الأميركي والإسرائيلي، بأي دور لها في هذه المسألة. ويمكن خلال ذلك التعويل على دور عربي للدفع باتجاه مباحثات فلسطينية أميركية، وحيث تبدو مواقف الإدارة الحالية أقرب إلى موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي البديل (هكذا تمت تسميته في الاتفاق على حكومة ائتلافية بين الليكود وتكتل أزرق أبيض، والمقصود رئيس الوزراء اللاحق في اتفاق التناوب) بيني غانتس، الذي عهد إليه بوزارة الأمن، ويرغب أن يتم قرار الضم ضمن قبول إسرائيلي بكامل الصفقة، وبتفاهم مع أطراف إقليمية ودولية، وليس بالاندفاع بصورة منفردة في تنفيذه، كما يعزم نتنياهو على ذلك. وقد لوحظ، في هذه الآونة، أن الجانب الأميركي يحاول إبداء ليونة زائفة تجاه الطرف الفلسطيني، وذلك حين أعلن السفير ديفيد فريدمان أن واشنطن قدّمت مساعدات للسلطة بقيمة خمسة ملايين دولار لمواجهة جائحة كورونا، وهو ما نفته السلطة على لسان الناطق باسم الحكومة، إبراهيم ملحم.
وكان لقرار السلطة الفلسطينية وقف سائر الاتفاقيات بينها وبين الجانبين، الأميركي والإسرائيلي،
مفعول جيد في التأشير على التأزم الخطير، الناجم عن مفاعيل صفقة ترامب وما سبقها وما تلاها من تطورات تهدد بشرعنة الاحتلال بتواطؤ مكشوف مع إدارة ترمب. وعلى الرغم من أجواء الانتخابات الرئاسية في أميركا، فقد باتت واشنطن تدرك أن الرفض الدولي للصفقة قد تجدّد، وبصورة أقوى، حيال قرار ضم أجزاء واسعة من أراضي الضفة الغربية المحتلة، حتى ان العاهل الأردني، عبد الله الثاني، وصف القرار بأنه يهدد بـالتسبب بـ"صدام كبير" مع الحكومة الإسرائيلية، وهو التصريح الذي لقي أصداء واسعة، وقد صدر على صفحات مجلة دير شبيغل الألمانية، بعد يومين من زيارة بومبيو لتل أبيب التي أعطى فيها "ضوءا أصفر" لإجراءات الاستيلاء على أراضٍ واسعة، وضمّها الى دولة الاحتلال .. ويسترعي الانتباه أن الاتصالات الأردنية الأميركية تشهد، منذ بضعة أشهر، جموداً ملحوظاً وغير معهود في علاقات البلدين، وهو ما يمنح بعضاً من الموثوقية والجدّية للتقارير عن سعي أميركي، في هذه الآونة، لتفادي المأزق الذي وضعت "نفسها" فيه، وللنزول عن أعلى الشجرة.
بالنظر إلى رفض واشنطن فكرة أي مؤتمر دولي (تحمس ماكرون للفكرة في مستهل ولايته ثم صرف النظر عنها، وأساسا لرفض واشنطن لها)، ورفض أي رعاية دولية للملف الشرق الأوسطي يضع حدا لانفرادها بالتعامل مع هذه المسألة، وهي تتساوق في ذلك، وتتطابق مع الرؤية الإسرائيلية، فإن أفكارا أخرى قد تتشجع واشنطن للنظر بها، ومنها ما تردد خلال الأسبوع الماضي عن "وساطة روسية"، وهي لا تعدو أن تكون حتى الآن مقترحا لإجراء مباحثات أميركية فلسطينية على مستوى غير عال في عاصمة غربية (أو جنيف). وموضوع المباحثات المقترحة تداول الاعتراضات الفلسطينية على صفقة ترامب. وبحسب موسكو، فإن اجتماعا كهذا إذا قُيّض له الانعقاد سوف يغيّر الأجواء، فواشنطن لا تريد التراجع عن الصفقة، والسلطة الفلسطينية تتمسّك بمعارضتها لها، غير أن كسر الجمود ووقف القطيعة قد يخلق دينامية جديدة. ومن شأنه في التقديرات الأميركية أن يقصي تأثير الجهات الأخرى، وبالذات الاتحاد الأوروبي (المنحاز للفلسطينيين، حسب هذيان نتنياهو ومشايعيه من الليكود الأميركي المقرب من ترامب)، علاوة على الصين، مع إبقاء دور تسهيلي ومن وراء ستار لروسيا، وبحيث تتجمّد مرة أخرى صيغة الرباعية الدولية، ومعها أي تحرّك للأمم المتحدة التي لا يرغب الطرفان، الأميركي والإسرائيلي، بأي دور لها في هذه المسألة. ويمكن خلال ذلك التعويل على دور عربي للدفع باتجاه مباحثات فلسطينية أميركية، وحيث تبدو مواقف الإدارة الحالية أقرب إلى موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي البديل (هكذا تمت تسميته في الاتفاق على حكومة ائتلافية بين الليكود وتكتل أزرق أبيض، والمقصود رئيس الوزراء اللاحق في اتفاق التناوب) بيني غانتس، الذي عهد إليه بوزارة الأمن، ويرغب أن يتم قرار الضم ضمن قبول إسرائيلي بكامل الصفقة، وبتفاهم مع أطراف إقليمية ودولية، وليس بالاندفاع بصورة منفردة في تنفيذه، كما يعزم نتنياهو على ذلك. وقد لوحظ، في هذه الآونة، أن الجانب الأميركي يحاول إبداء ليونة زائفة تجاه الطرف الفلسطيني، وذلك حين أعلن السفير ديفيد فريدمان أن واشنطن قدّمت مساعدات للسلطة بقيمة خمسة ملايين دولار لمواجهة جائحة كورونا، وهو ما نفته السلطة على لسان الناطق باسم الحكومة، إبراهيم ملحم.
وكان لقرار السلطة الفلسطينية وقف سائر الاتفاقيات بينها وبين الجانبين، الأميركي والإسرائيلي،