هل سينجح لقاء الرباط في حل الأزمات الليبية؟

25 ابريل 2018
الكرة بملعب عقيلة صالح (محمد الشاهد/ فرانس برس)
+ الخط -
انتهى لقاء الرباط بين رئيسي مجلس النواب والدولة الليبيين، عقيلة صالح وخالد المشري، بمغادرة صالح متوجها للأراضي الليبية، مساء أمس الثلاثاء، دون أن يعلن رسميا عن نتائج الزيارة، التي استمرت ثلاثة أيام.


صالح الذي كان طيلة الزيارة يشدد على أن ذهابه للرباط كان للقاء مسؤولين مغاربة، رجح خلال مؤتمر صحافي قبيل مغادرته أن يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية واحدة في ليبيا قبل نهاية العام الجاري، داعيا رئيس البعثة الأممية لدى ليبيا، غسان سلامة، للتسريع بتعديل اتفاق الصخيرات لتمر ليبيا من أزمتها الراهنة.

عدم حديث صالح في مؤتمراته الصحافية في الرباط عن لقائه بالمشري، الذي سبق وأن أعلن عبر مكتبه الإعلامي الاثنين الماضي أنه سيلتقي به في الرباط، قد تكون إشارة لاستمرار طرف مجلس النواب في عدم اعترافه العلني بشرعية مجلس الدولة، وكونه طرفا في الأزمة.

وبالرغم من ذلك، يرى الكثير من المراقبين أن لقاءات الرباط خطوة في مسار جديد قد يتشكل قريبا سمح به اختفاء اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، الذي تسببت رؤيته للحل العسكري أساسا لعرقلة كل جهود السلام والتسويات السياسية.

وبحسب مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" فإن لقاءات الرباط شهدت تقدما ملموسا، إذ التقى صالح ممثلي مدينة مصراتة، واتفقوا على تنظيم أول لقاء للمصالحة بين المدينة وقيادات الشرق الليبي، كما قبل صالح مناقشة قضايا مفصلية على رأسها تحديد صلاحيات مجلس الدولة ومجلس النواب، وتوضيح حدود كل منهما للتمهيد لوضع حلول للملفات العالقة.

المصادر نقلت أن كواليس اللقاءات شهدت اعترافا من الطرفين بأن إعادة تشكيل مجلس رئاسي وحكومة منفصلة لا اختلاف في آلياته وكيفيته، لكن الأرضية المتمثلة في تداخل اختصاصات المجلسين كانت السبب المباشر في الحد من الوصول إلى تفاهمات.

وأكدت المصادر أن أطرافا دولية فاعلة على رأسها واشنطن مارست ضغوطا كبيرة على الأطراف المحلية والإقليمية من أجل إنهاء الخلاف السياسي، والبدء في خلق أجسام موحدة في إطار الاتفاق السياسي وتأجيل البت في الجانب العسكري الممثل في مؤسس الجيش إلى حين، معتبرة أن مؤسسة الجيش أمر متعلق باختيار حفتر المختفي عن الأنظار.

محللون للشأن الليبي يرون أن غياب حفتر عن المشهد أتاح لصالح مساحة من الحرية وهامشا لتقديم تنازلات حقيقية، كما أن تغير رئاسة مجلس الدولة في طرابلس مكن عددا من سياسيي وأعضاء المجلس من تقديم تنازلات كان الرئيس السابق، عبد الرحمن السويحلي، يرفضها في ظل وجود حفتر المصر على الحل العسكري.

وعن ذلك قال المحلل السياسي الليبي، جمعة بوسعدة، لـ"العربي الجديد"، إن "عودة الرباط للمشهد بعد غياب منذ توقيع الاتفاق السياسي نهاية 2015 يعني العودة للحلول السياسية، وظهور مرونة من قبل طرفي النزاع"، مؤكدا أن "غياب حفتر أفقد كثيرا من المتشددين في كتلة مجلس النواب أسباب المناورة والمماطلة".

وتابع "حقيقة وضع حفتر غائبة بكل تأكيد حتى عن مؤيديه في شرق البلاد، وهي حكر على المخابرات الغربية والدول الإقليمية التي كانت تدعمه، وبالتالي فإن داعميه في مجلس النواب بدوا أكثر ضعفا من السابق"، مدللا على المعارضة الكبيرة التي لقيها صالح أثناء قبوله بلقاء السويحلي في روما في أبريل/ نيسان من العام الماضي، وقبله نوري بوسمهين في ديسمبر/ كانون الأول 2015.

وقال "لم نسمع أي معارضة من أولئك النواب، بل سمعنا ترحيبا من بعضهم بلقاء الرباط"، لافتا إلى أنه من المؤكد أن صالح حمل الكثير في حقيبته السياسية، ليطير بها إلى طبرق عاجلا.



وعن مجلس الدولة يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة طرابلس، علي جهيمة، أن مجلس الدولة بتخلصه من رئيسه السابق الذي يمثل كتلة عملت على عرقلة أي تقارب سابق مع مجلس النواب بدا أكثر مرونة في ظل شخصية خالد المشري.

وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "المشري ينتمي لتيار سياسي فاعل في البلاد، وشارك في كل جولات الاتفاق السياسي، وكان للمشري دور رئيسي في إخراج الاتفاق السياسي، وبالتالي فإن مجلس الدولة بشكله الجديد شكل هو الآخر بادرة أمل في تقارب حقيقي"، لافتا إلى أن تسريبات تفيد بقبول مجلس الدولة بمحافظ جديد للبنك المركزي عينه مجلس النواب مؤخرا خطوة صحيحة ومؤشر على مرونة المجلس.

وأضاف "لا أوافق أن صالح كان يتحرك وفقا لتعليمات من حفتر أو كان يمارس عليه ضغوطا، ويبدو أن قدومه للرباط جاء نتيجة ضغوط مورست عليه من أطراف دولية"، مشيرا إلى أن عدم حديث صالح عن لقائه بالمشري دليل على عدم مرونته السابقة.

وأكد جهيمة أن إعلان صالح عن إمكانية تشكيل حكومة موحدة قبل انتهاء العام تتقاطع كليا مع المساعي الجارية لإطلاق انتخابات خلال هذا العام لإنهاء الفترة الانتقالية.

وتساءل "ماذا يعني بقوله إن حكومة موحدة ستتشكل قبل نهاية هذا العام، أعتقد أنه يشير إلى إمكانية تمديد فترة الانتقال، وأنه وجه رسالة ضمنية بعدم قبوله بالانتخابات المقبلة على أساس الدستور".

ورجح جهيمة "استمرار مجلس النواب في المناورة إلى حين الحصول على حصص كبيرة في أي مشهد حكومي مقبل ضمن فترة الانتقالية أو دائمة"، مشيرا إلى أن "مناورة صالح قد تهدف إلى كسب الوقت لحشد أكبر قدر من المؤيدين في شرق البلاد، لتكوين جبهة سياسية جديدة بعد غياب حفتر بدعم من قوى إقليمية كالقاهرة مثلا أو أبوظبي".



ولفت إلى أن التفاؤل الكبير في الأوساط الليبية بلقاء الرباط، حصر الحل بين صالح والمشري، ولم يحسب حساب وآراء أطراف أخرى كرئيس المجلس الرئاسي، فايز السراج وزملائه، وإيطاليا داعمهم الأول التي أصبحت الكثير من الملفات كملف الهجرة غير الشرعية مرتبط حله بها، كما أن لديها حلفاء من المجموعات المسلحة المسيطرة على طرابلس، مرجحا أن اللقاء لا يعدو كونه فقاعة في سطح المشهد السياسي الليبي المستمر في التأزيم.