عندما دشن التحالف العربي بقيادة السعودية عملياته العسكرية في اليمن، كانت التوقعات بأنها قد تستمر أسابيع إلى أشهر معدودة في أقصى تقدير، وكان الهدف الرئيسي المعلن، هو إعادة الشرعية والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، الذي انقلبت عليه جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) والموالون للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. وبعد ما يقرب من عامين ونصف، لا يزال هادي في الرياض وكذلك أغلب المسؤولين، وإن عادوا بفترات متقطعة إلى عدن.
وأياً تكن صحة المعلومات الأخيرة، فإن العديد من المؤشرات في الوضع اليمني، تعزز المعلومات بأن الرئيس اليمني الذي حارب التحالف تحت مسمى شرعيته، لا يقيم بالضرورة بإرادته خارج البلاد، بعد ما يزيد عن عامين من الإعلان عن تحرير عدن، التي تصفها الشرعية بـ"العاصمة المؤقتة"، وكان الحديث في الأسابيع الأولى للحرب عن أن التحالف يسعى للوصول إليها لإعادة الشرعية.
وفي السياق، حرص التحالف في الأشهر الأخيرة، على وجود رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر، في عدن، لكن هذا التواجد لا يُعبّر في الحقيقة عن وجود فعلي للحكومة الشرعية داخل البلاد، بقدر ما يبدو أقرب إلى "إسقاط واجب"، وفي الوقت نفسه، المساهمة في إدارة شؤون المحافظات الجنوبية والشرقية وتسيير أبرز القضايا الإدارية الروتينية. في حين يصف البعض هذه المحافظات بأنها واقعة تحت "احتلال" الإمارات، إذ تتولى الأخيرة واجهة عمل وحضور التحالف في جنوبي اليمن، وتبدو صاحب القرار الأول في العديد من المواضيع.
ومنذ إعلان الحكومة الشرعية والتحالف عن تحرير عدن من الانقلابيين، في يوليو/تموز 2015، فشل التحالف في تحويلها إلى عاصمة مؤقتة فعلاً لليمن، وعلى العكس من ذلك، ساهم في ترسيخ واقع منفصل عن الشمال، يهيئ للانفصال أو الاستقلال الذاتي، بناءً على الحدود الشطرية للفترة التي سبقت توحيد اليمن عام 1990. فيما عاد هادي في فترات متقطعة إلى عدن، أقام فيها لأشهر، ثم غادرها مجدداً إلى الرياض. ولم تخلُ تلك الفترة من أخبار عن خلافات معروفة بينه وبين الإماراتيين المسيطرين على الوضع العسكري، على الأقل في المدينة.
ومنذ أشهر، وتحديداً بعد قرارات هادي التي أطاح فيها بمسؤولين محسوبين على أبوظبي في عدن، أواخر إبريل/نيسان الماضي، تحدثت أنباء عن قيود وضعتها الرياض على قرارات هادي، لصالح لجنة يمنية سعودية إماراتية مشتركة. وهو الأمر الذي خفَتَ الحديث عنه في وقت لاحق، مع صدور قرارات جديدة، في وقت يواصل فيه هادي اللقاءات الدبلوماسية مع سفراء الدول الكبرى على نحو خاص، بمن فيهم سفير الولايات المتحدة ماثيو تولر، بين حين وآخر.
وفي المحصلة، تشير مختلف المعطيات إلى أن الرئيس اليمني يواجه بالفعل قيوداً تعيق عودته إلى عدن، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، كنتيجة للوضع الذي لا تُغيّر فيه عودة الرئيس إلى عدن من عدمها شيئاً محورياً، الأمر الذي يُعد أحد أوجه إخفاق التحالف بإعادة الشرعية. على أن عودة هادي أو فريقه إلى عدن، متى حدثت، لا تغير في هذا الإخفاق، ما لم تكن عدن عاصمة مؤقتة فعلياً لليمن الكبير، وليس كما يبدو حالياً من أنها محصورة كمركز للجنوب ولنفوذ التحالف، في حين لا يجد المسؤولون المتحدرون من الشمال، والعسكريون على نحو خاص، موطئ قدم آمنا في عدن.