22 نوفمبر 2024
هل يتلمس بوتين سيف قانون قيصر؟
تسع سنوات هي عمر المأساة السورية؛ تكفلت روسيا فيها بحماية النظام، وحوّلت حياة السوريين إلى تراجيديا سوداء؛ الموت ثم الموت. لم يستطع الرئيس بوتين إيقاف الحرب ودحر الإرهاب، بل أصبحت سورية دولة فاشلة بامتياز. للدقة، الإدارة الروسية لم تحارب الإرهاب، وهي من شن الحرب على المدن السورية، وبإشرافها دمرت بلادنا أكثر فأكثر. بوتين هذا، ورجاله الفاعلون في سلطته، لم يقاتلهم أحد على سورية. لا الأميركان ولا الأتراك ولا الإيرانيون ولا الإسرائيليون، ولا سواهم. الجميع أعطوها الحق باحتلال سورية، ولكنها رفضت ذلك كله، وأرادت احتلالها بطريقتها: حروباً واتفاقيات. وفي النهاية، عادت الدول المتدخلة، وأصبحت لها مصالح وجيوش في سورية؛ وها هي أميركا وتركيا وإيران تفرض سيطرة على مناطق واسعة من سورية.
حاولت أميركا، بكل السبل، مساعدة الروس في إخضاع سورية لها، وهذا هو المعنى المطابق لترك روسيا تختط طرقاً أخرى غير اتفاق جنيف 2012، أي وبدءاً من قرار مجلس الأمن 2254، واتفاقيات خفض التصعيد وأستانة وسوتشي واللجنة الدستورية وسواها. أميركا هذه، اكتفت بمنطقة محدّدة في سورية، ولم تمدّ نفوذها إلى سواها، وتخلّت عن درعا مثلاً، ولكن روسيا لم تفهم أنَّ عليها ملاقاتها وعقد تسوية، تخص سورية. يحق لروسيا أن تطمح إلى تقاسم العالم، فهي ترى نفسها دولة عظمى، ولكن ذلك يتطلب أن تكون كالاتحاد السوفييتي أو أميركا أو الصين، ولكنها ليست كذلك؛ فهي دولة أكبر من إقليميةٍ وأقلّ من عظمى وتقودها مافيا
تسلطية. روسيا لا تعي ذاتها العميقة هذه، وهذا ما ورّطها في مشكلات في محيطها الأوراسي وفي سورية، وبالتالي تجاهلت كل المحاولات الدولية للخلاص من الموضوع السوري، والآن تتورّط في ليبيا.
تم إقرار قانون روسيا في 2019، ولم تعط روسيا أهمية تذكر، لم تول أهمية حقيقية لتدهور الوضع السوري برمته، فليس فقط تركيا وإيران وأميركا في سورية وتعمل من أجل مصالحها، بل وهناك تفكك عائلات السلطة الحاكمة وفسادها ونهبها. ذلك كله، ومع التحذيرات الأميركية المستمرّة بضرورة إخراج إيران من سورية، بل وموافقتها على إخراج قواتها إن خرجت إيران. على الرغم من ذلك، تابعت روسيا تجاهلها، وكأن بوتين مجرّد دكتاتور غبي، ولا يعرف مصلحته، ويقود نفسه إلى التهلكة. نهاية استخفاف الروس كانت مع اقتراب موعد تطبيق قانون قيصر غدا (17/6/2020) والذي يضع معايير محدّدة، لإيقاف تطبيقه، وكلّها، تتوافق مع القوانين الدولية الخاصة بسورية، وإيقاف الحروب والانتقال إلى حكومةٍ ذات مصداقية، وقد كرّر الأمر ذاته الساسة الأميركان بعد إقرار القانون، ولكن عبثاً.
سيدخل القانون حيز التنفيذ الآن، وسيكون عصا غليظة بيد الأميركان، وسيحاصر كل حلفاء النظام السوري، وبدءاً بروسيا وإيران وحزب الله، وسيلاحق كل أشكال العلاقات مع النظام، العلنية والخفية؛ فأميركا أصبحت لديها خبرة كافية، عن تلك العلاقات، وهي ترصدها جيداً، وبالتالي سيتدهور الوضع السوري برمته، المتأزم أصلاً، وبدأت تباشير ذلك بمظاهراتٍ مطلبيةٍ في سببها الرئيسي، وتتضمن شعاراتٍ تطالب بإخراج القوات الأجنبية، ولا سيما الإيرانية
والروسية. روسيا بذلك تتحوّل إلى عدوٍ للسوريين، وغداً ستزداد المظاهر الاحتجاجية ضدها، وقد تتخذ أشكالاً عنفية، خصوصاً أن قواتها ومصالحها أصبحت واسعة وممتدة، ويسهل استنزافها.
تشمل بنود قانون قيصر، بصفة خاصة، التشدّد إزاء التمويل لمشاريع إعادة الإعمار، وطبعاً ستتوقف أموال المساعدات البسيطة للأهالي، والتي كان النظام يصادرها، وطبعاً تتشدّد ضد مختلف أوجه الحياة الاقتصادية، ولن تشمل فقط المؤسسات التابعة للنظام أو أعوانه، وطبعاً ستتأثر بها كذلك المواد الغذائية والدوائية، والتي لا يشملها القانون؛ حيث من غير الممكن أن تُستثنَى بشكلٍ دقيق، وليس من موظفين أميركان على الحدود السورية لمراقبة عمليات التجارة، وسواها، وبالتالي أغلب الظن أن تلك المعفية ستتعرّض للعقوبات بدورها.
خطورة هذا القانون أنه يأتي في لحظةٍ حساسةٍ في تاريخ النظام، وروسيا وإيران، فالدولتان محاصرتان ومعاقبتان، ولديهما أزمات اقتصادية واجتماعية كبيرة، والنظام أَفرغ خزائن بلاده من المال والثروات، والاقتصاد شبه متوقف فيه، بفعل سياساته الفاشلة منذ 2011، وقبل ذلك. وبالتالي ستكون للقانون آثار كبيرة على مختلف أوجه النظام، وكل منها سيؤثر على الوجه الآخر، وسيكون النظام أمام انهيار عام. وحتى شعبياً، وهناك مؤشرات على تمرّدٍ أوسع، وهذا يعني أن الوضع في أزمة كبيرة، ويتطلب تسوية كبيرة أو حلاً، يتجاوز النظام الحالي بالضرورة.
لا تعني الإشارة هنا إلى وضع النظام أنه ما زال فاعلاً، بل القضية تكمن عند الروس. وسعوا أخيرا من سيطرتهم العسكرية والاقتصادية، وأرسلوا مبعوثاً رئاسياً بمثابة مندوبٍ سامٍ، ولكن ذلك لم يوقف قانون قيصر، وربما ستجد نفسها "عاريةً" على الرغم من كل وجودها في سورية، فهي لا تستطيع الاستفادة من مناطق سيطرتها في سورية، ولا تشغيل استثماراتها،
وحتى إخضاعها النظام السوري، لن تستفيد منه. إذاً سيكون عليها، وحينما يدخل القانون حيز التنفيذ، وتتالى حزم العقوبات ومراقبة التطبيق، أن ترى بأم العين أنها أضاعت فرصاً كثيرة للتسوية من قبل، وتعقدت التسوية ذاتها، وقد أصبحت أميركا تشرف، وبشكل مباشر على كل ما يخص علاقات النظام السوري مع العالم، وكذلك في شكل سيطرته على الشعب السوري.
لا ريب في أن النظام هو من أتى بقانون قيصر، بتجاهله، لحظة إقراره، ولحظة تطبيقه، وهو المسؤول عن كل مآلات الوضع السوري، قبل 2011 وبعدها. هذا ما لا جدال فيه، وهو يتحمّل مسؤولية وجود هذا القانون وإقراره، بل ونتائج تطبيقه. ولكن أيضاً، لا يمكننا إشاحة العقل والعين عن آثاره التي ستكون بأغلبيتها من نصيب الشعب. ربما سيستطيع النظام تفادي الآثار عليه، ولكنه، وباعتباره أصبح تابعاً، سينتظر قرار الروس بخصوصه، وهذا أكثر ما يخيفه، وسيتضاعف الأمر في المستقبل. قرار بوتين هو الحاسم في كل تطورات الوضع السوري. من هنا، علينا التدقيق في آثار "قيصر"، حيث ستكون نتائجه كارثية، وبالتالي سيحاول الروس في مقبل الأيام والأشهر البحث عن تسويةٍ، تضمن مصالحهم، وسيكون المحور فيها إخراج الأسد من السلطة.
الآن، ماذا تفعل المعارضة السورية؟ وفقاً للمتداول في وسائل التواصل الاجتماعي، وآراء هنا وهناك، فهي لا تعي خطورة القانون على الشعب، وتتوهم أن جمعية خيرية اسمها أميركا، ستنفذ القانون ضد النظام ولصالح الشعب بطريقة "شيل الشعر من العجين"، فالآثار على النظام والفوائد للشعب، وعدم إيقاع الظلم عليه. هذا التفكير بائس بامتياز، ولا يعي مصالح الدولة الأميركية، والتي لا تُقرأ من زاوية مصالح الشعوب، لا من قريب ولا بعيد؛ ولو كانت كذلك، لأجبرت النظام وروسيا على عقد تسويةٍ وتطبيق القرارات الدولية الكثيرة من قبل.
القانون سيطبق، ولن يتمكّن النظام من الالتفاف عليه عبر لبنان أو إدلب ومناطق قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وكذلك لن تتمكّن روسيا وإيران المتوقفتان عن إمداده من قبل بالمال أو الغذاء والنفط، مساعدته في مواجهة آثار القانون. في كل الأحوال، آثار القانون، وقبله سياسات النظام والروس الفاشلة، بدأت تظهر، فهناك تفكّك في العائلات الحاكمة، وهناك انهيار للعملة،
وكذلك اندلاع التظاهرات، وسيكون الأمر أعقد فأعقد في الأشهر المقبلة.
تطبيق القانون يجب أن يترافق مع حملة مناهضة له، ودفع الأمور نحو تسويةٍ سياسية، ومحاولة إعفاء الأغذية والأدوية وأموال التحويلات للوصول إلى أغلبية الناس. هذا ليس سهلاً، ولكنه أيضاً مهمة تقع على عاتق السوريين. النظام لن يهتم بهذه المهمات، فهو معني بالتمديد لنفسه عبر الروس فقط، ولن ينجح هذه المرّة كما يبدو.
الأساسي، في لحظتنا الراهنة، تقديم مبادرات للخروج من الوضع السوري، وهي مهمة الفئات المنشغلة بالهم الوطني، وبكيفية الخروج من الأزمات التي أصبحت عليها سورية، والتي تبدأ بالاحتلالات وبقانون قيصر وبأزمات معقدة، تتناول كل أوجه الحياة السورية، فهل تعي الإدارة الروسية حجم تلك الأزمات، وإمكانية ان تُدخِل نفسها بالمستنقع، بدلاً من السير بتسويةٍ. كل تأخير في إجراء التسوية سيقود نحو مواجهاتٍ عنفية، وسترسل بموجبها جنودها قتلى إلى بلادها.
نعم الوضع السوري يمر بمرحلةٍ جديدة، وهو قابلٌ للحل وقابل للتفاقم. بوتين هو المايسترو في ذلك كله... تأييد المظاهرات المتجدّدة قضية أساسية حالياً، وتأييد البعد الوطني فيها بالتحديد، وأيضاً دعمها لتتجذر وطنياً واجتماعياً وسياسياً؛ هي واحدة من القضايا التي لم تفهمها الفئات المتنفذة في المعارضة، وصار عليها أن تتعلم أن الشعب لا يطالب بالحرية فقط، بل يطالب بها، وبوطنٍ حر، وبعدالة اجتماعية، وبديموقراطية مواطنية، وبرفض كل شكل من أشكال التمييز، فكيف لا نرفض "قيصر"، وكل أشكال التدخل في سورية، وقد رفضنا قبلهما النظام ذاته؟!
تم إقرار قانون روسيا في 2019، ولم تعط روسيا أهمية تذكر، لم تول أهمية حقيقية لتدهور الوضع السوري برمته، فليس فقط تركيا وإيران وأميركا في سورية وتعمل من أجل مصالحها، بل وهناك تفكك عائلات السلطة الحاكمة وفسادها ونهبها. ذلك كله، ومع التحذيرات الأميركية المستمرّة بضرورة إخراج إيران من سورية، بل وموافقتها على إخراج قواتها إن خرجت إيران. على الرغم من ذلك، تابعت روسيا تجاهلها، وكأن بوتين مجرّد دكتاتور غبي، ولا يعرف مصلحته، ويقود نفسه إلى التهلكة. نهاية استخفاف الروس كانت مع اقتراب موعد تطبيق قانون قيصر غدا (17/6/2020) والذي يضع معايير محدّدة، لإيقاف تطبيقه، وكلّها، تتوافق مع القوانين الدولية الخاصة بسورية، وإيقاف الحروب والانتقال إلى حكومةٍ ذات مصداقية، وقد كرّر الأمر ذاته الساسة الأميركان بعد إقرار القانون، ولكن عبثاً.
سيدخل القانون حيز التنفيذ الآن، وسيكون عصا غليظة بيد الأميركان، وسيحاصر كل حلفاء النظام السوري، وبدءاً بروسيا وإيران وحزب الله، وسيلاحق كل أشكال العلاقات مع النظام، العلنية والخفية؛ فأميركا أصبحت لديها خبرة كافية، عن تلك العلاقات، وهي ترصدها جيداً، وبالتالي سيتدهور الوضع السوري برمته، المتأزم أصلاً، وبدأت تباشير ذلك بمظاهراتٍ مطلبيةٍ في سببها الرئيسي، وتتضمن شعاراتٍ تطالب بإخراج القوات الأجنبية، ولا سيما الإيرانية
تشمل بنود قانون قيصر، بصفة خاصة، التشدّد إزاء التمويل لمشاريع إعادة الإعمار، وطبعاً ستتوقف أموال المساعدات البسيطة للأهالي، والتي كان النظام يصادرها، وطبعاً تتشدّد ضد مختلف أوجه الحياة الاقتصادية، ولن تشمل فقط المؤسسات التابعة للنظام أو أعوانه، وطبعاً ستتأثر بها كذلك المواد الغذائية والدوائية، والتي لا يشملها القانون؛ حيث من غير الممكن أن تُستثنَى بشكلٍ دقيق، وليس من موظفين أميركان على الحدود السورية لمراقبة عمليات التجارة، وسواها، وبالتالي أغلب الظن أن تلك المعفية ستتعرّض للعقوبات بدورها.
خطورة هذا القانون أنه يأتي في لحظةٍ حساسةٍ في تاريخ النظام، وروسيا وإيران، فالدولتان محاصرتان ومعاقبتان، ولديهما أزمات اقتصادية واجتماعية كبيرة، والنظام أَفرغ خزائن بلاده من المال والثروات، والاقتصاد شبه متوقف فيه، بفعل سياساته الفاشلة منذ 2011، وقبل ذلك. وبالتالي ستكون للقانون آثار كبيرة على مختلف أوجه النظام، وكل منها سيؤثر على الوجه الآخر، وسيكون النظام أمام انهيار عام. وحتى شعبياً، وهناك مؤشرات على تمرّدٍ أوسع، وهذا يعني أن الوضع في أزمة كبيرة، ويتطلب تسوية كبيرة أو حلاً، يتجاوز النظام الحالي بالضرورة.
لا تعني الإشارة هنا إلى وضع النظام أنه ما زال فاعلاً، بل القضية تكمن عند الروس. وسعوا أخيرا من سيطرتهم العسكرية والاقتصادية، وأرسلوا مبعوثاً رئاسياً بمثابة مندوبٍ سامٍ، ولكن ذلك لم يوقف قانون قيصر، وربما ستجد نفسها "عاريةً" على الرغم من كل وجودها في سورية، فهي لا تستطيع الاستفادة من مناطق سيطرتها في سورية، ولا تشغيل استثماراتها،
لا ريب في أن النظام هو من أتى بقانون قيصر، بتجاهله، لحظة إقراره، ولحظة تطبيقه، وهو المسؤول عن كل مآلات الوضع السوري، قبل 2011 وبعدها. هذا ما لا جدال فيه، وهو يتحمّل مسؤولية وجود هذا القانون وإقراره، بل ونتائج تطبيقه. ولكن أيضاً، لا يمكننا إشاحة العقل والعين عن آثاره التي ستكون بأغلبيتها من نصيب الشعب. ربما سيستطيع النظام تفادي الآثار عليه، ولكنه، وباعتباره أصبح تابعاً، سينتظر قرار الروس بخصوصه، وهذا أكثر ما يخيفه، وسيتضاعف الأمر في المستقبل. قرار بوتين هو الحاسم في كل تطورات الوضع السوري. من هنا، علينا التدقيق في آثار "قيصر"، حيث ستكون نتائجه كارثية، وبالتالي سيحاول الروس في مقبل الأيام والأشهر البحث عن تسويةٍ، تضمن مصالحهم، وسيكون المحور فيها إخراج الأسد من السلطة.
الآن، ماذا تفعل المعارضة السورية؟ وفقاً للمتداول في وسائل التواصل الاجتماعي، وآراء هنا وهناك، فهي لا تعي خطورة القانون على الشعب، وتتوهم أن جمعية خيرية اسمها أميركا، ستنفذ القانون ضد النظام ولصالح الشعب بطريقة "شيل الشعر من العجين"، فالآثار على النظام والفوائد للشعب، وعدم إيقاع الظلم عليه. هذا التفكير بائس بامتياز، ولا يعي مصالح الدولة الأميركية، والتي لا تُقرأ من زاوية مصالح الشعوب، لا من قريب ولا بعيد؛ ولو كانت كذلك، لأجبرت النظام وروسيا على عقد تسويةٍ وتطبيق القرارات الدولية الكثيرة من قبل.
القانون سيطبق، ولن يتمكّن النظام من الالتفاف عليه عبر لبنان أو إدلب ومناطق قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وكذلك لن تتمكّن روسيا وإيران المتوقفتان عن إمداده من قبل بالمال أو الغذاء والنفط، مساعدته في مواجهة آثار القانون. في كل الأحوال، آثار القانون، وقبله سياسات النظام والروس الفاشلة، بدأت تظهر، فهناك تفكّك في العائلات الحاكمة، وهناك انهيار للعملة،
تطبيق القانون يجب أن يترافق مع حملة مناهضة له، ودفع الأمور نحو تسويةٍ سياسية، ومحاولة إعفاء الأغذية والأدوية وأموال التحويلات للوصول إلى أغلبية الناس. هذا ليس سهلاً، ولكنه أيضاً مهمة تقع على عاتق السوريين. النظام لن يهتم بهذه المهمات، فهو معني بالتمديد لنفسه عبر الروس فقط، ولن ينجح هذه المرّة كما يبدو.
الأساسي، في لحظتنا الراهنة، تقديم مبادرات للخروج من الوضع السوري، وهي مهمة الفئات المنشغلة بالهم الوطني، وبكيفية الخروج من الأزمات التي أصبحت عليها سورية، والتي تبدأ بالاحتلالات وبقانون قيصر وبأزمات معقدة، تتناول كل أوجه الحياة السورية، فهل تعي الإدارة الروسية حجم تلك الأزمات، وإمكانية ان تُدخِل نفسها بالمستنقع، بدلاً من السير بتسويةٍ. كل تأخير في إجراء التسوية سيقود نحو مواجهاتٍ عنفية، وسترسل بموجبها جنودها قتلى إلى بلادها.
نعم الوضع السوري يمر بمرحلةٍ جديدة، وهو قابلٌ للحل وقابل للتفاقم. بوتين هو المايسترو في ذلك كله... تأييد المظاهرات المتجدّدة قضية أساسية حالياً، وتأييد البعد الوطني فيها بالتحديد، وأيضاً دعمها لتتجذر وطنياً واجتماعياً وسياسياً؛ هي واحدة من القضايا التي لم تفهمها الفئات المتنفذة في المعارضة، وصار عليها أن تتعلم أن الشعب لا يطالب بالحرية فقط، بل يطالب بها، وبوطنٍ حر، وبعدالة اجتماعية، وبديموقراطية مواطنية، وبرفض كل شكل من أشكال التمييز، فكيف لا نرفض "قيصر"، وكل أشكال التدخل في سورية، وقد رفضنا قبلهما النظام ذاته؟!