مرة أخرى يتجدد الحديث عن مخالفة النظام المصري لمواد دستور عام 2014، والمعدل في عام 2019، من خلال إقرار اتفاقيات تتعلق بتعيين حدود الدولة البحرية، من دون عرضها على مجلس النواب، وأخذ موافقته قبل اعتمادها، وهو سيناريو متكرر منذ توقيع الرئيس عبد الفتاح السيسي اتفاقاً إطارياً مع قبرص واليونان لتعيين الحدود البحرية عام 2014، بغرض الانتقاص من المياه الاقتصادية لتركيا لحساب اليونان، الأمر الذي دفع أنقرة لعدم الاعتراف بها. ونصت المادة 151 من الدستور المصري على أن "يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً لأحكام الدستور. ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف، وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة. وفي جميع الأحوال، لا يجوز إبرام أي معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة".
ووقع وزير الخارجية المصري سامح شكري، ونظيره اليوناني نيكوس دنديناس، مساء الخميس، اتفاقاً لترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان، بعد سنوات من التفاوض والإعداد لهذه الخطوة، التي من شأنها إثارة مزيد من الأزمات في منطقة شرق البحر المتوسط، بين مصر واليونان وقبرص من جهة، وتركيا من جهة أخرى، لا سيما أنّ أنقرة لا تعترف بترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص، وكذلك بين الأخيرة واليونان، لوجود نزاع بينها وبين الأخيرة على العديد من الجزر.
ليست المرة الأولى التي تتجاهل فيها السلطة التنفيذية، البرلمان
في السياق نفسه، قال مصدر برلماني مصري لـ"العربي الجديد"، إنها ليست المرة الأولى التي تتجاهل فيها السلطة التنفيذية نظيرتها التشريعية، بعدم عرض الاتفاقيات الهامة على مجلس النواب قبل اعتمادها، مستشهداً بتوقيع الحكومة اتفاقيات عدة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قروض بلغ مجموعها نحو 20 مليار دولار قبل عرضها على البرلمان، وكذلك بتوقيع رئيس الجمهورية اتفاق المبادئ مع إثيوبيا والسودان حول سد النهضة عام 2015.
وأشار المصدر إلى أهمية ردّ حكومة بلاده على ما ذكرته الخارجية التركية، بشأن تنازل مصر عن 11500 كيلومتر من مياهها الإقليمية لصالح اليونان في الاتفاقية الجديدة لتعيين الحدود البحرية بين البلدين، وعدم الاكتفاء بتغريدة المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد حافظ، والتي أبدى فيها استغرابه من الرفض التركي لاتفاقية تعيين المنطقة الاقتصادية البحرية بين مصر واليونان، على الرغم من عدم اطلاع أنقرة على الاتفاق وتفاصيله.
واعتبرت تركيا أن الاتفاق الذي وقعته مصر واليونان "في حكم العدم" بالنسبة لها، قائلةً إنّ "المنطقة المحددة ضمن الاتفاق المصري اليوناني تقع في منطقة الجرف القاري التركي، كما أنّ الاتفاقية تخالف الحقوق البحرية الليبية". وأضافت أنها "ستوجه بلاغاً بهذا الشأن إلى الأمم المتحدة، حيث لدى أنقرة حقوق ومصالح مشروعة في المنطقة المحددة في الاتفاقية، وستواصل مع القبارصة الأتراك الدفاع عن هذه المنطقة بحزم سواء في المفاوضات أو في الميدان".