هل يغير برنامج عن الحب الصورة النمطية للعربي؟

23 اغسطس 2014
فريق العمل في الدوحة (العربي الجديد)
+ الخط -
رحلة صديقين عبر خمسة بلدان عربية، بحثاً عن الحب والسلام، هذه هي باختصار فكرة البرنامج الذي بدأ بثّه اخيرا على شاشة القناة البلجيكية الثانية، "Canvas"، تحت عنوان: "الحب العربي". 

فكرة البرنامج جديدة وغير مسبوقة، وخصوصاً في الإعلام الغربي، وتحمل الكثير من الطرافة في الآن ذاته؛ إذ يصطحب الإعلامي البلجيكي الشاب، ذو الأصل الفلسطيني، مجد خليفة، صديقه المخرج التسجيلي البلجيكي، سنا دهاندسختر، إلى عدد من بلدان العالم العربي بحثاً عن "حبيبة" للأخير. وعبر حلقات السلسلة التلفزيونية الخمس، يتم تناول بلد عربي في كل حلقة، فنرى الصديق ذا الأصل الفلسطيني يحاول تعريف صديقه البلجيكي بخصوصية كل بلد عربي، وما يتميّز به ثقافياً واجتماعياً.
الجديد في البرنامج، الذي تزامن بثّه مع صدور كتاب يتضمن حكاياته التي جمعها من البلدان العربية، أنه يقدم العالم العربي بصورة مختلفة وغير مسبوقة للمتلقي الغربي، الذي تعوّد على صور الحروب والنزاعات المسلحة في هذه البقعة من العالم، وخصوصاً في الآونة الأخيرة. تغوص كاميرا البرنامج في المجتمعات العربية للبلدان الخمسة، وهي لبنان وقطر وتونس والمغرب ومصر.
وفي حين تبدأ الرحلة في أولى حلقات البرنامج في لبنان، يقوم مجد خليفة بتقديم تصوّر مبدأي لصديقه البلجيكي عن المجتمع اللبناني، قائلاً إن لبنان يعتبر من أكثر البلدان العربية ليبرالية وتحرراً، إلا أنه يعاني في الوقت ذاته من مشاكل عديدة في ما يخص النزاعات العرقية والطائفية وتعدّد الهويات الدينية لسكانه، وهو ما يصطدم به الصديق البلجيكي، الباحث عن الحب في حواره مع فتيات بيروت. إحدى الفتيات تؤكد له ما سبق وشرحه خليفة، إذ تبلغه بأنها من الصعب أن ترتبط برجل لبناني مسلم إن كانت هي مسيحية أو العكس، وبالتالي فارتباطها بشاب أوروبي ومن غير دينها سيكون من المستحيلات. لكن الأمر ليس نفسه بالنسبة إلى فتاة أخرى أكثر انفتاحاً، إذ تؤكد له أن الأمر ليس من المستحيلات، وأن حدوثه وارد ومتكرر، غير أن العديد من الأسر اللبنانية سترفض الفكرة أكثر من الفتاة نفسها، فهي في النهاية عقليات مختلفة عانت من الحرب الأهلية التي تركت آثارها عميقاً في أعماقها.
الصديق البلجيكي، الباحث عن الحب في العالم العربي، سنا دهاندسختر، لم يصبه اليأس بعد، فيلجأ إلى إحدى الفتيات التي تشجعه على الذهاب معها إلى أحد بارات شارع الحمرا لتعرّفه إلى واحدة من الفتيات الكثيرات هناك، وهناك يكتشف سنا أن لبنان أكثر تحرراً من أميركا، حين يشاهد رواد البار يقفون في الشارع يشربون البيرة ويدخنون. لكن هذه الليبرالية والانفتاح المجتمعي للبنان ينتهيان حين يتعلّق الأمر بعلاقة تربط بين شخصين لكل منهما هوية دينية تختلف عن الآخر، وهو ما يكتشفه سريعاً الباحث عن الحب، حين يفشل في التعرف إلى فتاة لبنانية تقبله كحبيب، لتنتهي الحلقة الأولى من البرنامج.
في الحلقة الثانية، يحطّ الصديقان رحالهما في قطر، وهناك يكتشفان أن البلد العربي الصغير ليس في مأمن من العقبات المماثلة لما كان عليه الحال في بيروت، وهو ما تجلّى واضحاً في حوار الصديقين مع إحدى النساء القطريات حين سألها الشاب البلجيكي: "هل تعتقدين أنني أملك الفرصة هنا في قطر للعثور على الحب مع امرأة قطرية"؟ فأجابته قائلة: "بالطبع لا، حتى لو كنت رجلاً عربياً تحمل جنسية بلد عربي آخر، سيكون من المستحيل أن تعثر على امرأة قطرية ترتضي الزواج منك". ويحاول الصديقان الحديث إلى الجيل الجديد من القطريين، فيقرران الذهاب إلى جامعة الدوحة، وهناك يتحدثان مع عدد من الشبان والفتيات لتواجههما العقبات الرئيسية في فكرة الارتباط ذاتها، ومن أهمها الاختلافات العديدة التي ستغلّف أي علاقة من هذا النوع، كالمستوى المادي والاختلاف الثقافي والديني والعرقي، إلى آخره.
الفشل الثاني يدفع الصديقين إلى زيارة بلد عربي آخر، وهذه المرة يقع اختيارهما على تونس، التي ستكون عنوان الحلقة المقبلة من الرحلة التي ستمتد إلى المغرب ومصر في الحلقات المقبلة. نهاية الرحلة ونتائجها، وما إذا كان الصديقان سيعودان إلى بلجيكا ظافرين بـ"الحب"، لا تزال غير معلومة، لكن طياتها تحمل رسائل مختلفة إلى المتلقي الغربي، الذي لا يرى من المجتمعات العربية سوى ما تنقله نشرات الأخبار من دمار واقتتال.
دلالات
المساهمون