عاد نجل معمر القذافي، سيف الإسلام القذافي، إلى الواجهة مجددا، منذ أسبوعين، بعد إعلان كتيبة موالية للواء المتقاعد خليفة حفتر بالزنتان عن إطلاق سراحه بشكل مفاجئ ولافت، وسط تساؤلات عن أسباب ودوافع وتوقيت هذا الإعلان. وفيما يبقى مكان تواجد سيف الإسلام، مجهولاً حتى اللحظة، بدأت تظهر مؤشرات عن احتمال تحالفه مع الجنرال المتقاعد خليفة حفتر.
سيف الاسلام، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية منذ 2011، على خلفية تهم تتعلق بإصدار أوامر لقتل المتظاهرين والتحريض على الإبادة الجماعية وإذكاء الحرب الأهلية، وإساءة التصرف في المال العام، وغيرها من التهم، أعلن البرلمان المنعقد في طبرق وحكومته، في الآونة الأخيرة، أنه مشمول بقانون العفو العام الصادر عنه في يوليو/تموز 2015. لكن اللافت، بحسب مراقبين، عدم حديث أو إشارة البرلمان وحكومته إلى شرائح أخرى من المجتمع يشملها القانون، والتركيز فقط على ضرورة إطلاق سراح القذافي الابن، الذي زاره قبل أيام من إطلاق سراحه نائب وزير العدل في الحكومة.
وعلى الرغم من مرور عشرة أيام على إعلان إطلاق سراحه، إلا أن مصيره لا يزال مجهولا حتى الآن، وسط تسريبات بوجود ترتيبات تجري في الخفاء بينه وبين مؤيديه من جهة، وبين معسكر حفتر من جهة أخرى، ضمن صفقة سياسية جديدة لدعم تيار اللواء المتقاعد المتهاوي سياسيا مع قرب انتهاء ولاية البرلمان، الذي يوفر له الواجهة السياسية، بحكم انتهاء مدة الاتفاق السياسي نهاية هذا العام.
وبدأ التقارب المعلن بين عناصر النظام السابق وحفتر بإعلان أحمد سيد قذاف الدم، أبرز رموز النظام السابق الفاعلة حتى الآن خارج البلاد، عن تأييد أسرة القذافي لحفتر، إذ نقل، خلال لقاء صحافي أجرته معه صحيفة "ذا تايمز" نهاية مايو/أيار الماضي، رغبة الأسرة في العودة إلى ليبيا حال نجاح اللواء المتقاعد في الوصول إلى الحكم، مما قد يشير بالفعل إلى وجود صفقة بين الطرفين.
المسؤول عن حماية سيف الإسلام في الزنتان، العجمي العتيري، آمر "كتيبة أبوبكر الصديق" التابعة لحفتر، عكست تصريحاته لقناة "فرانس 24"، عن رغبة معسكر حفتر في التحالف مع مؤيدي النظام السابق، إذ قال: "أغلب الليبيين يحنّون إلى النظام السابق، حتى من خرجوا ضده"، معتبراً أن "سيف الإسلام القذافي سيكون له دور كبير فى توحيد الصف الليبي".
وقبل الإعلان عن إطلاق نجل القذافي بيوم واحد، طالب رئيس البرلمان، عقيلة صالح، خلال كلمة ألقاها في وفد قبلي من شرق البلاد، كان يضم وجوها من قبيلة البراعصة، أخوال سيف الإسلام، بضرورة "الإفراج عن كل مقبوض عليه بدون وجه حق، أو محجوز في مكان غير مخصص لذلك طبقاً للقانون، وتنفيذ قانون العفو العام على من ينطبق عليه"، مضيفا أن "الوطن في حاجه إلى أبنائه المخلصين لانتشاله من محنته وإنقاذه من مصير يُساق إليه لتدميره وضياع مستقبله".
ووفق محللين للشأن الليبي، فإن مساعي معسكر حفتر، الذي يعيش حالة تخبط كبيرة بحثا عن طوق نجاة، بات يرى في سيف القذافي الملجأ الذي سيمكنه من إطالة أمد بقائه في المشهد.
ويعتبر مراقبون أن حفتر يسعى، من خلال سيف الإسلام، إلى الاستفادة من التأييد الشعبي الذي يحظى به في غرب البلاد، خصوصا أنه على اتصال كبير، طيلة السنوات السبع الماضية، بشرائح عديدة من مؤيديه هناك.
ويعتبر الجزء الغربي من البلاد، المنطقة الوحيدة التي لم تسقط في يد حفتر بعد سيطرته شبه الكاملة على الجنوب الليبي، مطلع الشهر الجاري.
ويتوفر غرب البلاد على كتل سياسية وعسكرية، لاسيما في طرابلس، التي توجد فيها حكومة الوفاق المناوئة لحفتر، وتملك كتائب عسكرية قوية، فيما تعد مصراتة أكبر المناطق ثقلا سياسيا وعسكريا مضادا لمساعي اللواء المتقاعد، مما يعني صعوبة أي عمل عسكري له للسيطرة عليها.
ويبدو أن حفتر وحلفاءه يسعون إلى الاستفادة من القبائل المؤيدة لنجل القذافي، والتي لم توال اللواء المتقاعد حتى الآن، مثل ورفلة وترهونة وورشفانة، وهي أكبر مناطق غرب البلاد، لدعم أي تحرك عسكري باتجاه المنطقة.
وعلى ما يبدو، فإن سيف القذافي سيعمل على تكثيف اتصالاته بالقبائل المؤيدة لنظام والده. وهذا ما تعبر عنه تصريحات قذاف الدم، أبرز وجوه قبيلة القذاذفة، والذي دعا الليبيين إلى "التلاحم والتوافق على سيف القذافي"، مطالباً نجل القذافي بأن يقود "المصالحة الوطنية بين الليبيين من دون تمييز".
وكشف قذاف الدم، عبر صفحته على "فيسبوك"، الجمعة الماضية، عن أن "سيف كان يدير الحوار مع كل الأطراف منذ الأيام الأولى للثورة"، مضيفا "حرصاً منا على اللحمة الوطنية وتجاوز الأزمة، ونحن في هذا الموقف المتأزم الذي ساهمت فيه أطراف عربية ودولية، فإنني أطلب من ابن أخي سيف الإسلام أن يقود المصالحة الوطنية".